أحمد سالم صلاهم.. طفل يمني فقد جنة طفولته على يد الألغام الحوثية وتحولت حياته لجحيم

تقارير وحوارات

الطفل اليمني أحمد
الطفل اليمني أحمد سالم صلاهم ووالده

نحن أمام قصة لأحد أطفال اليمن، والذي كان ضيحة ألغام ميليشيات الحوثي الإرهابية، فالطفل اليمني أحمد سالم صلاهم، ذو السبع سنوات، مثل كل أطفال العالم، كان يرى العالم بعيون ملؤها البراءة والصفاء والحب، ينتظر الصباح بشغف لينطلق لمدرسته مجتهدا، وينعم بأحلى الأوقات مع رفاق صفه، ويعود ليعانق دروب اللهو واللعب مع رفاقه في قريتهم.. هكذا كان يعيش أحمد في رحاب جنة طفولته.

كما كان أحمد يسمع باستمرار تحذيرات أهله ومدرسيه في الصف من الألغام، ويرى في وجوهم القلق، وفي أعينهم الخوف من تلك العلب التي يقال أنها" قاتلة"/ وكان أحمد يصغي بانتباه ويفكر في هذا الخطر، لكنه سرعان ما يستسلم لنداء طفولته لينطلق مجددًا لمراتعها، فالحياة في عيني أحمد جميلة براقة ولا مكان فيها لهذه الرهبة الباردة الجامدة التي تسكن قلوب الكبار ولقيودها الخانقة.

وحتى حينما اضطر أحمد سالم للنزوح مع أهله بسبب خوفهم من تهديدات الألغام لحياتهم والفتك بهم، فقد حافظ أحمد على حبه للحياة وإيمانه بأن صوت الطفولة لا يمكن تجاهله البتة، حيث قال لمركز مسام: أنا أحب مدرستي وأحب اللعب مع رفاقي ولا أستطيع أن أنقطع عن كلاهما، لا أدري لماذا تحرمنا الألغام من اللعب، فأنا لم أفعل شيئا لأحبس في البيت وأحرم رؤية رفاقي واللهو معهم، فهذا يحزنني جدًا.

 

ولأن نداء الطفولة كان قويًا جدًا وطبيعيا للغاية في فؤاد أحمد، فقد غلب صوتها كل الروايات المخيفة التي كان يسمعها هذا الطفل الصغير عن جرائم الألغام وصنيعها البشع بالأبرياء.

 

 حيث قرر أحمد أن ينتصر لطفولته بكل عفوية وبراءة ولبى نداء اللعب بكل براءة، فخسر إحدى قدميه بسبب لغم غادر وتهشمت في قلبه مرآة الطفولة البراقة التي كان يرى من خلالها العالم بألوان وردية، ووجد الحزن والعجز والقهر موطنًا قارًا لهم في قلب أحمد الذي كان أمس القريب يشع حياة.

خطوة واحدة أثناء اللعب مثلت منعرجًا كبيرًا في حياة أحمد، الذي قال وفق مركز مسام السعودي حين استعرضت قصته المؤثرة: كنت ألعب في سعادة مع رفاقي بقرب خيمتنا التي نصبها أبي لنا بعد أن رحلنا عن بيتنا خوفًا من الألغام، وفجأة طار كل شيء من حولي، اختفت كرتي بين غيوم الغبار ولم أعد أرى أصدقائي وأحسست بألم كبير كاد يقتلني ثم غبت عن الوعي".

 

سكت أحمد قليلا وكأنه يبحث عما تبقى فيه من قوة ليكمل رواية تفاصيل مشهد محزن لن ينساه مهما عاش، ثم واصل قائلًا لمسام "بسبب هذا الحادث الملغوم، فقدت قدمي وأصبحت عاجزًا عن المشي إلا بمشقة كبيرة، ولم أعد أقدر على الذهاب للمدرسة وحتى على اللعب مع أصدقائي".

 

خسارات كبيرة ومدمرة بالجملة، عصفت بطفولة أحمد وحولت جنانها إلى جحيم من الذكريات المحرقة الموجعة التي فطرت قلب والد أحمد سالم، حيث قال لمسام "كم يحزنني رؤية طفلي الوحيد على هذه الحالة، وكم يقطر قلبي قهرًا ولوعه عليه، فأحمد حمل آلامًا كبيرة جدًا، وهو طفل صغير لا يعرف شيئًا على مصائب الحياة ومتاعبها، وهو ما يجعل قلبي ينفطر عليه حزنًا في كل لحظة أراه فيها لا يقوى على المشي واللعب والدراسة شأنه شأن رفاقه وباقي الأطفال في العالم، فما ذنب أحمد وبقية أطفال اليمن، ممن فتكت بهم الألغام، ليعيشوا هذا المصير المر على يد علب الموت؟!".

 

اليوم يعيش أحمد وقد فقد جزء كبيرًا وهامًا للغاية من جنة طفولته على يد الألغام، وبألم كبير سببه انقطاعه عن الدراسة، وبحزن أكبر مرده عجزه عن اللعب مع أصدقائه، وهي محن ناشد والد أحمد الجهات المعنية وذوى القلوب الرحيمة للتدخل لوضع حد لها بمساعدة ابنه، حيث قال لمكتب مسام الإعلامي: "أتمنى من المسؤولين والمنظمات الإنسانية مساعدة طفلي ليتمكن من العودة للمشي مجددًا، فأحمد محب للحياة والدراسة وهو كسائر أطفال العالم يعشق اللعب والمرح، وحرمانه من هذا الحق يعذبه ويحزننا جميعًا، أرجو مساعدته ليكمل حياته بأخف الأضرار ويعود لدراسته، فهذا من شأنه أن يخفف عليه كثيرًا آلام مصابه الجلل".

 

وأما أحمد، فقد اكتفى وهو ينصت لمناشدات والده، بالوقوف متكئًا على عكازه مستندًا إليه وهو يجر جسده الضعيف، وعلى  وجهه مسحة حزن كبيرة، بمراقبة رفاقه يلعبون ويمرحون أمامه، وهو لا يقوى إلا على مشاركتهم هذه المتعة بنظرات ملئها العجز والقهر.

حزن حاول أطفال القرية محاولة تخيفه على طريقتهم، حيث تجمعوا أمام أحمد واكتفوا بالقفز على رجل واحدة مبتكرين حركات ممتعة مرسلين قهقهات مدوية، وكأنهم يقولون لأحمد "لا تحزن يمكننا اللعب جميعًا حتى ولو كنا برجل واحدة فمكانك محفوظ بيننا وطفولتنا أقوى من أن تقيدها مكائد الألغام الخسيسة".