حكم الاحتفال بعيد الأم

تقارير وحوارات

بوابة الفجر

في الإسلام، لا يوجد عيد مخصص للاحتفال بالأمهات مثل عيد الأم في بعض الثقافات الأخرى. ومع ذلك، فإن التقدير والاحترام للأمهات واجب ديني عظيم في الإسلام.

يعلم الإسلام قيمة الأم وأهمية دورها في تربية الأطفال والحفاظ على الأسرة. يُوصى ببر الوالدين وإكرامهما في القرآن الكريم، حيث يقول الله تعالى في السورة الإسراء (الآية 23): "وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ۚ إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا".

وبهذا، يُعتبر احترام وتكريم الأمهات واجبًا دينيًا في الإسلام طوال العام، وليس مقتصرًا على يوم معين. يُشجع المسلمون على التعبير عن حبهم وامتنانهم لأمهاتهم ورعايتهم ودعمهم لهن في جميع الأوقات.

ومن العادات الجميلة في الإسلام، يتعلم المسلمون أن يكونوا مُطيعين ومُحسنين لأمهاتهم، وأن يفضلوا اسمهن ويراعوا مشاعرهن، ويعملوا على تسهيل حياتهن ومساعدتهن فيما يستطيعون.

إذا كنت ترغب في تكريم أمك في إطار الإسلام، يُوصى بأن تبدي لها الاحترام والتقدير طوال العام، وأن تتعامل معها بلطف ورعاية، وأن تكون لها عونًا في كل ما تحتاجه.

 عيد الأم من مظاهر تكريم الأم ولا يوجد في الشرع ما يمنع من أن تكون هناك مناسبة لذلك يعبر فيها الأبناء عن برهم بأمهاتهم؛ فإن هذا أمر تنظيمي لا حرج فيه، ومن أكثر الأسئلة المنتشرة بين الناس هل يجوز الاحتفال بعيد الأم؟ حيث يحرم المتشددون الاحتفال بعيد الأم دون سند شرعي، بينما تؤكد المؤسسات الدينية  أنه جائز شرعًا.

وجود الأم على قيد الحياة رحمة لأبنائها فهي مصدر الرحمة وفضل كبير من الله على هذه الأسرة التي يوجد فيها الأم لأن الجنة تحت قدميها، وعلى الأبناء أن يبروا بها ويوفروا لها كل سبل الراحة وطاعتها إذا أرادوا أن تمتد هذه الرحمة حتى بعد وفاتها.


حكم الاحتفال بعيد الأم

والاحتفال بـ "يوم الأم" أمرٌ جائزٌ شرعًا ولا حرج فيه، بل هو مظهرٌ من مظاهر البر والإحسان المأمور بهما شرعًا على مدار الوقت؛ قال تعالى: «وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ» [لقمان: 14]، ولا يوجد في الشرع ما يمنع من أن تكون هناك مناسبة يعبر فيها الأبناء عن برهم بأمهاتهم؛ فهذا أمرٌ تنظيميٌّ لا علاقة له بمسألة البدعة التي يدندن حولها كثير من الناس؛ فالبدعة المردودة هي ما أُحدث على خلاف الشرع؛ كما يتضح هذا جليًّا في قوله صلى الله عليه وآله وسلم: «مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ» متفق عليه، أما ما شهد الشرع لأصله فإنه لا يكون مردودًا، ولا إثم على فاعله.


هل الاحتفال بعيد الأم بدعة؟


قالت دار الإفتاء، إن من مظاهر تكريم الأم الاحتفاء بها وحسن برها والإحسان إليها، مؤكدة أنه لا يوجد في الشرع ما يمنع من أن تكون هناك مناسبة لذلك يعبر فيها الأبناء عن برهم بأمهاتهم؛ فإن هذا أمر تنظيمي لا حرج فيه.وأضافت الإفتاء في فتوى لها، أن الاحتفال بالأم لا صلة له بمسألة البدعة التي يدندن حولها كثير من الناس؛ مشددة على أن البدعة المردودة هي ما أُحدث على خلاف الشرع؛ لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ» متفق عليه من حديث أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها-، ومفهومه أن من أَحدث فيه ما هو منه فهو مقبول غير مردود.


وأكدت أن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- أقر العرب على احتفالاتهم بذكرياتهم الوطنية وانتصاراتهم القومية التي كانوا يَتَغَنَّوْنَ فيها بمآثر قبائلهم وأيام انتصاراتهم، كما في حديث الصحيحين عن عائشة -رضي الله عنها- «أن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- دخل عليها وعندها جاريتان تغنيان بغناء يوم بُعاث»، وجاء في السنة «أن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- زار قبر أمه السيدة آمنة في أَلْفَيْ مُقَنَّع، فما رُؤِيَ أَكْثَرَ بَاكِيًا مِنْ ذَلِكَ الْيَوْمِ». رواه الحاكم وصححه وأصله في مسلم.


وشددت دار الإفتاء، على أن الإسلام جاء بتكريم الإنسان من حيث هو إنسان بِغَضِّ النظر عن نوعه أو جنسه أو لونه فإنه أضاف إلى ذلك تكريمًا آخر يتعلق بالوظائف التي أقامه الله فيها طبقًا للخصائص التي خلـقه الله عليها، فكان من ذلك تكريم الوالدين اللذين جعلهما الله تعالى سببًا في الوجود، وقرن شكرهما بشكره؛ فقال تعالى: «وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ» [لقمان: 14].


وأوضحت: وجعل الأمر بالإحسان إليهما بعد الأمر بعبادته سبحانه وتعالى فقال: «وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا» [الإسراء: 23]، وكان ذلك لأن الله جعلهما السبب الظاهر في الإيجاد فكانا أعظم مظهر كوني تجلت فيه صفة الخلق، وناهيك بذلك شرفًا على شرف وتكريمًا على تكريم.


وأشارت إلى أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم- جعل الأم أولى الناس بحسن الصحبة، بل وجعلها مقدمة على الأب في ذلك؛ فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- قَالَ: «جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وآله وسلم- فَقَالَ: مَنْ أَحَقُّ النَّاسِ بِحُسْنِ صَحَابَتِي؟ قَالَ: أُمُّكَ، قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: ثُمَّ أُمُّكَ، قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: ثُمَّ أُمُّكَ، قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: ثُمَّ أَبُوكَ» متفق عليه.


ونبهت على الشرع الإسلامي قرر أن العلاقة بين الولد وأمه علاقة عضوية طبيعية؛ فلا تتوقف نسبته إليها على كونها أتت به من نكاح أو سفاح، بل هي أمه على كل حال، بخلاف الأبوة التي لا تثبت إلا من طريق شرعي.


وأفادت بأن الاحتفال بالأم لا يشكل مانعًا شرعيًّا، بل نرى في المشاركة في الاحتفاء بها نشرًا لقيمة البر بالوالدين في عصر أصبح فيه العقوق ظاهرة تبعث على الأسى والأسف، ولنا في رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- الأسوة الحسنة؛ حيث كان يحب محاسن الأخلاق ويمدحها.

دعاء رؤية الهلال واستقبال شهر رمضان.. 16 كلمة تفتح لك أبواب الخيرات
فضل شهر رمضان.. وماذا وعد الله الصائمين؟ اغتنموا 22 منحة ربانية


فضل الأم في الإسلام

عن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - قال: «قال رجل: يا رسول الله، إن لي أما وأبا، وأخا وأختا، وعما وعمة، وخالا وخالة، فأيهم أولى إلي بصلتي؟» فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "يد المعطي العليا، وابدأ بمن تعول، أمك وأباك، وأختك وأخاك، ثم أدناك أدناك».

وعن معاوية بن حيدة - رضي الله عنه - قال: «قلت: يا رسول الله»: «من أحق الناس بحسن الصحبة؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أمك"، قلت: ثم من؟، قال: "أمك " قلت: ثم من؟، قال: " أمك"، قلت: ثم من؟ قال: "ثم أبوك، ثم الأقرب فالأقرب».

وعن المقدام بن معد يكرب - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن الله يوصيكم بأمهاتكم، إن الله يوصيكم بأمهاتكم، إن الله يوصيكم بأمهاتكم، إن الله يوصيكم بآبائكم، إن الله يوصيكم بالأقرب فالأقرب».

وعن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: أتى رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله، إني أذنبت ذنبا كبيرا، فهل لي من توبة؟، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " ألك والدان؟ "، قال: لا، قال: " فلك خالة؟ "، قال: نعم، قال: " فبرها إذا». عن البراء بن عازب - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "الخالة بمنزلة الأم".


حكم بر الوالدين

وأوجب اللهُ تعالى ورسولُهُ صلى الله عليه وآله وسلم بِرَّ الوالدين والإحسان إليهما في مواضع كثيرة؛ منها قوله تعالى: «وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعۡبُدُوٓاْ إِلَّآ إِيَّاهُ وَبِٱلۡوَٰلِدَيۡنِ إِحۡسَٰنًاۚ إِمَّا يَبۡلُغَنَّ عِندَكَ ٱلۡكِبَرَ أَحَدُهُمَآ أَوۡ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَآ أُفّ وَلَا تَنۡهَرۡهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوۡلا كَرِيما وَٱخۡفِضۡ لَهُمَا جَنَاحَ ٱلذُّلِّ مِنَ ٱلرَّحۡمَةِ وَقُل رَّبِّ ٱرۡحَمۡهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرا» (الإسراء: 23، 24).

 

وقَرَنَ الله تعالى بر الوالدين بعبادته، وقرن عقوقهما بالشرك به سبحانه؛ قال تعالى: «وَاعْبُدُوا اللهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا» (النساء: 36)، وقَرَن الشكرَ لهما بشكره سبحانه وتعالى بقوله: «أَنِ ٱشۡكُرۡ لِي وَلِوَٰلِدَيۡكَ» [لقمان: 14]، وأكد على ذلك كلِّه حتى في حال أمرهما لولدهما بالشرك؛ قال تعالى: «وَإِن جَاهَدَاكَ عَلَىٰٓ أَن تُشۡرِكَ بِي مَا لَيۡسَ لَكَ بِهِۦ عِلۡم فَلَا تُطِعۡهُمَاۖ وَصَاحِبۡهُمَا فِي ٱلدُّنۡيَا مَعۡرُوفا» (لقمان: 15).وامتدح اللهُ تعالى سيدَنا يحيى عليه السلام قال: «وَبَرَّۢا بِوَالِدَيۡهِ وَلَمۡ يَكُن جَبَّارًا عَصِيّا» (مريم: 14)، وإنما لَم يأمر الوالدين بمِثل ذلك للاستغناء بالطبع عن الشرع؛ فعلاقة الوالدين بولدهما هي علاقة طَبَعِيَّة جُبِلَت عليها الفطرة السوية.حكم البر بالوالديناتفق أهل العلم على أن عقوق الوالدين من كبائر الذنوب، قال الإمام النووي: «وأجمع العلماء على الأمر ببر الوالدين، وأن عقوقهما حرامٌ من الكبائر».

والبر بالوالدين فرضُ عينٍ؛ فهو عبادةٌ لا تقبل النيابة؛ قال العلَّامة برهانُ الدين ابنُ مازه البخاري الحنفي في "المحيط البرهاني في الفقه النعماني" (5/ 386، ط: دار الكتب العلمية): «وطاعةُ الوالدين وبِرُّهُما فرضٌ خاصٌّ لا يَنُوبُ البعضُ فيه عن البعض»، بخلاف رعايتهما؛ فإنها فرضُ كفايةٍ.وورد في الحديث الذي روي عن أَبي بَكْرَةَ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «أَلا أُنَبِّئُكُمْ بِأَكْبَرِ الْكَبائِرِ ثَلاثًا، قَالُوا: بَلى يا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: الإِشْراكُ بِاللهِ وَعُقوقُ الْوالِدَيْنِ وَجَلَسَ، وَكانَ مُتَّكِئًا، فَقالَ أَلا وَقَوْلُ الزّورِ قَالَ فَما زَالَ يُكَرِّرُها حَتّى قُلْنا لَيْتَهُ سَكَتَ».