حلقت شعر رأسها وتزينت بزي الرجال.. تعرف على قصة القديسة ثيئودورة التائبة

أقباط وكنائس

أرشيفية
أرشيفية

 

من سنة 226 للشهداء ( 510م ) تنيَّحت القديسة ثيئودورة التائبة ووُلِدَت في القرن الخامس الميلادي في عهد الإمبراطور زينون، من أبوين شريفين بالإسكندرية، اتسمت بالجمال البارع مع الحياة التقوية والغنى تزوجت شابًا غنيًا وتقيًا وكانت حياتهما مملوءة سلامًا وفرحًا.

 

 في وسط مظاهر الغنى تعرف عليها شاب غنى أُعجب بحكمتها واتزانها وكان تقيًا وطاهرًا فصارت بينهما دالة ولكن عدو الخير بدأ بعد فترة يلقى فيه بذار الفكر الشرير من جهة ثيئودورة، وتزايدت الحرب حتى وجد الشاب فرصة وصارح ثيئودورة بأفكاره من جهتها فصُدمت إذ كانت ترى فيه النقاوة، وانتهرته مرت الأيام وتزايدت الأفكار حتى سقطا في الخطية لم يعرف أحد ما حدث، خاصة والكل يعلم أنهما طاهران لكن ثيئودورة لم تحتمل نفسها، وفي صراعها، صارحت رجلها بما حدث والدموع تنهمر من عينيها ولم يعرف الزوج ماذا يعمل لأنه كان يثق في زوجته وصديقه، وتحولت حياتهما إلى دموع لا تنقطع، وأخيرًا قررت أن تترك العالم لتقضى بقية أيامها في توبة.

 

 فحلقت شعر رأسها وتزيت بزى الرجال وانطلقت ليلًا إلى دير الأناطون بالدخيلة بالإسكندرية حاليًا.


وهناك سألت رئيس الدير أن يقبلها، فأراد أن يختبرها فتركها على الباب طول الليل وسط البرد الشديد وفي الصباح وجد أن عينيها قد تورمتا بسبب البكاء، فسمح لها بالدخول وعُرفت باسم الراهب تاؤدور أو تادرس.

 

 خدمة فلاحة البساتين


عاشت القديسة في هذا الدير تمارس خدمة فلاحة البساتين محتملة كل تعب بفرح وسرور. وصلواتها لا تنقطع وسط أتعاب العمل واتسمت بالطاعة والوداعة مع النسك الشديد.


وقد وهبها الله عطية صنع المعجزات، فذاع صيتها، ووفد على الدير كثيرون يطلبون بركتها وكان زوجها يئن بلا انقطاع، لا يعلم مكانها وكان مشتاقًا أن يطمئن على خلاصها فقدّم بدموع صلوات وفي غمرة حزنه، ظهر له ملاك يسأله أن يذهب إلى كنيسة القديس بطرس خاتم الشهداء ليجدها بجوار الكنيسة بمفردها ولما انطلق لم يجد هناك سوى راهبًا يقود جمالًا وكان هو نفسه ثيئودورة التي لم يعرفها زوجها لتَغيُّر شكلها بسبب شدة نسكها أما هي فعرفته وحيته فردّ عليها التحية.


ولما رأي عدو الخير أنها أفلتت من مخالبه حرك امرأة شريرة توجهت إلى رئيس الدير تشكو أن هذا الراهب أفسد عفتها وقد احتملت القديسة السخرية بتسليم كامل دون أن تدافع عن نفسها حتى لا يعرف أحد سرها وطُردت من الدير مع الرضيع لمدة سبع سنوات في البرية، فذاقت فيها كل تعب وألم خاصة من أجل الطفل البريء الذى نتج عن خطية لم ترتكبها.

 وكانت تجاهد حاسبة أن ما جرى لها من قبيل التأديب وإذ أظهرت كل ثبات مع التوبة، سمح لها رئيس الدير بالعودة مع الطفل، بعد أن وضع عليها تأديبات قاسية وطلب منها أن تبقى في قلايتها مع ابنها ولا تقابل أحدًا خارج الكنيسة، وعند قرب نياحتها أوصت الابن المنسوب إليها قائلة له: ( يا ولدى لقد قاربت شمسي أن تغيب لكنى أتركك بين يدي أب عطوف هو الله أب اليتامى جميعًا وأملى أن رئيس الدير لا يتخلى عنك والرهبان يعطفون عليك يا ولدى لا تبحث عن أصلك ونسبك إن خير الأنساب هو ما يأتينا من الفضيلة لا تنظر إلى الأمجاد العالمية ولقد قال الرب يسوع طوبى لكم إذا طردوكم وعيروكم وقالوا عليكم كل كلمة شريرة من أجلى كاذبين صلِّ لأجل الخطاة كن عونًا للضعيف.

 اخدم قريبك كما لو كان سيدك، لكي تكون مقبولًا عند المسيح يسوع الذي لأجلنا أخذ صورة عبد )، وبتدبير الله كان رئيس الدير خارج القلاية يستمع إلى هذه النصائح فتأكد أن هذا الراهب مُفترى عليه فطرق الباب ليدخل وينال بركته قبل رحيله ولما دخل وجده قد فاضت روحه.


وأقبل الرهبان إلى جثمان الراهب تاؤدور ليعلنوا أسفهم وإذ أرادوا دفنه أدركوا أنها امرأة، فزاد تعجبهم وللحال انتشر الخبر في كل الإسكندرية. 

وجاء كثيرون يطلبون بركتها عندئذ أدرك زوجها أنها امرأته، فتوسل لدى رئيس الدير أن يقبله راهبًا ويكمل بقية أيامه في ذات قلايتها أما الصبي فكان ينمو في النعمة حتى أحبه الجميع.