تعرض منزلهما للقصف

القصة الكاملة لاختفاء طبيبتين مصريتين في السودان والعثور على جثتيهما

تقارير وحوارات

السودان
السودان

لم تفارق نيران الحرب المشتعلة في السودان، بين أبناء الوطن وأبناء الجاليات الأخرى، حيث حصدت مئات الأرواح ما بين سودانيين وجنيسات أخرى من بينها المصرية.

ولم تتوقف نيران الحرب حتى هذه اللحظة، تاركة ورائها مئات القتلى السودانيين، بينما زادت المآسي واحدة أخرى عقب اختفاء طبيبتين مصريتين لأيام ولم يعثر لهما على أثر، وتبين لاحقا أنهما توفيتا بمنزلهما بعد تعرضه لقصف ليتم دفنهما في حديقة البيت.

إعلان وفاة الطبيبة المصرية وشقيقتها

ونعت وزارة الصحة في ولاية الخرطوم الطبيبة المصرية وشقيقتها وقالت في بيان رسمي لها، إنها وجدت متوفاة هي وشقيقتها تحت أنقاض منزلها بالعمارات بعد استهدافه بصاروخ، مؤكدة أنها كانت مثالا للتفاني والعطاء.

وبدأت التفاصيل نهاية شهر أبريل الماضي حين انقطع الاتصال بطبيبة التخدير المصرية والقبطية ماجدولين يوسف غالي التي تعمل في السودان منذ سنوات مع زوجها الطبيب جورج بطرس وشقيقتها ماجدة طبيبة الأسنان، وحظيت بحب وتقدير أهالي منطقة العمارات بالخرطوم لخدماتها الكبيرة وحسن معاملتها للمرضى وجهودها الكبيرة خلال أزمة كورونا.

مأساة وفاة الطبيبة المصرية ماجدولين

وفور انطلاق الاشتباكات، بدأت الطبيبة المصرية ماجدولين في العمل بإسعاف المصابين من القصف تطوعا، ولم تتوقف خدماتها على سكان منطقتها بل امتد نشاطها للمناطق المجاورة، وتبادل السكان في الولاية رقم هاتفها عبر مجموعات تطبيق "واتساب" التي دشنت خصيصا لهذا الغرض.

لكن في صباح يوم 7 مايو الجاري وبعد فشل كافة الجهود للتوصل للطبيبة المصرية، قرر عدد من معارفها المغامرة والوصول لمنزلها لاستطلاع الأمر، وكانت الصدمة كبيرة على الجميع، حيث عثروا على الطبيبة وشقيقتها تحت أنقاض العقار الذي تهدمت أجزاء منه جراء تعرضه للقصف بصاروخ.

الصدمة الأكبر التي واجهت الجميع كانت في البحث عن وسيلة لتجهيز الجثمانين ودفنهما خارج المنزل، والخروج بنعشيهما في ظل الخطر الذي يحيط بالمكان، حيث القصف المتواصل ولذلك ظل الجثمانان في المنزل بحثا عن مخرج آمن للمرور منه ودفنهما.

نداء استغاثة لدفن الطبيبتين

أطلقت لاعبة منتخب السودان للسيدات أزهار شلقامي استغاثة، تطلب فيها دفن جدتها طبيبة التخدير مجدولين يوسف غالي، التي صُرعت وشقيقتها طبية الأسنان ماجدة في أحداث السودان.
فقالت أزهار شلقامي في استغاثتها، التي دونها عبر حسابها بموقع التواصل الاجتماعي تويتر: "جدتي توفيت في منزلها منذ تسعة أيام، ولا سبيل إلى إخراجها ودفنها بسبب وجود قناصة في المباني. المنطقة قريبة من شارع البلدية"

دفن الطبيبتين المصريتين ماجدولين وماجدة في حديقة منزلهما، فيتو

وطالبت أزهار أن يقوم أي شخص يعرف جدتها أن يواري جثمان جدتها "حتى في حوش المنزل" حسبما قالت أزهار في استغاثتها. ليكتشف النشطاء أن المتوفاة هي طبيبة التخدير المصرية ماجدولين يوسف غالي.

وبعد أيام تقرر السماح بدفن الجثمانين في حديقة المنزل بمتابعة من الكنيسة القبطية في أم درمان وبواسطة فريق كامل من الأطباء أشرف على عملية الدفن، فيما تداول رواد مواقع التواصل في السودان فيديوهات لعملية الدفن وسط عاصفة من الغضب ومطالبات بوقف الحرب وحقن الدماء.

وتتابع وزارة الهجرة وشئون المصريين بالخارج، أوضاع الجالية المصرية بالسودان، منذ اندلاع الاشتباكات في السودان السبت، حيث دعت السفيرة سها جندي لاجتماع عاجل للجنة الوطنية للطلاب والدراسين بالخارج لبحث أوضاع أبنائنا في السودان، وبشكل خاص الطلاب، مؤكدة أن أغلب الطلاب يتواجدون في العاصمة السودانية الخرطوم، وتشير التقديرات الأولية إلى أن عدد المصريين في السودان نحو 10 آلاف مواطن، ونحو 5000 طالب.

أواضع الأطباء المصريين في السودان

وفيما يتعلق بوضع الأطباء المصريين في السودان، قال الدكتور إبراهيم الزيات عضو مجلس النقابة العامه للأطباء، إن هناك العديد من الطلاب والأطباء المصريين في السودان حاليا، مؤكدا أن "نقابة الأطباء ليس لديها إحصائية كاملة عن عدد الأطباء المصريين في السودان حتى الآن ولكنها خاطبت الجهات المعنية وعلى رأسها وزارة الخارجية لتتبع أوضاعهم وتوفير كافة الدعم لهم". 

وأشار الزيات، إلى أن عدم وجود إحصائية عن عدد الأطباء المصريين في السودان؛ يرجع لأن بعض الأطباء يسافرون دون إبلاغ النقابة أو إرسال عناوينهم أو أمكانهم في السودان، لافتا إلى أن "السفارة المصرية في السودان هي فقط من يعلم بأعدادهم الحقيقية الموجودة هناك".

وكانت الخارجية المصرية قد طالبت رعايا البلاد المتواجدين في السودان بسرعة المغادرة والتوجه لنقاط الإجلاء المخصصة لهم بمعبري قسطل وأرقين. وتمكنت مصر من إعادة أكثر من 15 ألف مصري في السودان.

كما أعلن سامح شكري وزير الخارجية المصري أن مصر فتحت ذراعيها لاستقبال السودانيين الفارين من جحيم المواجهات العسكرية في بلادهم بأعداد تزيد عن 60 ألف شخص حتى الآن.

من جانبه، وجه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي حكومته بضمان العودة الآمنة للمصريين من السودان، وتوفير ما يلزم من خدمات إغاثية وطبية وغذائية في المعابر البرية بين مصر والسودان.