انقسام حاد في صفوف حزب أردوغان

عربي ودولي

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية


رأت كارلوتا غال، مراسلة صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، أن الجهود الأخيرة التي بذلها حزب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لإلغاء خسارته في الانتخابات البلدية الأخيرة لمدينة اسطنبول، قد فتحت الباب لانقسامات واسعة داخل صفوف الحزب الحاكم وكذلك مع حلفائه القوميين المتطرفين، فضلاً عن تعرض أردوغان لهجوم غير معتاد.

وتُشير المراسلة في تقريرها إلى أن مثل هذه التوترات، بما في ذلك الاعتداء الجسدي "الشنيع" على أحد نواب المعارضة، يؤكد حجم الضربة القاسية التي ألحقتها خسارة حزب العدالة والتنمية للانتخابات في اسطنبول بنفوذ أردوغان الذي كان يبدو حصناً منيعاً في السابق.

مخاطرة شديدة
ويوضح التقرير أنه للمرة الأولى خلال 25 عاماً، منذ فوز أردوغان بالسلطة كعمدة لبلدية اسطنبول في عام 1994، يفقد الأخير أو حزبه الحاكم العدالة والتنمية السيطرة والنفوذ على مدينته والقاعدة التي انطلقت منها سلطته، إلى جانب أربع مدن رئيسية أخرى بما في ذلك العاصمة أنقرة. 

وتقدم حزب العدالة والتنمية بالتماس استثنائي لإلغاء انتخابات اسطنبول وإجراء انتخابات جديدة، ولكن الحزب لايزال منقسماً حول أفضل الطرق للمضي قدماً.

ويحذر مؤيدو ومعارضو حزب أردوغان من أن إلغاء الانتخابات لايزال ينطوي على مخاطر شديدة في الوقت نفسه، وربما يقود إلى مضاعفة التداعيات السياسية بالنسبة إلى أردوغان؛ لاسيما أن النزاع التي استمر ثلاثة أسابيع حول نتائج الانتخابات لم يسفر عن إرجاء تداعيات الأزمة الاقتصادية في تركيا، كما يتوقع السياسيون والمحللون من جميع الأطراف أن تقود إعادة الانتخابات إلى فوضى اجتماعية.

انهيار الاقتصاد التركي
وعلاوة على ذلك، ثمة مخاوف من قيام أنصار المعارضة، الذين تولى مرشحهم أكرم إمام أوغلو منصب رئيس بلدية اسطنبول، باحتجاجات في حال إعادة الانتخابات، وهو ما يثير أيضاً، بحسب المراسلة، احتمال حدوث المزيد من القمع والمشاحنات القانونية، وقد يؤدى ذلك إلى صراع طويل يسفر عن انهيار آخر للثقة بالاقتصاد التركي.

وخلال هذا الأسبوع، انخفضت قيم العملة التركية إلى أدنى مستوياتها بعدما فقدت 30% من قيمتها في العام الماضي، وسجلت يوم أمس الخميس 5.9 ليرات للدولار الأمريكي. 

وقد ارتفعت معدلات البطالة إلى قرابة 14%، واستنزفت حكومة أردوغان احتياطيات البلاد لدعم العملة خلال الفترة التي سبقت انتخابات 14 مارس(آذار).

ويؤكد تقرير "نيويورك تايمز" أن أردوغان قد تعرض لهجوم من داخل حزبه، الأمر الذي يكشف عن العداوات التي ينطوي عليها حكمه الرئاسي الاستبدادي المتزايد للبلاد.

أطماع أردوغان وصهره
وكان وزير الخارجية السابق، أحمد داوود أوغلو، قد أصدر بياناً علنياً انتقد فيه طريقة تعامل الحكومة التركية مع الأزمة الاقتصادية، وكذلك النظام الرئاسي الجديد الذي منح أردوغان سلطات مطلقة. 

ووجه أوغلو انتقادات قاسية للدائرة الداخلية المحيطة بالرئيس أردوغان ووصفها بأنها "ترى نفسها فوق لجان حزب العدالة والتنمية وتسعى إلى إدارة الحزب باعتباره هيكلاً موازياً". 

وشدد أوغلو في بيانه على أنه لا يمكن التضحية بالبلاد في سبيل فئة وقعت أسيرة لأطماعها الشخصية وباتت تتبع مصالحها الذاتية.

وترى المراسلة أن الدائرة المقربة لأردوغان تسعى بقوة لإعادة الانتخابات في اسطنبول؛ خاصة أن هذه المدينة على وجه التحديد كانت مصدر القوة والمكانة والنفوذ والثروة للرئيس وعائلته وزمرته الحاكمة، وهذه المجموعة يقودها صهره بيرات البيرق، البالغ من العمر 41 عاماً وتمت ترقيته إلى منصب وزير المالية والخزانة العام الماضي، ويلعب أيضاً وزير الداخلية سليمان صويلو (49 عاماً) دوراً قوياً في هذه المجموعة.

وتطرقت اتهامات أوغلو، وهو إيديولوجي كاريزمي تم تهمشيه بعدما طرده أردوغان من حكومته في عام 2016، إلى تحالف أردوغان مع حزب الحركة القومية في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التي أجريت العام الماضي وفي الانتخابات المحلية خلال الشهر الماضي.

معركة داخل الحزب الحاكم
ويحض دولت بهجلي، زعيم حزب الحركة القومية، المجلس الأعلى للانتخابات لإصدار قرار بإعادة الانتخابات في اسطنبول باعتباره من أساسات البقاء الوطني. وتصاعدت التوترات إلى ذروتها في نهاية الأسبوع الماضي عندما تم الاعتداء على كمال كليجدار أوغلو زعيم حزب الشعب الجمهوري المعارض أثناء جنازة للجنود الأتراك من قبل بعض الجماهير عقب مراسم الصلاة، مما أصاب العديد من الأتراك بالذهول بسبب القومية القبيحة التي جسدها هذا الاعتداء.

وبحسب تقرير الصحيفة الأمريكية، تبين أن الرجل الذي قام بتوجيه اللكمات إلى كليجدار أوغلو عضو في حزب أردوغان وكان قد توعد بتأديبه. وعلى جانب آخر زعم كليجدار أن هذا الهجوم كان مخططاً له سلفاً واستهدف الضغط لكي يتراجع حزبه عن التحالف الذي حقق الفوز الواضح في انتخابات اسطنبول، حيث تضمن هذا التحالف تفاهماً ضمنياً مع حزب الشعوب الديمقراطي الموالي للأكراد الذي يتهمه أردوغان عادة بالروابط مع حزب العمال الكردستاني المصنف جماعة إرهابية.

وتختتم المراسلة تقريرها بأن الهجوم على زعيم حزب الشعب الجمهوري، بحسب محللين مقربين من الحكومة، يعكس معركة داخل التحالف الحاكم، بين أولئك الذين يرغبون في الحفاظ على المزيد من التوتر لفرض إعادة انتخابات اسطنبول، وكبار قادة الحزب الذي يسعون إلى تهدئة الأمور.