عبدالمجيد حسن يكتب.. أطفال درنة في خطر

مقالات الرأي

عبدالمجيد حسن
عبدالمجيد حسن

إرث ثقيل ورثه أطفال درنة الذين أصبحوا على قيد الحياة فجأة دون ذويهم جراء الإعصار المدمر الذي ضرب ليبيا الآونة الماضية.

ومؤخرًا، احتشد الناس في غرب ليبيا لتوفير الرعاية والحليب للأطفال الصغار والرضع الذين تيتموا بسبب الفيضانات المدمرة التي ضربت مدينة درنة الساحلية في 10 سبتمبر الجاري

ويُعتقد أن المئات من الأطفال الرضع والصغار المصابين بصدمات نفسية فقدوا والديهم في درنة، حيث تم القضاء على أحياء بأكملها بعد واقعة انهيار السدين في ظل الإعصار المُدمر، وبحسب مصادر، فلا يرغب الأطفال الرضع في استخدام زجاجات الرضاعة الصناعية، مما اضطر أهل درنة الذين بقوا على قيد الحياة، للبحث عن أمهات مرضعات

وبدأ الأهالي، حملة لجمع حليب الثدي من النساء اللاتي يرضعن أطفالهن بالفعل وتوزيعه على الأطفال الذين ماتت أو فقدت أمهاتهم، وقالت إحدى السيدات، التي تولت رعايتها 70 طفلًا صغيرًا منذ وقوع الكارثة: "أقل ما يمكننا القيام به من أجل بلدنا والناس في درنة هو رعاية أطفالهم"، فيما أوضحت امرأة أخرى، إنها مستعدة لاستقبال يتيم من درنة ووعدت بتقديم نفس الرعاية والاهتمام الذي تقدمه لابنتها.

ووفقا لليونيسيف، فإن الأطفال الذين يفقدون والديهم أو ينفصلون عن أسرهم يكونون أكثر عرضة لمخاطر مثل العنف والاستغلال، فيما حذرت شهود عيان، من التسرع في نقل الأطفال قبل استكمال إجراءات تصنيفهم كأيتام، ما يزيد من احتمال مطابقتهم مع أقاربهم.

وقدرت مصادر، أن نحو 400 طفل انفصلوا عن أسرهم في درنة يعيشون الآن في مدرستين تم تحويلهما إلى ملاجئ، كل يوم، يأتي أناس يائسون إلى المدارس بحثًا عن أقاربهم المفقودين، ومن الناحية النظرية، تتولى وزارة الشؤون الاجتماعية مسؤولية رعاية الأطفال الأيتام في المقام الأول وترتيب رعايتهم على المدى الطويل مع أسر حاضنة، ولكن بعد سنوات من الانقسام السياسي والعنف، أصبحت الثقة في مؤسسات الدولة منخفضة.

وقال ناشطون ليبيون، أنهم تلقوا ما يقرب من ألف عرض حضانة بشكل سريع بعد أن تأثروا بالحجم المروع لكارثة الفيضانات التي أودت بحياة آلاف القتلى والمفقودين في درنة الليبية.

وفي السياق ذاته كشف مسؤولون أن الفيضانات في درنة غمرت ما يصل إلى ربع المدينة، وقُتل آلاف الأشخاص، ولا يزال العديد منهم تحت الأنقاض أو في البحر، ووفقًا لفرق البحث تحدث المسؤولون الحكوميون ووكالات الإغاثة عن أعداد مختلفة من القتلى تتراوح بين نحو 4000 إلى أكثر من 11000.

ونزح أكثر من 43 ألف شخص في المنطقة، بما في ذلك 30 ألفًا في درنة، وفقًا لوكالة الهجرة التابعة للأمم المتحدة، انتقل العديد من الأشخاص إلى مدن أخرى في جميع أنحاء ليبيا، حيث استضافتهم المجتمعات المحلية أو لجأوا إلى المدارس.

وقالت السلطات المحلية إنها عزلت الجزء الأكثر تضررًا في درنة وسط مخاوف متزايدة بشأن الأمراض المنقولة بالمياه، وأطلقت السلطات الصحية حملة تطعيم استهدفت في البداية فرق البحث والإنقاذ إلى جانب الأطفال في درنة والمناطق المتضررة الأخرى.

وتجمع مئات المتظاهرين الغاضبين مؤخرًا خارج المسجد الرئيسي في درنة، حيث انتقدوا الطبقة السياسية التي سيطرت على ليبيا منذ وفاة معمر القذافي في انتفاضة دعمها حلف شمال الأطلسي في عام 2011.

وتداولت عدة صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي روايات مفجعة لأطفال يروون اللحظة التي جرفتهم فيها مياه الفيضانات.

وكان عمدة درنة، عبد المنعم الغيثي قال: "نحن في الواقع بحاجة إلى فرق متخصصة في انتشال الجثث وأخشى أن تصاب المدينة بالوباء بسبب كثرة الجثث تحت الأنقاض وفي المياه"، فيما تتزايد المطالب والاحتياج لأكياس لوضع الجثث داخلها، وأوضح "الغيثي"، إن فرق الإنقاذ وصلت من عدة دول عربية، فيما تتواصل عمليات إرسال الطواقم الطبية للمساعدة في جهود الإنقاذ، بالتزامن مع تضافر المجتمع الدولي لإرسال حزمة مساعدات لإنقاذ الليبيين من كارثة الإعصار.