طارق الشناوي يكتب: صلاح.. قلب وعقل وقدم!

الفجر الفني

طارق الشناوي
طارق الشناوي

 

الصورة التى انتشرت لـ «مو صلاح» بينما زميله تريزيجيه يضع قدمه اليمنى على ساقه وكأنه يوجه لها تحية على التمريرة القاتلة التى أرسلها له بكل دقة، وجاءت إليه (مقشرة) فلا يجد صعوبة فى تحقيق الهدف الثانى، لتصعد مصر إلى الدور قبل النهائى بهدفين، الأول أحرزه صلاح والثانى هو صانعه.

إنه فرحة وبهجة المصريين، تلك قطعا حقيقة، إلا أننا ينبغى أن نضيف حتى تستقيم العبارة، أنه أيضا فرحة العرب، ثم فرحة العالم.. فى أى بلد نسافر إليه صار اسم صلاح يسبقنا، لأننا من بلد أنجب موسيقار الكرة، صلاح لاعب ملهَم وملهِم، بفتح الهاء فى الأولى وكسرها فى الثانية، لديه لمحاته الخاصة من وحى اللحظة، كما أنه يثير بداخل باقى أفراد الفريق طاقة إيجابية تدفعهم للفوز، وهذا هو دور الكابتن، سحر خاص فى الملعب يتحرك برشاقة، وينجز الكثير، يقولون إنه لا يتدخل بقوة فى الكرات المشتركة ويؤثر السلامة، طبيعة الأداء العربى والإفريقى يحمل قدرا من العنف، الذى قد يتسامح معه الحُكام، وهو حريص على أن يشتبك فقط فى مساحة آمنة، ما الذى سنجنيه عندما يخرج مصابًا من الملعب؟!.

لا يتقاعس أبدا عند الاحتكاك الذى تفرضه طبيعة اللعبة، وهو مثل كل لاعبى الكرة بعد كل إجادة أو إخفاق يتوجه إلى قدمه بضربها بقوة على الأرض، كل لاعبى الكرة عبر التاريخ لديهم نفس التفاصيل، بينما القدم بريئة من كل ذلك.

العقل هو الذى يمنح إشارة للقدم، أرى صلاح قلبًا أولا، عقلًا ثانيا، قدمًا ثالثا، تابعوه وهو يحتضن فى الملعب لاعبًا مغربيًا يبكى لخسارته، قلبه يسبق عقله فى توجيه الإشارة.

تذكروا فى وقت وجدنا الجماعة إياهم وهو يحرّمون شجرة عيد الميلاد (الكريسماس)، بينما هو يلتقط صورة وبجواره زوجته وابنتاه مكة وكيان، يرتدون نفس لون الملابس وخلفهم الشجرة، لتصدير الفرحة للجميع.

قبل ذلك سأله الإعلامى عمرو أديب عن تعاطى الخمر، جاءت إجابته أنه لا يشربها لأنه لا يحبها.

الرجل صادق مع نفسه، لم يتطرق إلى الحلال والحرام الدينى، ولكن إلى ذوقه الشخصى، ولو قال حرام فهو حرام مطلق للجميع، وهو يعلم أن دينه يحرّمها وليس كل الأديان. بينما مع فريق الكرة، يسبقهم صلاح بالسجود فى الملعب بعد إحراز هدف، أصبحت عادة للفريق توارثناها فى العقود الأربعة الأخيرة، الشكر لله والحمد لله عز وجل.

لست ناقدا رياضيا، ولكن لدىَّ شغف بمتابعة كرة القدم فى إبداعها الجمالى، وهؤلاء اللاعبون عبر التاريخ سكنوا قلبى بعيدا عن الانتماء الكروى.. أحببت صالح سليم ورفعت الفناجيلى وطه إسماعيل وعادل هيكل، ورضا وشحتة وبدوى عبدالفتاح وعلى أبو جريشة والشاذلى وحمادة إمام وسمير قطب، وحسن شحاتة وحازم إمام.

صلاح قبل أن يعبر للشاطئ الآخر كان ينشئ قى قريته مشروعات لها بُعد إسلامى مباشر، مثلا مركز تحفيظ القرآن وغيره، بعد ذلك بدأت مشروعاته تتوجه لكل الناس. عندما اتسعت مداركه، أيقن أن الله واحد.. وأسخف دعاء هو أن تقول اللهم اشفِ مرضانا (المسلمين).. والصحيح أن يقول اشف كل مرضانا فى العالم..

صلاح أيقونة بشرية يحركها القلب الذى اتسع للبشر أجمعين.

[email protected]

المقال: نقلًا عن (المصري اليوم).