صلاح عبدالصبور.. مات بسبب بهجت عثمان وأعماله خلدت ذكراه

الفجر الفني

بوابة الفجر

التحق صلاح عبدالصبور، بكلية الآداب جامعة القاهرة، قسم اللغة العربية في عام ١٩٤٧ وتتلمذ فيها علي يد الشيخ أمين الخولي الذي ضمه إلى جماعة(الأمناء) التي كوّنها، ثم إلى (الجمعية الأدبية) التي ورثت مهام الجماعة الأولى. كان للجماعتين تأثير كبير على حركة الإبداع الأدبي والنقدي في مصر.


 

تعرّف في مقهى الطلبة في الزقازيق على أصدقاء الشباب مرسي جميل عزيز وعبدالحليم حافظ، وطلب عبد الحليم حافظ من صلاح أغنيةيتقدم بها للإذاعة وسيلحنها له كمال فكانت قصيدة لقاء. تخرج صلاح عبد الصبور عام ١٩٥١ وعين بعد تخرجه مدرسًا في أحد المعاهدالثانوية ولكنه كان يقوم بعمله عن مضض حيث استغرقته هواياته الأدبية.


 

ترك عبد الصبور آثارا شعرية ومسرحية أثرت في أجيال متعددة من الشعراء في مصر والبلدان العربية، خاصة ما يسمى بجيل السبعينيات،وجيل الثمانينيات في مصر، وقد حازت أعماله الشعرية والمسرحية قدرا كبيرا من اهتمام الباحثين والدارسين، ولم تخل أية دراسة نقديةتتناول الشعر الحر من الإشارة إلى أشعاره ودواوينه، وقد حمل شعره سمات الحزن والسأم والألم وقراءة الذكرى واستلهام الموروثالصوفي، واستخدام بعض الشخصيات التاريخية في إنتاج القصيدة، ومن أبرز أعماله في ذلك: " مذكرات بشر الحافي" و" مأساةالحلاج" و" ليلى والمجنون"، كما اتسم شعره من جانب آخر باستلهام الحدث الواقعي، كما في ديوانه: " الناس في بلادي " ومن أبرزالدراسات التي كتبت عن أعماله، ما كتبه الناقد الدكتور عز الدين اسماعيل في كتابه: " الشعر العربي المعاصر: قضاياه وظواهره الفنيةوالمعنوية " و" الجحيم الأرضي " للناقد الدكتور محمد بدوي، ومن أبرز من درسوا مسرحياته الشعرية الناقد الدكتور وليد منير في المسرحالشعري عند صلاح عبد الصبور".

تقلد عبد الصبور عددا من المناصب، وعمل بالتدريس وبالصحافة وبوزارة الثقافة، وكان آخر منصب تقلده رئاسة الهيئة المصرية العامةللكتاب، وساهم في تأسيس مجلة فصول للنقد الأدبي، فضلا عن تأثيره في كل التيارات الشعرية العربية الحداثية.


 

في ١٣ اغسطس من العام ١٩٨١ رحل الشاعر صلاح عبد الصبور إثر تعرضه إلى نوبة قلبية حادة أودت بحياته، اثر مشاجرة كلامية ساخنة مع الفنان الراحل بهجت عثمان، في منزل صديقه الشاعر أحمد عبدالمعطي حجازي، وكان عبد الصبور يزور حجازي في منزل بمناسبة عودة الأخير من باريس ليستقر في القاهرة. تقول أرملة صلاح عبد الصبور السيدة سميحة غالب: سبب وفاة زوجي أنه تعرض إلىنقد واتهامات من قبل أحمد عبدالمعطي حجازي، وبعض المتواجدين في السهرة وأنه لولا هذا النقد الظالم لما كان زوجي قد مات. اتهموه بأنه قبل منصب رئيس مجلس إدارة هيئة الكتاب، طمعًا في الحصول على المكاسب المالية، متناسيا واجبه الوطني والقومي في التصدي للخطر الإسرائيلي الذي يسعى للتطبيع الثقافي، وأنه يتحايل بنشر كتب عديمة الفائدة.. لئلا يعرض نفسه للمساءلة السياسية.. ويتصدى الشاعر حجازي لنفي الاتهام عن نفسه من خلال مقابلة صحفية أجراها معه الناقد جهاد فاضل قائلا “أنا طبعا أعذر زوجة صلاح عبد الصبور،فهي تألمت كثيرًا لوفاة صلاح. ونحن تألمنا كثيرًا ولكن آلامها هي لاأقول أكثر وإنما أقول على الأقل إنما من نوع آخر تماما. نحن فقدناصلاح عبد الصبور، الصديق والشاعر والقيمة الثقافية الكبيرة، وهي فقدت زوجها، وفقدت رفيق عمرها، وفقدت والد أطفالها، صلاح عبدالصبور، كان ضيفًا عندي في منزلي، وأيا كان الأمر ربما كان لي موقف شعري خاص، أو موقف سياسي خاص، لكن هذا كله يكون بين الأصدقاء الأعزاء، ولا يسبب نقدي ما يمكن أن يؤدي إلى وفاة الرجل. الطبيب الذي أشرف على محاولة انقاذه، قال إن هذا كله سوف يحدث حتى ولو كان عبد الصبور في منزله، أو يقود سيارته، ولو كان نائما. وفاته إذا لا علاقة لها بنقدنا، أو بأي موقف سلبي اتخذه أحد من الموجودين في السهرة. وينهي حجازي كلامه قائلًا: "صلاح عبد الصبور شاعر كبير، وسوف يظل له مكانة في تاريخ الشعر العربي منناحية، وفي وجدان قارئ الشعر من ناحية أخرى، وشعره ليس قيمة فنية فحسب، وإنما إنسانية كبرى كذلك".