هل يجوز لبس الإحرام في حال السفر بالطائرة؟

تقارير وحوارات

بوابة الفجر

يجب على المسلم المريد للحجّ أو العمرة أن يحرم من الميقات الذي يحاذيه، ولا يتجاوز الميقات دون إحرام؛ وذلك لما ورد عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- أنّه قال: (وَقَّتَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لأهْلِ المَدِينَةِ ذا الحُلَيْفَةِ، ولِأَهْلِ الشَّأْمِ الجُحْفَةَ، ولِأَهْلِ نَجْدٍ قَرْنَ المَنازِلِ، ولِأَهْلِ اليَمَنِ يَلَمْلَمَ، فَهُنَّ لهنَّ، ولِمَن أتَى عليهنَّ مِن غيرِ أهْلِهِنَّ لِمَن كانَ يُرِيدُ الحَجَّ والعُمْرَةَ، فمَن كانَ دُونَهُنَّ، فَمُهَلُّهُ مِن أهْلِهِ، وكَذاكَ حتَّى أهْلُ مَكَّةَ يُهِلُّونَ مِنْها).

ويجوز للحاجّ أو المعتمر أن يحرم من حدود الميقات أو من طرفه إذا لم يمرّ على الميقات، وأمّا المسافر إلى الحجّ أو العمرة بالطائرة فإن عليه أن يتجهّز، ويلبس ثياب الإحرام في بيته، ولا ينوي الإحرام إلّا عند محاذاة الميقات.



لبس الإحرام في حال السفر بالطائرة 


ويجوز للمسلم أن يلبس ثياب الإحرام في الطائرة، بشرط أن يلبسها قبل الوصول إلى الميقات ومحاذاته؛ فإذا حاذت الطائرة الميقات نوى الدخول في النسك الذي يريده، ثم يبدأ بالتلبية، ويجوز للحاجّ أو المعتمر أن ينوي الإحرام قبل الميقات احتياطًا، إذا خشي نسيانه لذلك، أو غفلته عنه.
 


فإذا تجاوز الميقات دون أن يحرم وجب عليه العودة إلى ميقات بلده ليحرم منه. أو يرجع إلى أقرب ميقات له فيحرم منه، وعليه شاة تذبح في مكّة، وتوزّع على فقرائها، وإذا صعد الحاج أو المعتمر الطائرة دون أن يحرم، ونسي ثياب الإحرام في حقائبه؛ فعليه نزع ثوبه، وارتداء لبس يلتحف به، ويبقى لابسًا لبنطاله أو سرواله إلى أن ينزل من الطائرة، فإذا نزل أسرع بلبس الرداء والإزار؛ فإذا نوى الإحرام وشقَّ عليه فعل ذلك، جاز له أن يبقى في ملابسه.

ويفدي عند وصوله بذبح شاة، أو إطعام ست مساكين، أو صيام ثلاثة أيام، وإذا نام الحاج أو المعتمر في الطائرة، ولم يستيقظ إلّا بعد مجاوزة الميقات فعليه الرجوع إلى ميقات بلده والإحرام منه إن لم يكن لابسًا لثياب الإحرام، فإن لم يستطع فعليه شاة توزّع على فقراء الحرم.، وإن تجاوز الميقات لابسًا لإحرامه دون أن ينوي الدخول في النسك فإن عليه العودة إلى الميقات لينوي منه، فإن لم يستطع فعليه دم كذلك، وإذا لبس الحاجّ أو المعتمر إحرامه، ونوى الدخول في النسك، ثم نام ولم يستيقظ إلّا بعد مجاوزة الميقات، فإن إحرامه صحيح، ولكنه خالف سنّة الإحرام من الميقات.



حكم الإحرام بالطائرة قبل الميقات احتياطًا



أجمع الفقهاء على صحة الإحرام قبل الميقات، ونقل الإمام النووي، وابن المنذر اتّفاق العلماء على ذلك، ولكن تعددت الأقوال في حكم الإحرام من الميقات أو قبله من حيث الأفضليّة أو الكراهة، وبيان أقوالهم على النحو الآتي: تفضيل الإحرام قبل الميقات ذهب الفقهاء من الحنفية، والشافعية في أحد القولين عندهم، والشافعي في قول عنده؛ إلى أفضليّة إحرام الحاجّ أو المعتمر قبل الميقات أو من منطقة أهله، بشرط أن يكون إحرامه في أشهر الحجّ، وأن يجتنّب الوقوع في محظورات الإحرام، ويسلم منها. تفضيل الإحرام من الميقات ذهب الفقهاء من المالكية، والشافعية -في القول الأصحّ عندهم-، والحنابلة إلى أنّ الإحرام من الميقات هو الأفضل، ويكره الإحرام قبل الميقات، وهو رأي إسحاق بن راهويه، وعطاء، والحسن البصري.



شروط الإحرام



اتفق الفقهاء على اشتراط الإسلام، والنية لصحة الإحرام من الإنسان، وذهب الحنفية، والمالكية في المرجوح عندهم إلى اشتراط التلبية أو ما ينوب عنها زيادة على ذلك، وأجمعوا على عدم اشتراط تعيين نيّة الوجوب في النسك الواجب؛ فلو أطلق الحاج نيته، ولم يُحدّدها، وقع حجه فرضًا إن لم يسبق له أن أدّى حج الفرض.

وذهب الحنفية، والمالكية، والإمام أحمد في رواية عنه، وسفيان الثوري، وابن المنذر إلى أنّ الحاج إن نوى بنسكه أداء حجّة نفل فإنه يقع نفلًا كما نوى؛ وذلك لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إنَّما الأعْمالُ بالنِّيّاتِ، وإنَّما لِكُلِّ امْرِئٍ ما نَوَى).

كما  ذهب الشافعية، والحنابلة إلى أنّه يقع فرضًا عن حجّة الإسلام إن لم يسبق له أداء حجة الإسلام، وإن نوى بنسكه التطوّع أو النذر، وذلك لما رواه ابن عباس -رضي الله عنهما-: ( أنَّ النَّبيَّ -صلى الله عليه وسلم- سمعَ رجلًا يقولُ: لبَّيْكَ عن شبرمة، قالَ: من شبرمةَ؟ قالَ: أخٌ لي أو قريبٌ لي، قالَ: حججتَ عن نفسِكَ؟ قالَ: لا، قالَ: حجَّ عن نفسِكَ ثمَّ حجَّ عن شبرمةَ.