حقبة مظلمة في وجه كوبنهاجن.. ومخيمات العطل ملاذ العاجزين

عربي ودولي

كوبنهاجن - أرشيفية
كوبنهاجن - أرشيفية

ظهرت أزمة الطاقة في الآونة الأخيرة، لتُلقي بكرة اللهب على ظهور الشعب الدينماركي، الذي هرب من منزله إلى المخيمات أملًا في فرج قريب، حيث أصبحت مخيمات العطل ملاذ آمن للمواطنين من قسوة ظروف الحياة التي أثقلت كاهلهم.

مخيمات العطلة

وفي السياق ذاته، ارتفعت حصيلة السكان المقبلين على السكن في المخيمات في الدنمارك، والتي تكون عادة منطقة لقضاء إجازات في أحضان الطبيعة، ولكن سرعان ما تحولت هذه المخيمات إلى سكن للمواطنين العاجزين عن دفع فواتير الطاقة إلى جانب إيجار منازلهم، ونتج ذلك عن التضخم أو عجز رواتبهم الشهرية، وفقًا لسكاي نيوز عربية.

وأوضح أحد المواطنين الدنماركيين جون بيترسن، الذي انتقل إلى العيش في هذه المنزل منذ عدة أسابيع، وشرح أنه يعيش حياة بسيطة كليًا بعيدًا عن التزامات فواتير الطاقة، والايجار الذي عجز عن دفعه عندما فقد وظيفته بسبب التضخم الذي أطاح بالبلاد.

وتابع جون بيترس:" أن أسعار الطاقة هي السبب الرئيسي لعدم قدرته على البقاء في منزله، حيث وصلت تكاليف الطاقة إلى ثمن باهظ ليس بمقدرته"، حسب تصريحاته لسكاي نيوز عربية.

واعتقد جون بيترسن  أن السياسيين غابوا عن المشهد بشكل كلي في هذه القضية، مشيرًا إلى أن أزمة كورونا جعلت الدول تستنفذ امولًا ضخمة.

وأعلنت شركات الطاقة الدنماركية أنها تلقت أكثر من 30 الف اتصال من المواطنين العاجزين عن سداد فواتير الطاقة خلال شهر أغسطس المنصرم.

ارتفاع تكاليف المعيشة

وقدمت الحكومة الدنماركية خطة مساعدة تضمنت ما يقرب من ملياري وأربعمائة ألف كرونا، وذلك من أجل دعم لتسديد فواتير الطاقة لنحو أربعمائة ألف مواطن دنماركي، ولكن هذه الدعم الكبير كانت نسبة نجاحه ضئيلة للغاية، فهي فشلت في بقاء المواطنين في منازلهم.

وارتفعت اعداد اللاجئين للمخيم الذي يسكنه ما يقرب من 100 شخص جنوب العاصمة الدنماركية، ومن ناحية أخرى، ذكرت مديرة مخيم عربات متنقلة، سوزانا بيسكور فانو، أنها تلقت الكثير من الاتصالات يوميًا من أناس يسألون عن مكان سكن في المخيم، بسبب عدم قدراتهم على تسديد نفقات المعيشة.

وأشارت بعض مواقع البيع على الإنترنت أن نسبة بيع المواطنين إلى مقتنياتهم ارتفعت لتبلغ نحو 30٪ مما كانت عليه خلال الأشهر المنصرمة، وكانت أغلبها مقتنيات منزليه مستعملة.

واستقبل هذا المخيم الراغبين بقضاء إجازاتهم في أحضان الطبيعة الخلابة، ولكن فواتير الطاقة حولته إلى ملاذ الهاربين من قسوة المعيشة.

وأظهرت استطلاعات الرأي في الدنمارك، أن القوة الشرائية للبلاد تراجعت من عشرين إلى ثلاثين بالمئة، وذلك مقارنة بالعام الماضي، وجاء ذلك على إثر التضخم الذي تجاوز العشرة بالمئة.

وبينت هيئة الاحصاء الدنماركية من خلال دراسة نشرتها في أكتوبر الفائت، أن نظرة المستهلك وثقته في موارده المالية والحالة الاقتصادية تدنت بشكل كبير لتصل إلي مستوى كبير من التشاؤم.

وقال الخبير الاقتصادي بمجلس خدمات المستهلك مورتن برون بيديرسن، أن القوى الشرائية تقصلت إلى حد كبير، وهذا يوضح أن المجتمع يواجه تحدي كبير، مضيفًا أن المجتمع الدنماركي يتكون من طبقات مختلفة، قاصدًا بذلك أن الفئات التي كانت قبل الأزمة تستطيع أن تكفي تكاليف حياتها اليومية تأثرت تأثيرًا بالغًا، وذلك واضحًا من عدم قدرة الأشخاص في تسديد اقساط القروض البنكية.

ونشرت دراسة في وقت قريب إلى أن ربع الدنماركيين سوف يستهلكون موارد مالية أقل لشراء الهدايا لأفراد عائلاتهم في الأعياد المقبلة، وأن هناك أيضا نحو 13 بالمئة من الدنماركيين غيروا عاداتهم الشرائية اليومية لتلائم مع ظروف المعيشة.

مواجهة الأزمة

وكثفت بعض الشركات جهودها وأبحاثها لتطوير المزارع وترشيد استهلاكها للطاقة من خلال الاعتماد على الطاقة النظيفة، لا سيما بعد الارتفاع الكبير في أسعار الطاقة الناتجة عن الحرب الروسية الأوكرانية.

وظهر ما يعرف باسم " مزارع مستقبلية" في جنوب العاصمة الدنماركية، داخل مبني لا يتجاوز مساحته سبعة آلاف متر مربع طورتها شركة نورديك هارقست قبل عامين.

ويعادل المحصول في هذه المزارع إنتاج أرض زراعية  مساحتها مئة هكتار، مع العلم أن التشغيل يعتمد على إعادة تدوير المياة، وترشيد استهلاك الكهرباء، لضمان عملية الإنتاج على مدار السنه كاملة.

ولفتت مؤسس هارفست نورديك، إندس ريمان،  أن رغم كبر الإنتاج ولكنهم مازالوا في مرحلة التطوير والاختبار،  على سبيل المثال سنضع ألواحا شمسية لتوليد الطاقة وسنستفيد من الطاقة المولدة عبر الرياح التي تنتجها مراوح قبالة سواحل الدنمارك".

وحملت أوزمة الطاقة القائمين على المزرعة إلى اختيار استهلاك الكهرباء في فترة الليل حيث تكون التسعيرة منخفضة، وتوفر مزارع المستقبل نحو خمسة بالمئة مما يستهلكه الدنماركيون من خضروات.

وأفادت خبيرة الزراعة في نورديك هارفست، دونيس تونتا: "هنا نزرع في بيئة نتحكم بها ونستغل كل مساحة موجودة بشكل عمودي. وهذا يعني أننا نضاعف الإنتاج باستهلاك أقل" معتقدة أنهم الأقل تأثرًا في خطوط الانتاج التي لم تضرر من ارتفاع الأسعار والسبب يعود إلى تسويقها المحلي وليس تصدريها، مما ينعكس على المستهلك.

ويتطلب مشروع إنتاج كليو جرام من هذه الخضروات نحو تسعين مترًا مربعا من أرض المزارع التقليدية، ولكن في هذه الحالة يمكن إنتاجه في مساحة لا تزيد هم نصف متر مربع.

وفي النهاية بالرغم من ارتفاع أسعار الطاقة التي جاءت بالسلب على معظم الحياة المعيشية، إلا أن الأزمة تدفع أيضا للتركيز على الأبحاث والاستثمارات في مجال زراعة وإنتاج الخضروات لتطوير ما أضحى يعرف بمزارع المستقبل.