هجرة سيدنا إبراهيم عليه السلام "تعرف عليها"

إسلاميات

هجرة سيدنا إبراهيم
هجرة سيدنا إبراهيم عليه السلام

هجرة سيدنا إبراهيم عليه السلام ذكرها الله في ثلاثة مواضع من القرآن، حيث قال على لسان إبراهيم: "وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ" [سورة الممتحنة: 5] وفي موضع آخر قال: "وَقَالَ إِنِّي مُهَاجِرٌ إِلَىٰ رَبِّي" [سورة الشعراء: 16] وأيضًا: "وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطًا إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ" [سورة الأنبياء: 71].

تتناول هذه المواضع القرآنية اللحظات الهامة في حياة سيدنا إبراهيم عليه السلام، حيث قرر الابتعاد عن قومه وعن الأصنام التي كانوا يعبدونها، كانت هجرته تعبيرًا عن تفانيه وولائه الكامل لله وحده. رغم أنه كان يعيش في بلاده وبين أهله، قرر الابتعاد عنهم ليقتدي بالأمر الذي أُمِرَ به من قِبَلِ الله.

هذه الهجرة ليست فقط انعزالًا جسديًا، بل كانت هجرةً روحية ودينية، حيث أبى إبراهيم أن يتورط في الشرك والعبودية لغير الله. وفي النهاية، نجاه الله وأُعطِيَ مكانًا مباركًا في الأرض، وذلك كمظهر للنجاح الروحي والديني لهجرته.

بهذه الهجرات، أكد إبراهيم عليه السلام على تمسكه برسالته الإلهية ورغبته في بناء حياة مستقيمة ومخلصة لله.

هجرة سيدنا إبراهيم عليه السلام إلى بلاد الشام

هجرة النبي إبراهيم عليه السلام شملت مرحلتين رئيسيتين، الأولى كانت هجرته إلى بلاد الشام، حيث خرج بنفسه، وجلب معه زوجته سارة وابن أخيه لوط. يُقال أنه قد نزل في حرّان، حيث بذل جهودًا دعوية لدعوة الناس إلى عبادة الله وابتعادهم عن الأصنام.

ومع مرور الوقت، ومع مواجهة بلاد الشام للقحط والجوع، قرر إبراهيم الرحيل مع أهله إلى مصر، البلاد التي كانت تُعرف بثراء أراضيها وإمكانياتها. وهناك، تفاجأ الملك المصري بجمال وحسن زوجة إبراهيم، سارة. حاول الملك لمسها، ولكن يديه تحجرت، وهو ما جعله يعجب بقدرة الله ويطلب من إبراهيم وسارة الدعاء له. بفضل دعوتهما، أُطلِقَت يديه، وبذلك أظهرت القدرة الإلهية.

هذه الهجرتين أظهرت إرادة إبراهيم عليه السلام لاتباع دين الله والالتزام برسالته الربانية. كما أبرزت قوة إيمانه وثقته في الله أثناء مواجهة التحديات والابتعاد عن الأماكن التي تعبد فيها الأصنام.

هجرة سيدنا إبراهيم عليه السلام إلى مصر

رحل إبراهيم -عليه السلام- من أرض الشام إلى مصر، وكانت رفقته زوجته الصالحة سارة. عند وصولهما إلى مصر، استفسر ملك تلك البلاد عن هويتهما، ولما علم بأنهما زوجان، حاول الملك الاقتراب من سارة بنية زواجها. لكن إبراهيم أخبر الملك بأن سارة هي أخته، وهكذا حُمِيَت سارة من الملك الظالم. بينما كانوا في مصر، اعتنق إبراهيم بالدعاء، وأثبتت الله عظمة النبي وقدرته بتحويل الظروف، إذ كان يمكن لسارة أن تلمس العظمة الإلهية من خلال تدعياتها.

هجرة سيدنا إبراهيم عليه السلام

هجرة سيدنا إبراهيم عليه السلام إلى مكة

هاجرت سارة، زوجة النبي إبراهيم عليه السلام، جاريتها هاجر لتكون زوجة لإبراهيم. وقد حملت هاجر من إبراهيم وأنجبت له ابنًا يدعى إسماعيل عليه السلام. وكانت سارة عاقرًا، فشعرت بالغيرة من هاجر وابنها الذي أُعطي لإبراهيم عليه السلام عندما تمثلت له إشارة الله بذبحه.

إبراهيم عليه السلام، وفي تناغم مع إرادة الله، قادهما إلى مكة المكرمة هناك، عندما نفدت مؤونتهم، وكان الطفل يعاني من شدة العطش، دعت هاجر الله بين الصفا والمروة، وفي إجابة فورية من الله، ظهرت ينابيع زمزم. هذا الحدث الرائع شكل بدايةً لمكة كمكان مقدس ومأمن، وأصبح الماء من زمزم مصدرًا مهمًا للحياة.

بناء إبراهيم الكعبةَ مع ابنه إسماعيل
 

بيّن الله تعالى لإبراهيم وابنه إسماعيل أساسات البيت الحرام التي كانت مدفونة في الأرض لفترة طويلة. ثم أمرهما ببناء الكعبة المشرفة. كان إسماعيل يقوم بجمع الحجارة ونقلها إلى إبراهيم الذي كان يقوم برفع البناء. عندما ارتفع البناء، وضع إبراهيم حجرًا ووقف عليه. واشتهر هذا المكان باسم "مقام إبراهيم". يُشير إلى أن إبراهيم وإسماعيل - عليهما السلام - كانا يقومان ببناء الكعبة ويدعوان الله تعالى، قائلين: "رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا ۖ إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ".

طهّر إبراهيم وإسماعيل البيت الحرام من أي نجاسات أو قذارات، امتثالًا لأمر الله، ليكون مكانًا مقدسًا للصلاة والعبادة. دعوا الله أن يجعل ذريتهما أمة مسلمة موحدة تعبد الله وحدها، وكان الله -سبحانه- مستجيبًا لدعائهما. جعل في ذرية العرب من نسل إسماعيل أمة موحدة، وأرسل من ذريتهما النبي محمد -صلى الله عليه وسلم-. وقد ذُكر في القرآن الكريم: "رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ. رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ".