عمرو خالد: آيات قرآنية وطرق تفتح لك أبواب الاستمتاع بالكون والحياة

أخبار مصر

عمرو خالد
عمرو خالد

قال الدكتور عمرو خالد، الداعية الإسلامي، إن مشاهد جمال الكون في القرآن لا حصر لها، وقد أعطت هذه الآية: "لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَمَا تَحْتَ الثَّرَى" [طه: 6]، المفهوم الشامل والكامل للبيئة، وأفادت من ضمن ما تعني: شمولية المعنى والحصر لمكونات أي بيئة، حيث السماوات وما فيها من أشياء وموجودات لا يحيط بعلمها الا الله سبحانه وتعالى، ثم الأرض وما فيها من عناصر.

واستشهد خالد في الحلقة الخامسة والعشرين من برنامجه الرمضاني "حياة الإحسان"، المذاع عبر قناته على موقع "يوتيوب"، بالآيات الكريمة التي تتحدث عن مراحل تشكل الكون ونشأته الأولى، ومنها قوله تعالى:{قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْدَادًا ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ * وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ * ثُمَّ اسْتَوَى إلى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ * فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ}[فصلت:9-12].

وأضاف: "تقدم هذه الآيات الأربع كما يقول موريس بوكاي، جوانب متعددة بإيجاز شامل، لمراحل تكون الكون الذي يكشف عنه العلم الحديث وتؤكدها حقائقه، فهي تبين مراحل خلق الأرض وما تشمله من الجبال الرواسي، ومصادر الأقوات المختلفة للإنسان، كما تبين مراحل خلق السماوات وهي دخان، أي كتلة غازية دقيقة، مزيّنة بالنجوم والشموس والأقمار، وهي مصدر للطاقة والإنارة والإرشاد والعمران، وهكذا تتكامل عناصر الكون بعضها مع بعض على مستوى السماوات والأرض، وهو المحور الذي يدور حوله المفهوم الإسلامي للبيئة".

وذكر أن القرآن الكريم يتحدث عن عناصر مرئية للبيئة، وأخرى غير مرئية في الكائن الحي وفي غيرها من الميكروبات والكائنات الدقيقة، وعن العناصر التي يكتشفها العلم في باطن الارض أو في قاع البحار أو في الفضاء الخارجي، كما في قوله تعالى:{وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ}[الذاريات: 21]، وقوله تعالى:{سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ}[فصلت: 53]

وأوضح أن هذا "ما يشير إلى أن الله سبحانه وتعالى سيكشف لنا في المستقبل آياته، في الأرض وفي الآفاق المحيطة بها، ولعل وصول الإنسان إلى القمر ومحاولة وصوله إلى المريخ، وكل ما يحدث من محاولات للكشف أسرار الكون في الآفاق المحيطة بالأرض، يأتي مصداقا لهذه الآية الكريمة".

وأورد خالد من دلائل القرآن الكريم على العناية والاهتمام بالبيئة، أن هناك عددًا من السور يسمى بأسماء للحيوانات والحشرات وبعض النباتات والمعادن، وبعض الظواهر الطبيعية، مثل: البقرة، الأنعام، الفيل، العاديات (الخيل)، والنحل، والنمل، والعنكبوت، والتين، والحديد، والرعد، والذاريات (الرياح)، والنجم، والفجر، والشمس، والليل، والضحى، والعصر، والطور (جبل)، والبلد (مكة)، والأحقاف (مكان في الجزيرة العربية)، والحجر، والكهف، معتبرًا أن هذه التسميات للسور القرآنية لها دلالاتها وإيحاؤها في نفس الإنسان المسلم، وربطه بالبيئة من حوله، بحيث لا يكون في عزلة أو غفلة عنها.

ورد خالد على اتهام الغرب للمسلمين بأنهم لا يدعون لحماية البيئة، قائلًا: "على الرغم من أنه هو من أفسدها من جشع الرأسمالية "ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ"، ومع ذلك يحسب للغرب الآن المحاولات لتحسين البيئة، من استخدام الكرتون بدلًا من البلاستيك، وإلزام شركات الورق بزرع 10 شجرات مقابل كل طن ورق".

 

وأشار إلى أن "للإسلام فضل عظيم على البشريّة حين جاء بحقائق تبيّن أن الكون في خدمتها وليس عدوًّا لها كما تصوّر بعض العقائد، ولا هو شيء مقدّس تعبده وتخدمه كما في عقائد أخرى، وهذا ما أتاح للعلماء والمستكشفين والمخترعين أن يبحثوا ويتعرّفوا على سنن الكون ويستخرجوا خيراته بدل أن يصارعوه أو يخافوا منه أو يعبدوه".

 

 شدد خالد على أنه "لا يمكن رؤية الجمال الكوني من دون الأخلاق"، مفسرًا ذلك بأنه "منذ أعوام عدة، كانت المدن جميلة، وكانت المباني تظهر بصورة جاذبة بكل معانيها، كلها ذوق وجمال، إلى أن قام فرد أو اثنان أو أكثر بمخالفة التراخيص في البناء، وأقاموا عمارات شاهقة تظهر شكلًا عشوائيًا في المدن، وعندما حدث ذلك، لم تكن البنية التحتية للمكان على استعداد لهذا العدد، فظهرت مشكلة الزحام، وأخلاق الزحام الفاسدة".

وأوضح أن تذوق الجمال من أعظم نعم الله، والنبي صلى الله عليه وسلم يحث على التجمل والاعتناء بالبيئة والاعتناء بالمظهر الشخصي، فيقول صلى الله عليه وسلم: "إنّ الله جميل يحب الجمال"، معتبرًا أن "حب الجمال عقيدة، لأنّ الله جميل، وهو مصدر جمال الكون، ويحب أن يراك جميلًا ويحب أن يرى منك كل جميل".  

وربط خالد بين التنعم في الآخرة برؤية بالجمال وتذوقه في الجنة وجمالها وحسنها بما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، مصداقًا لقوله تعالى: (مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى وَلَهُمْ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَمَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ...) (محمد/ 15). 
 

وفيما يتساءل: "كيف أربي نفسي على هذا الخلق وأستطيع أن أتذوق الجمال من حولي؟"، أجاب خالد: "اجعل عينيك عين نحلة، ولا تجعلها عين ذبابة، بمعنى: اجعل عينيك تقعان على الجمال وتهفوان إليه ولا تقعان على القبح. استخدم حسك الداخلي في رؤية الجمال من حولك والسعي إلى الجمال جزء من الإتقان".

واعتبر أن "الإتقان جزء من الإحسان"، داعيًا إلى إحياء "عبادة التفكر في خلق الله تعالى، فإنّه يعينك على تذوق الجمال: (وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الأرْضَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْهَارًا وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) (الرعد/ 3). وأن تنشر الجمال من حولك، في ملبسك وسيارتك وبيتك وفي معاملاتك وفي كل ما يحيط بك، فهيا معًا لنحيي خُلقًا عظيمًا من أخلاق الإسلام، ولنجاهد أنفسنا عليه لننال عظيم الأجر من الله تعالى".


شاهد الحلقة: