رامي رشدي يكتب: يا شيخ الأزهر احذر هذا الفخ

مقالات الرأي

رامي رشدي
رامي رشدي

“مودة” تستعد لشهر رمضان بـ«الزج» بشيخ الأزهر وسط مجموعة متطرفين


فجأة ودون مقدمات انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعى إعلانات ترويجية لقناة تحمل اسم «مودة»، معلنة عن عودة وجوه إعلامية اندثرت منذ سنوات، على غرار السلفى الشهير محمد حسان، الذى حسب الإعلان سيقد برنامج يحمل اسم المصير، والسلفى حازم شومان، ببرنامج «إنى آنست نورًا»، والإخوانى محمد الغليظ، ببرنامج «شهادة تقدير»، والسلفى محمود المصرى، وشريف شحاتة، وعمرو عبدالكافى، وغيرهم.

لكن ما أثار لغطًا كبيرًا هى الحملة الترويجية التى بدأتها القناة، وكشفت عن وجود برنامج للدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، باسم «الطيب»، فكان الأمر بمثابة مفاجأة غير متوقعة.

وخلال الفترة الماضية أفردت القناة مساحة واسعة وغير مسبوقة لشيخ الأزهر عبر شاشتها، إلى جانب قيامها بتصدير صورته عبر صفحتها الرسمية على موقع التواصل الاجتماعى فيس بوك، وهو ما أثار التساؤلات حول علاقة الأزهر الشريف بالقناة.

 

وفقا للمعلومات التى حصلنا عليها، فإن الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، لا علاقة له بتلك القناة لا من قريب أو من بعيد، ولا يعلم عنها شيئًا، والبرنامج الذى تروج له القناة، موجود بالفعل وتمت إذاعته على القنوات الرسمية المصرية، والقناة الفضائية للتليفزيون المصرى، كما أن الجهة المنتجة لبرامج الأمم الأكبر هو مجلس حكماء المسلمين، وتتم  إذاعتها فى شهر رمضان الكريم، كما لا يوجد علاقة لجهة الإنتاج أو مشيخة الأزهر بقناة مودة، والجهة التى حصلوا منها على محتوى برنامج «الطيب» غير معروفة.

وحتى الآن يتم دراسة خيارين، إما الرد ببيان إعلامى يصدر عن مشيخة الأزهر ينفى علاقة الشيخ الطيب بالقناة، أو الترفع بمكانة ومقام الإمام الأكبر عن تلك الصغائر، لكن الأمر يستحق التدخل من الدكتور أحمد الطيب، خاصة مع استغلال اسمه وصورته والمحتوى العلمى الذى يقدمه وسط هذا الكم من أناس تطالهم تهم الإرهاب والتكفير، فى محاولة لغسيل سمعتهم، باستخدام اسم الإمام الأكبر، ناهيك عن اللعب بعقول الناس ودس السم فى العسل باستغلال هيبة الأزهر الشريف فيما يقدم، وهنا نطالب الإمام الأكبر بضرورة اللجوء للجهات القضائية والاحتكام للقانون، وتقديم بلاغ للنائب العام ضد القناة والقائمين عليها حتى يبرىء ساحته أمام الله وأمام الناس.

 

أطلقت قناة مودة فى ٤ نوفمبر ٢٠٢٠، وهى إحدى القنوات التابعة للشركة الأردنية السعودية للبث الفضائى، وتتنوع برامجها بين: الصوفيَّةً والسَلَفِيَّة، وهى عبارة عن مؤسسة إعلامية حرة للبث الفضائى، تستهدف الاستثمار فى مجال الإعلام من خلال منظومة البرامج التى تشرف على بثها أو إنتاجها، وتأسست عام ٢٠٠٨ واتخذت من الأردن مقرًّا لها.

وتبث غالبية القنوات المملوكة للشركة عبر القمر الصناعى المصرى نايل سات، ويشير بيان ترددات قناة مودة الفضائية أنها تبث أيضًا من خلال النايل سات.

 

الغريب أن كل ما يتصدر شاشة تلك القناة هم مجموعة السلفيين المتهمين فى قضايا إرهابية ونشر أفكار متطرفة، وأولهم محمد حسان، الذى كان آخر ظهور له فى القضية  المعروفة إعلاميا بـ«خلية داعش» عندما استمعت المحكمة لشهادته، وأعلنت محكمة جنايات أمن الدولة طوارئ إرهاب، تأجيل نظر القضية المتهم بها ١٢ شخصًا بالدعوة للتخريب إلى جلسة ٩ أكتوبر المقبل.

وتضمنت حيثيات الحكم أن المتهمين استندوا فى أفكارهم ومخططاتهم إلى أفكار محمد حسان، وشهدت جلسة المحاكمة سجالًا فكريًا بين رئيس المحكمة المستشار محمد السعيد الشربينى، والشاهد الشيخ محمد حسان، ووجه رئيس المحكمة الشاهد محمد حسان بأقوال المتهمين، واستنادهم إليه فى دعوتهم للتخريب والعنف.

أما الداعية الثانى فهو حازم شومان، الذى كان من قادة اعتصام رابعة الإرهابى، ولم يكن مجرد معتصم عادى، بل كان يدافع عن الإخوان ويشد من أزر المعتصمين لمواجهة الدولة المصرية.

وكان يحذر خلال ثورة ٣٠ يونيو قائلًا لو نجح ما أسماه «الانقلاب العسكرى» فسيتم ذبح كل شباب الثوار، وكان يعتبر أن تفويض المصريين للرئيس عبدالفتاح السيسى بمواجهة الإرهاب، هو تفويض بقتل المصريين، الثالث هو محمود المصرى، الذى أعلن الكثير من الآراء المتطرفة والشاذة، وهو تلميذ نجيب للإرهابى محمد عبدالمقصود.

الرابع هو محمد الغليظ، الملقب بـ«ونش السلفية»، والذى كان يسيطر على مسجد للأوقاف، ولكن تمكنت الوزارة من إنقاذ المسجد، ووصل التطرف بـ«الغليظ» إلى انتقاده المنقبات بسبب تجسيد النقاب للجسم، مع عدم ارتداء المنقبة للقفازات، ونشر صورهن على الفيس بوك، وانتقد الأب الذى يمنع ابنه من التدخل فى حياة شقيقته، ووصفه بـ«الفاشل» فى التربية، وأكد عدم جواز تهنئة المسيحيين فى أعيادهم، وكل تلك الأفكار المتطرفة التى يغرسها فى عقول ونفوس الناس، هى نموذج مصغر لفكر «ونش السلفية» الغليظ.

 

بالدخول على الصفحة الرسمية لقناة مودة على وسائل التواصل الاجتماعى، ستجد أنها استعانت بمن يرتدى الزى الأزهرى، ومن أطلق اللحية، ومن يرتدون الزى الصوفى، وأغلبهم لا أحد يعلم عن مرجعيتهم شيئًا، ولا من أجازهم من علماء ومشايخ الأزهر الشريف.

وليس من قبيل الصدفة أن يتم الترويج لهم من منصة تجمع بين الإمام الأكبر شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب، والسلفى الأشهر محمد حسان، أو بالأدق منصة تجمع بين شيخ الأزهر وكل هؤلاء المتورطين والمتهمين، والصدفة هنا غير واردة لأن هناك ملفا تتبناه الدولة المصرية ويحظى برعاية الرئيس عبدالفتاح السيسى، وهو ملف تجديد الخطاب الدينى، والتداخل الآن مقصود بهدف كسب أرضية جديدة بين الناس بدلًا من التى احترقت تمامًا خلال السنوات الماضية، وإن كانت مؤسسة الأزهر تحاول وتسعى فى ملف تجديد الخطاب الدينى بخطوات بطيئة لا تناسب إيقاع العصر، ولكن على الإمام الأكبر الرد بكل حسم على من يحاولون الزج به وسط هؤلاء، مع الكشف نواياهم وأهدافهم حتى ينأى الأزهر بنفسه، وحتى يعلم الناس كيف تتم محاولات إحياء هذا البيزنس.