تصاعد التوتر بين أذربيجان وأرمينيا بسبب إقليم ناغورنو كاراباخ.. ما القصة؟

تقارير وحوارات

ناغورنو كاراباخ
ناغورنو كاراباخ

تفاقم الصراع بين أذربيجان وأرمينيا، بعدما أعلنت الأولى، إطلاق عمليات بداعي "مكافحة الإرهاب" تستهدف القوات الأرمينية في إقليم ناغورني كاراباخ في جنوب القوقاز المتنازع عليه.

وإقليم ناغورنو كاراباخ، منطقة معترَف بها دوليًا جزءًا من أذربيجان، لكنّ منطقة منها تديرها سلطات انفصالية من عرقية الأرمن تقول إن المنطقة وطن أجدادها، فيما تسبب النزاع على المنطقة في نشوب حربين منذ سقوط الاتحاد السوفياتي عام 1991 أحدثهما كانت عام 2020.

ناغورنو كاراباخ


إقليم جبلي جزء في جنوب القوقاز، واستقل هذا الإقليم وأصبح يكون جمهورية ناغورني قره باغ (أرتساخ) الغير معترف بها، ويقع الإقليم في قلب الأراضي الأذربيجانية وعاصمته سيتباناكيرت نسبة للزعيم الأرميني البلشفي ستيبان شوماهان.

وتبلغ مساحة الإقليم 4،800 كم2 ويبعد عن باكو عاصمة أذربيجان نحو 270 كم غربًا.

يغلب على الإقليم الطبيعة الجبلية كما توجد بعض الأنهار التي يستخدم ماءها في إنتاج الكهرباء والري، وهو إقليم فقير في موارده الاقتصادية، ويعتمد النشاط الاقتصادي على الزراعة وتربية الماشية وبعض الصناعات الغذائية، من المحاصيل المشهورة الحبوب والقطن والتبغ.

كان الأكراد يشكلون معظم سكان قره باغ، لكن مع القمع السوفيتي المستمر ضد العرقيات أدى إلى تلاشي الوجود الكردي عبر سياسات التتريك الآذرية، حيث هجروا قسرًا لروسيا وكازاخستان ليلقوا حتفهم هناك.

يقطن الإقليم نحو 145 ألفا يمثل الأرمن (الأغلبيّة الساحقة منهم تتبع كنيسة الأرمن الأرثوذكس) فيهم نحو 95 % من السكان وقد كان الإقليم نقطة التقاء عدة إمبراطوريات كالامبراطورية الروسية والعثمانية والفارسية نشبت بينها العديد من الحروب التي كان مسرحها الإقليم. مما جعل الإقليم مسرحا لعدة تغيرات في تركيبته السكانية. وقبل النزاع على الإقليم في عام 1992 كان الأرمن يقطنون مدينة ستيباناكيرت ويقطن الأذريون مدينة شوشا عاصمة الإقليم قبل العهد السوفيتي.

يعلن الإقليم نفسه على أنه جمهورية مستقلة ولكنها لا تلقى الاعتراف الدولي وقد أُجريت انتخابات في الإقليم في أغسطس 2002 وقد فاز بها ركادي غوكاسيان.

جذور الصراع

تبدأ جذور الصراع في الحقبة السوفيتية في عشرينات القرن الماضي حين قام جوزيف ستالين بتطبيق سياسته في التفريق بين الإثنيات وإشعال نار العداء بينها وتفتيت قواها، فقد تعمدت السلطة السوفيتية في عام 1923 ضم الأقلية الأرمينية (سكان كاراباخ) داخل حدود أذربيجان، وبحدود إدارية تُرسم لتجعل كل ما يحيط بها أذربيجانيا رغم رغبة السكان في التبعية الأرمنية، وفي المقابل تظل الأقلية الأذربيجانية في إقليم «ناختشيفان» معزولة داخل جمهورية أرمينيا. بالإضافة إلى أن السلطة السوفيتية منحت «كاراباخ» صلاحية الحكم الذاتي داخل جمهورية أذربيجان، وهو ما كان أشبه بقنبلة موقوتة.

ظل هذا الوضع مجمدًا فظلت السياسات القمعية السوفيتية وإرهاب الحديد والنار إلى أن تراخت القبضة السوفيتية في عهد جورباتشوف. وفي فبراير 1988 تجرأ المجلس السوفيتي الكاراباخي، وطلب من موسكو انضمام «ناجورنو كاراباخ» إلى أرمينيا. وبالطبع اعترض القادة الأذريون لدى سلطة موسكو. وسرعان ما تشابك الأذر مع الأرمن في «كاراباخ»، لتتحول الاشتباكات بسرعة فائقة إلى حرب أهلية تركت قتلى وجرحى ولاجئين على كلا الجانبين. وفي ديسمبر 1989 ازداد الموقف تعقدًا بإعلان المجلس السوفيتي الأرمني توحيد إقليم «ناجورنو كاراباخ» مع جمهورية أرمينيا.

وبعد تفكك الاتحاد السوفيتي 25 ديسمبر 1991- أعلن الانفصاليون في إقليم «كاراباخ» في مطلع 1992 الاستقلال عن أذربيجان، ورفض الانضمام إلى أرمينيا.

ومدّت أرمينيا مقاتلي «كاراباخ» بالسلاح والرجال، بل توغلت قواتها داخل أذربيجان، كما احتلت الشريط الأرضي الفاصل جغرافيًا لقرة باغ عن أرمينيا (ويسمى رواق لاچين) وكذلك أراضي 6 مقاطعات أخرى شرق وجنوب قرة باغ واحتلت 20% من إجمالي أراضيها في منتصف 1993.

وكانت النتيجة أن فر مئات الآلاف من السكان الأذريين هربًا من القوات الأرمينية الغازية. وانتقل اللاجئون إلى معسكرات -كثير منها حول العاصمة الأذربيجانية باكو.

ساند الروس أرمينيا في هذة الحرب كثيرًا مما سهل من النصر الذي حققه الأرمن، وفي مايو 1994 قبلت جميع الأطراف -بما فيها أذربيجان المحتلة أراضيها- اتفاقًا لوقف إطلاق النار، والاحتكام إلى المفاوضات السلمية؛ حقنًا للدماء. وكان الوسيط الرئيسي في المفاوضات هو الاتحاد الأوربي الذي فوض مجموعة من الدول برئاسة فرنسا والولايات المتحدة وروسيا للاجتماع في مينسك -عاصمة بيلاروسيا- لبدء التفاوض.

من جانبها أعلنت الميليشيات الأرمنية جمهورية ناغورنو قرة باغ التي لم تعترف بها أي دولة. إلا أن أرمينيا تعاملها كجزء منها.

قائد الميليشيات الأرمنية في تلك الحرب كان روبرت كوتشاريان، وهو الرئيس السابق لجمهورية أرمينيا.

نهاية الصراع

وقعت كل من أذربيجان وأرمينيا في تاريخ 10 نوفمبر 2020 على اتفاق ينهي الصراع المسلح الدائر حول إقليم ناغورنو كاراباخ.

ووصف رئيس الحكومة الأرمينية نيكول باشينيان الاتفاق بـ «المؤلم جدا، بالنسبة لي شخصيا وبالنسبة للشعب الأرميني».

ويأتي التوقيع على اتفاق السلام الأخير عقب ستة أسابيع من القتال بين القوات الآذرية من جهة والانفصاليين الأرمن في الإقليم من جهة أخرى.

ومن المعروف أن إقليم ناغورنو كاراباخ معترف به دوليا على أنه جزء من الأراضي الأذربيجانية، ولكنه يخضع لسيطرة الأرمن منذ عام.