علماء يعكفون على دراسة الأقمار الصناعية الخاصة بزلزال تركيا وسوريا

تقارير وحوارات

زلزال تركيا وسوريا
زلزال تركيا وسوريا

يعكف العلماء على دراسة صور الأقمار الصناعية الخاصة بزلزال تركيا وسوريا المدمر في مسعى منهم لمعرفة ماذا يحدث في عمق الأرض ولمساعدتهم في تطوير نماذج التحذير من الزلازل.

بعد كارثة الزلزال المدمر في تركيا وسوريا، تعمل السلطات على فهم مدى تأثير الكارثة على تضاريس المنطقة المحيطة بصدع شرق الأناضول، وأعادت الانهيارات الأرضية الناجمة عن الزلزال الذي أودى بحياة الآلاف وشرد الملايين في كلا البلدين، تشكيل سفوح التلال بأكملها، مما أدى إلى إغلاق الطرق والممرات الجبلية في المناطق غير المستقرة لأنها ذات تربة طينية.

تنبؤ عالمة الزلازل باتريسيا مارتينيز:

قالت باتريسيا مارتينيز غارزون، عالمة الزلازل في مركز أبحاث العلوم الجيولوجية الألماني (جي.إف.زد)، إن الزلازل يمكن أن تؤثر على "خزانات المياه الجوفية وحتى ضياعها، مما يؤثر على سطح الأرض، فهذه الخزانات هي خزانات الآبار والبنية التحتية للمياه، لا نعرف فيما إذا حدث ذلك في تركيا وسوريا عقب الزلازل، لكن هناك تأثيرات محتملة".

وقالت العالمة إن الزلزال كان نتيجة حركة جانبية بطيئة تقدر بنحو 1،5 سم في السنة بين صفيحة الأناضول والصفيحة العربية في فترة زمنية امتدت لعقود، مما تسبب في تراكم التوتر على طول الصدع، مضيفة أنه في نهاية الأمر، ازداد الاحتكاك بدرجة كبيرة إلى حد أن إحدى الصفيحتين "انزلقت "عن الأخرى مما تسبب في الكارثة.

وأشارت إلى أنه "بمرور الوقت سواء عبر سنوات أو عقود أو حتى قرون، لم يعد يستطيع الاحتكاك تحمل الضغط ونجم عن ذلك تحرك الصفيحتين أمام بعضهما البعض بشكل جانبي، هذا تبسيط لشرح ماذا حدث."

وكان مركز الزلزال جنوب شرق تركيا حيث ضرب زلزالان قويان المنطقة، الأول في الساعة 4:17 صباحًا بالتوقيت المحلي (01:17 بتوقيت غرينتش) وبلغت قوته 7،8 درجة على مقياس ريختر وبعد تسع ساعات فقط وقع الزلزال الثاني بقوة بلغت 7،6 درجات، وذلك يوم الاثنين في السادس من فبراير/ شباط.

وبلغ طول كليهما نحو 250 كيلومترًا فيما تصدعت قشرة الأرض إلى عمق نحو 20 كيلومترًا حيث توضح صور السكك الحديدية والطرق تأثير ذلك، إذ كانت التشققات الأرضية تمتد لعمق وصل إلى عدة أمتار.

صور الأقمار الصناعية ترسم خريطة منطقة الزلزال:

توفر صور الأقمار الصناعية طريقة للمراقبة من الفضاء لما حدث من تغيير جغرافي في عمق الأرض، ما يوفر للباحثين مثل نونو ميراندا نظرة شاملة للضرر الطبوغرافي الذي أحدثه الزلازل.

ويرأس ميراندا مهمة "سنتينيل 1" التي تشمل إطلاق عدة أقمار صناعية بهدف عمل مسح تخطيطي لسطح كوكب الأرض عن طريق نقل معلومات حيوية عن أنماط الطقس وسطح الكوكب وغلافه الجوي، في إطار برنامج "كوبرنيكوس" الخاص بمراقبة ورصد الأرض والذي تديره المفوضية الأوروبية.

قال ميراندا "نقوم برسم خرائط للمنطقة، وهي خرائط عالية الدقة (تصل إلى سنتيمتر واحد) للمنطقة كل ثلاثة أيام"، مضيفًا أن فريقه يستخدم مجموعة متنوعة من التقنيات مثل الرادار والصور الضوئية لرسم هذه الخرائط.

وتعد صور الأقمار الصناعية هامة لسببين:

الأول يتمثل في توفير معلومات مفصلة ودقيقة ومحدثة لعمليات الإنقاذ والخدمات اللوجستية على الأرض.
والسبب الثاني هو مساعدة العلماء على فهم ماذا حدث من الناحية الفيزيائية.

تغير عمق الأرض:

وتلتقط الأقمار الصناعية الخاصة بمهمة "كوبرنيكوس" العديد من الصور القوية عن الكارثة، ورغم أنها لا تعكس المعاناة البشرية على الأرض والتي تسبب فيها الزلزال، لكنها تُظهر منظرا طبيعيًا يطرأ عليه العديد من التغيرات.

وقد تسبب الزلزال الأول في حركة تحول "يسار جانبي" على طول خط صدع شرق الأناضول مما أدى إلى تقطيع الأرض من الشرق إلى الغرب تقريبًا.

وتوضح المنطقة الحمراء في الصورة رقم 2 المكان الذي تحولت فيه الأرض شرقًا حتى 3 أمتار في بعض المناطق، فيما ترمز المناطق الزرقاء إلى تحرك الأرض غربًا حتى 3 أمتار مما يعني أن الأرض قد تحركت 6 أمتار في بعض المناطق، وفي ذلك، يقول ميراندا إن هذا التحرك يعد "هائلا"، مشيرًا إلى أن العلماء يستخدمون هذه المعلومات الآن لإنشاء نماذج لخطوط الصدع لفهم ما يحدث في عمق الأرض بشكل أفضل.

ويضيف أن "هذا الأمر يعد هامًا في إطار تحسين إدارة الأزمة وفهم طبيعة الزلازل بشكل عام، لكن هذا سيستغرق وقتا".

التنبؤ بزلازل أمر "مستحيل":

يشار إلى أن العديد من البلدان تمتلك أنظمة إنذار مبكر للتحذير من الزلازل، حيث تعمل من خلال رصد الموجات الأولية التي يطلقها الزلزال من أجل تحذير الناس من أن حدثا أكبر قد يحدث، وفي هذا السياق، قال ميراندا إن هذه الأنظمة قد تنبه بحدوث زلزال قبل حدوثه بثوانٍ معدودة وهو وقت قد يكون كافيا لإيقاف قطار أو إيقاف تشغيل محطة للطاقة، مؤكدًا "هذا كل شيء، ما يعني استحالة حدوث تنبؤات طويلة المدى."

وأوضح ذلك، قائلًا: "الواضح للغاية هو أنه ليس لدينا وسيلة للتنبؤ بالزلازل، هذا مختلف تمامًا عن البراكين التي يمكن التنبؤ بها إلى حد ما في غضون أيام قليلة"، لكن قد تكون هناك بعض الشواهد مثل تكرار الهزات الارتدادية في منطقة ما، وهو الأمر الذي قد يساعد العلماء في معرفة أن النشاط الزلزالي في هذه المنطقة غير مستقر، لكن ليس لديهم طريقة للتنبؤ بمكان وزمان حدوث الزلزال.