بعد الكر والفر.. أبرز محطات العلاقات بين تركيا وإسرائيل

عربي ودولي

تركيا وإسرائيل -
تركيا وإسرائيل - أرشيفية

رغم الفطور المستمر فى العلاقات بين تركيا وإسرائيل إلا أن تركيا من أوائل الدول التى ارتبطت بعلاقات سياسية وعسكرية ودبلوماسية بدولة الاحتلال الإسرائيلى، حيث شهدت العلاقات بين تركيا وإسرائيل حالات من المد والجزر في كثير من الأحيان إلا إنه ا شهدت حالات من التقارب والود في بعض الأحيان.

 وكانت الممارسات الإسرائيلية في الأراضى الفلسطينية المحتلة هى الفيصل ورمانة الميزان فى علاقة الجانبين الدبلوماسية على مدى عقود. 
ونجحت تركيا وإسرائيل في إقامة علاقات ثنائية بينهما تحكمها المصالح، فتركيا سعت منذ البداية إلى توطيد العلاقة مع الجانب الإسرائيلى الحليف الأكبر للولايات المتحدة الأمريكية في الشرق الأوسط وكذلك إسرائيل أيضا كانت تسعى لعلاقة دبلوماسية مع بلد مسلم كبير ومؤثر له حضور فى أوروبا والشرق الأوسط ويلعب فى كثير من الأحيان دور الوسيط فى المنطقة.
ولم تصل هذه العلاقة يوما إلى ما يوصف بالعلاقات الاستراتيجية بين الجانبين ولكنها أيضا لم تقطع بشكل نهائى رغم حالات الفتور التى شهدتها تلك العلاقة معظم الأحيان، فهى علاقة دائمًا ما كانت تتخذ منحنى الندية فى التقارب والخصام، وتتصل مع التقارب العربي الإسرائيلى وتنفصل مع الحروب العربية الإسرائيلية.
  


العلاقات التركية الإسرائيلية 
 

تركيا من أولى الدول التي اعترفت بالكيان الإسرائيلى المحتل فى العام  1949 بعد أقل من عام على تأسيس دولة الإحتلال عام  1948.

وبنت تركيا علاقاتها مع إسرائيل على أساس المصالح المشتركة، حيث بدأت تركيا علاقاتها الدبلوماسية مع إسرائيل عام 1950 بتعيين أول رئيس للبعثة الدبلوماسية التركية فى تل أبيب.
وسرعان ما توترت العلاقات بين الحليفين  إثر انتقاد إسرائيل حلف "بغداد"  الذي تأسس بين تركيا وإيران والعراق وباكستان  عام  1955 بدعوى "الاعتداءات العربية" عليها.
وفي عام 1956 احتجت تركيا على دخول القوات الإسرائيلية إلى الأراضي المصرية أثناء العدوان الثلاثي الذي شنته بريطانيا وفرنسا وإسرائيل على مصر، بعد إعلان الرئيس الراحل جمال عبدالناصر تأميم قناة السويس.
ووقفت تركيا إلى جانب الدول العربية في حرب عام  1967، التي بدأت بالهجوم الإسرائيلي المفاجئ على مصر، وأدت إلى احتلال إسرائيل  للمدن العربية الضفة الغربية والقدس الشرقية بالإضافة إلى شبه جزيرة سيناء وهضبة الجولان السورية.
وفي نفس العام تم تخفيض مستوى العلاقات الدبلوماسية بين الجانبين إلى مستوى القائم بالأعمال، واستغرق الأمر سبع سنوات لعودة العلاقات إلى مستواها السابق.
 
وتراجعت العلاقات التركية الإسرائيلية خلال سبعينيات القرن الماضي، حيث أثارت حفيظة إسرائيل بسبب دعم تركيا لردود الفعل على حريق المسجد الأقصى الشريف عام  1969، وتصويتها لصالح القرار الذي أصدرته الأمم المتحدة عام 1975 باعتبار الحركة الصهيونية شكلًا من أشكال العنصرية والتمييز، واعترفت تركيا بمنظمة التحرير الفلسطينية. 
وفي بداية العام 1980، عادت العلاقات الدبلوماسية بينهما على مستوى السفراء، وسرعان ما عادت إلى التراجع مع إعلان إسرائيل فى منتصف 1980 ضم القدس الشرقية، وإعلان مدينة القدس عاصمة أبدية لإسرائيل، حيث أغلقت تركيا قنصليتها في القدس وخفضت مستوى تمثيلها في تل أبيب إلى أدنى مستوى.
وفي عام 1986 عادت العلاقات الدبلوماسية بينهما على مستوى القائم بالأعمال، إلا أن العلاقات دخلت مرحلة أخرى من التراجع بعد الإنتفاضة الفلسطينية الأولى التي بدأت عام 1987، وإعلان تركيا اعترافها بدولة فلسطين التي أعلنت استقلالها 1988.
واستمرت العلاقات بينهما على مستوى القائم بالأعمال منذ عام 1986 إلى أن تمت إعادتها إلى مستوى السفراء عام 1992.

موجة من التقارب

وبدأت حدة التوتر في العلاقات بين الحليفين في الانخفاض بعد تصويت تركيا ضد مشروع قرار لحظر تمثيل إسرائيل في الأمم المتحدة عام 1989 ومع بدء عملية السلام في الشرق الأوسط بمؤتمر مدريد للسلام فى العام 1991 ورفعت كل من إسرائيل وفلسطين من مستوى تمثيلهما الدبلوماسى فى أنقرة إلى مستوى السفير، وتبع ذلك افتتاح تركيا قنصليتها العامة في القدس.
ووقعت تركيا وإسرائيل اتفاقية للتدريب في المجال الأمني عام 1994 وأخرى للتدريب في المجال العسكري عام 1996 كما وقعت اتفاقيات للتعاون في مجال الصناعات الدفاعية، وأخرى للتجارة الحرة.

وفي عام  1998، أجرت قوات من البحرية التركية والإسرائيلية الأمريكية مناورات مشتركة في البحر المتوسط.


شارون والفلسطينيين 
 

تسببت مواقف رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق "أرييل شارون" المعادية للسلام في تخريب العلاقات بين تركيا وإسرائيل، والتي كانت تحسنت نتيجة عملية السلام في الشرق الأوسط خلال تسعينيات القرن الماضي. 

وأدى اقتحام "شارون" للمسجد الأقصى عام 2000 إلى إشعال الانتفاضة الثانية وتسببت سياساته ضد الفلسطينيين في تخريب العلاقات التركية الإسرائيلية.
وبعد خمس سنوات، اتُخذت خطوات تهدف إلى تحسين العلاقات بينهما، حيث قام كل من وزير الخارجية التركي في ذلك الحين "عبدالله غول" وكذالك ورئيس الوزراء "رجب طيب أردوغان" بزيارة إلى إسرائيل وفلسطين.
وفى عام 2006، انتقدت تركيا بشدة الهجوم الإسرائيلي على لبنان  ثم على غزة فى العام 2008.
وشهد منتدى دافوس الإقتصادي عام 2009 مشادة كلامية بين رئيس الوزراء التركي آنذاك رجب طيب أردوغان والرئيس الإسرائيلي آنذاك شمعون بيريز حيث حاول الأخير شرعنة الهجوم الإسرائيلى على قطاع غزة. 
 

انهيار العلاقات 

وكانت حادثة سفينة "مرمرة" فى العام 2010 من أهم الأحداث التي أضعفت العلاقة بين الحليفين، حيث هاجمت القوات الإسرائيلية أسطول الحرية الذي كان يحمل مساعدات إنسانية بغرض كسر الحصار المفروض على غزة، وأدى الهجوم إلى مقتل عشرة ناشطين أتراك كانوا على متن السفينة.
واستدعت تركيا سفيرها في تل أبيب، وطالبت إسرائيل بالاعتذار فورًا عن الهجوم، ودفع تعويضات لعائلات ضحاياه، ورفع الحصار المفروض على غزة.

ومع عدم اتخاذ إسرائيل أي خطوات في هذا الأتجاه خفضت تركيا التمثيل الدبلوماسي إلى مستوى القائم بالأعمال، وعلقت جميع الاتفاقات العسكرية.
وفي عام  2013، قدم رئيس الوزراء الإسرائيلي  "نتنياهو" اعتذار إلى "أردوغان" بخصوص قتلى ومصابي سفينة مرمرة، وقبل أردوغان الاعتذار.
وفي عام 2016، أعلن رئيس الوزراء التركي "بن علي يلدريم"  توصل الطرفين الإسرائيلي والتركي إلى تفاهم حول تطبيع العلاقات بينهما. 
وخلال العام  2016 أرسلت إسرائيل مبلغ 20 مليون دولار إلى تركيا لدفعها لأسر ضحايا حادثة السفينة مرمرة.
وضمن بنود اتفاق المصالحة تطبيع العلاقات بين الجانبين، وعينت إسرائيل "إيتان نائيه" سفيرا جديدًا لها في تركيا، وردت تركيا بتعيين "كمال أوكم" سفيرا لها في إسرائيل.


أزمة منع الأذان 
 

وفي أزمة جديدة بين الجانبين، قال "أردوغان" إن بلاده لن تسمح بمنع الأذان في الأراضي المحتلة، واصفا مجرد النقاش في الموضوع بالأمر المخجل.
وتساءل  "أردوغان" ما الفرق بين الأعمال الحالية للحكومة الإسرائيلية والسياسات العنصرية والتمييزية التي كانت تمارس ضد السود في الماضي في أميركا  وتلك التي كانت تنفذ في ظل نظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا.
وردت إسرائيل باستدعاء السفير التركي في تل أبيب وطلبت منه توضيحا لتصريحات "أردوغان".


وفي مارس من العام الحالى توجّه الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوج إلى تركيا بناء على دعوة من  "أردوغان"، وذالك في أول زيارة لرئيس إسرائيلي منذ العام 2007.
وبعد شهرين من زيارة "هرتسوج"، زار وزير الخارجية التركي "مولود جاويش أوغلو" إسرائيل، وقالت أنقرة وتل أبيب إنهما ترغبان في توسعة علاقاتهما الاقتصادية.
وبعد ذلك، أعلنت الخارجية الإسرائيلية تعيين "إيريت ليليان" سفيرة لتل أبيب لدى أنقرة، وذلك بعد عودة العلاقات الدبلوماسية بين الطرفين إلى أعلى مستوى لها، وقد ظل المنصب شاغرا منذ 4 سنوات بعد تدهور العلاقات بين الطرفين.
 وأصدر الرئيس التركي "أردوغان" الخميس، مرسوما بتعيين "شاكر أوزكان  تورونلار" سفيرا جديدا لبلاده لدى إسرائيل.