د. رشا سمير تكتب: سابق ولاحق في شوارع القاهرة!

مقالات الرأي

بوابة الفجر

                                

مما لا شك فيه أن التطوير الذي قامت به الدولة في شوارع القاهرة بتوجيه من فخامة الرئيس هو شكل إيجابي من أشكال الإرتقاء بوجه الدولة المصرية، وهذا ما لمسته بالفعل مع زيارة صديقة جاءت إلى القاهرة وكانت أخر زيارة لها منذ ثلاثة أعوام، فإذا بها تعبر عن إنبهارها الشديد بالشكل الحضاري الذي يواكب الدول المتقدمة والذي يليق بإسم مصر.
هناك مناطق إستفادت من هذا التطوير في شكل توسيع الشوارع وهو ما جعل هناك إنسياب مروري في تلك الأماكن، وهناك أماكن تضرر سكانها من هذا التطوير مثل منطقة مصر الجديدة التي إفتقد أهلها وخصوصا الكبار منهم مظهر الحدائق والأشجار والورود التي كانت تكسو الحدائق المتناثرة هنا وهناك كل ربيع، إلا أن السيولة المرورية في مصر الجديدة حقا أحدثت فارق.
الواقع أيضا أن المشكلة الأكبر في توسيع الشوارع وجعلها طرق سريعة كانت أماكن عبور المشاه، حيث تضرر كبار السن من سكان المناطق التي طورت من عبور الشارع بصعوبة وهو ما أدى إلى عدد يومي من الوفيات في منطقة مصر الجديدة وألماظة ومدينة نصر لا بأس بها. 
حاولت الحكومة حل هذه المشكلة بوسائل لم تكن مجدية بكل أسف مثل ما يحدث في شارع الثورة عند عبور أي شخص، يصطحبه عسكري المرور من يده ويوقف السيارات بإشارة من عصاه المضيئة مما يستبب في إرباك الشارع بأسره، حتى كباري المشاه التي تم تصميمها يبدو أنها لا تخدم الغرض لأن السلالم عالية وصعبة الصعود خصوصا لكبار السن، لا ننكر أن بعضها مبني بسلالم كهربائية ولكن معظمها سلالم عادية، ربما هي دعوة اليوم لتغيير كل كباري المشاه إلى سلالم كهربائية وزيادة عددها..وربما أن عمل بعض المطبات في الشوارع العريضة قد يقلل من سرعة العربيات التي تتسارع بشكل مرعب، كما أن بعض إشارات المرور التي تم عملها لتقليل سرعة العربيات على سبيل المثال في شوارع مصر الجديدة تعطلت مع الوقت ولم يتم إصلاحها أو وكما يبدو أنها دخلت في طي النسيان.
كل هذه مشاكل صغيرة من السهل تداركها، أما المشكلة الكبرى التي أعتبرها أنا ظاهرة خطيرة جدا وهو ما دعاني للكتابة اليوم عن هذا الموضوع، هي ظاهرة السباق المحموم الذي يظهر في شوارع القاهرة مساءا أو بالتحديد ما قبل منتصف الليل ويستمر حتى الساعات الأولى من الصباح..التجمعات الشبابية التي تكاثرت بشكل مرعب حول السيارات التي تصنع القهوة في الشوارع وحول الكافيهات التي ملأت كل مكان، جعلت السهرات الشبابية تمتد إلى الصباح، وأحدثت ظاهرة أخرى هو سباق السيارات المحموم، مراهنات وسباقات يقوم بها الشباب كل يوم في شوارع القاهرة التي تم توسيعها مثل شارع الثورة والميرغني، وشارعي حافظ رمضان وأحمد فخري بمدينة نصر، الشباب يقودون السيارات بسرعة محمومة ويتسابقون مثل المجانين غير أبهين بأي شئ، تسبب هذا السباق الذي يدور بشكل يومي في قتل شاب كان يعبر شارع حافظ رمضان، وتدمير سيارة كانت تقف في أحد الشوارع وفرار الشاب الذي صدمها والعوض على الله لصاحبها، ناهيكم عن محاولات السكان بالخلود للنوم وسط أصوات فرامل السيارات وأصوات المواتير الغير محتمل.
حاول سكان تلك المناطق كثيرا إيصال صوتهم للمسئولين بلا جدوى، والأغرب أن سيارات دوريات الشرطة تدور طوال النهار ولا يسمحون لأي شخص بالوقوف صف تاني، ما بين كلبشة السيارة والمخالفات حتى ضج أصحاب البيوت منذ أصبح الإنتظار صف واحد موازي للرصيف، إلا أنه لا وجود لدوريات الشرطة أثناء تلك السباقات المحمومة التي أودت بحياة بشر وأزعجت سكان المنطقة.
إنني من هنا أناشد السيد محافظ القاهرة والسيد مدير أمن القاهرة بضرورة تواجد دوريات ليلية لمتابعة هذه المخالفات ومنع الشباب من هذه الممارسات، إيقاف تلك الظاهرة أمر ضروري يحتاج إلى إنضباط حاسم لأنها حياة بشر، يجب أن يتم الردع والمحاسبة حتى لا يتحول الشارع المصري إلى فوضى، التطوير لا بد وأن يواكبه إنضباط حتى يأتي بثماره...
مش كده والا إيه!.
                                      [email protected]