سعيد صادق لـ "الفجر": كورونا سبب انتشار العنف في مصر.. وهذه طرق التصدي للجرائم البشعة (حوار)

تقارير وحوارات

بوابة الفجر

لا شك أن جرائم العنف أصبحت من أكثر المشاكل التي تواجه مجتمعنا في الوقت الحالي، فبين اليوم والآخر نسمع عن جريمة جديدة والتي كان آخرها العثور على جثة طفلة ملقاة وسط مخلفات أخشاب بجوار إحدى المقاهي بكرداسة وعليها آثار تعذيب وكدمات.

تلك الجريمة المأساوية التي وقعت بعد مرور أقل من أسبوع على جريمة القتل المفجعة، التي طالت طفلة في سوهاج بمصر، وقبل تلك الجريمتين حادث الإسماعيلية الشهير والتي ذبح فيها المتهم أحد الأشخاص في الشارع وفي وضح النهار ليدق ناقوس الخطر بشأن انتشار جرائم العنف.

وعن أسباب انتشار العنف، كشف الدكتور سعيد صادق، أستاذ علم الاجتماع السياسي، لـ"الفجر"، عن أسباب انتشار الجرائم وطرق التصدي لها.

 

كيف تفسر انتشار جرائم العنف في الشارع؟ وهل تحول الأمر إلى ظاهرة؟

الجريمة والعنف ليسوا بحديثي العهد ولا وليسوا موجودين في مناطق بعينها، ولكن انتشار جرائم العنف يكون أكثر في المناطق العشوائية بسبب الفقر والجهل والفوضى والمخدرات.

حادث الإسماعيلية كمثال على أن المخدرات أحد أبرز الأسباب وراء جرائم العنف وسوء السلوك من قبل بعض المواطنين.

بجانب المخدرات والفوضى، يعد كثرة الإنجاب من أسباب انتشار ارتكاب جرائم العنف، فتزايد العبء والضغط والمتطلبات، قد يؤدي إلى انتشار عادات سلبية تؤثر على الأسرة بشكل خاص وعلى المجتمع بشكل عام، منها انتشار الجرائم.

مع انتشار جائحة كورونا وحالة الإقفال كانت من أحد أسباب انتشار العنف في الشارع، فالزحام والظروف الاقتصادية قد يكونوا أحد أسباب انتشار الجرائم.

من بين أسباب جرائم العنف سوء التربية وترك الدين وأسس المجتمع خاصة وأن تلك الجرائم قد تكون بين أقرب الأقربين سواء كان الزوج القاتل أو الزوجة القاتلة أو قتل الابن على يد والده أو ما شابه.

 

 

من المسؤول عن زيادة انتشار جرائم العنف في مصر؟

وظيفة الدولة حفظ الأمن والنظام وتأمين المواطنين وحماية ممتلكاتهم الخاصة، الأمن في المجتمع المصري قد يعاني من الخلل في بعض القضايا والوقائع.

يجب على الدولة تغليظ العقوبات وتسريع وتيرة المحاكمات في قضايا العنف خاصة في جرائم العنف ضد المرأة في قضايا كوقائع التحرش والاغتصاب، فضلًا عن ضرورة متابعة المعروف عنهم اعتياد الإجرام.

ولنا مثال على ذلك واقعة سمية طارق الشهيرة بـ «فتاة المول»، فقد اعتدى المتهم عليها بعد خروجه من السجن، لو كان القانون رادع لما كان تعرض لها مرة ثانية.

وزارة التربية والتعليم عليها دور كبير في تقليل الجرائم والعنف، فخلال الفترة الماضية انتشرت الجرائم بين طلبة المدارس وطلبة الجامعات، ما يفتح الباب لضرورة متابعة سلوك الطلاب في المدارس وبناء على هذا التقييم يجب محاسبة واتخاذ إجراءات ضد كل من يمارس العنف والبلطجة داخل المدرسة لأن الطالب المشاغب في المدرسة قد يتحول إلى مجرم في المجتمع.

 

في واقعة كحادث الإسماعيلية.. برأيك لماذا لم يتدخل أحد من المارة؟ وهل شهود عيان الواقعة في الجريمة؟

لا نستطيع اتهام المارة والجمهور بالمشاركة في جريمة كالتي حدثت في محافظة الإسماعيلية لمجرد تواجدهم في المكان.

وعدم تدخل الكثيرين دافعه الخوف على الحياة، فمن منا مستعد لخسارة حياته أو التعرض لعاهة أثناء فض مشاجرة بين بلطجية؟ والدليل على ذلك وجود إصابات بين من حاولوا فض الخلاف بين الجاني والضحية.

فض تك المشاجرات ليس دور المجتمع ولا دور الأفراد وإنما دور المنظومة الأمنية، ويجب على الدولة تغليظ العقوبات على المتهمين في جرائم العنف حتى لا تتكرر.

 

اتهامات كثيرة تواجهها الدراما بالتحريض على العنف.. هل تعتقد أن الدراما لها دور في انتشار مثل تلك الجرائم؟

الفن برئ من العنف، وتجسيد دور البلطجي في الأفلام لا يدفع بالضرورة إلى ارتكاب الجرائم، ولنا مثال قس ذلك السينما الأمريكية أو غيرها فتمتلئ بالكثير من الأفلام العنيفة والتي تجسد الشخصيات الخارجة عن القانون، هل هذا سبب لانتشار الجرائم في تلك البلاد؟

لا أعتقد أن فنان ظهر في عمل فني وهو يذبح شخص ويأخذ رأسه ويسير بها في الشارع، الجرائم موجودة قبل وجود السينما والتليفزيون ولكن كما قلنا سابقًا أن السبب وراء ظهورها على المشهد انتشار الأخبار عنها على السوشيال ميديا والتليفزيون.

ومثال على ذلك، كم من الأعمال الدرامية والفنية تتحدث عن تحديد النسل، هل أثرت في أحد؟ لماذا نتأثر بالبلطجة في الفن ولم نتأثر في تحديد النسل؟ لأن مهما كان دور الفن لا يجب أن نحمله أكثر من حجمه ودوره المجتمعي.

 

كيف نتمكن من الحد من انتشار ارتكاب تلك جرائم العنف؟

الدفع بالمزيد من أفراد الأمن في الشارع لحماية المواطنين من البلطجية، كما قلت وأكرر أن تغليظ العقوبات وسن المزيد من القوانين والإجراءات في قضايا العنف والبلطجة على رأس الطرق للحد من انتشار الجرائم في مجتمعنا.

تغليظ العقوبات يجب ألا يتوقف عند مرتكب الجرائم، بل على كل من يدافع عنه، فمثلا في الواقعة المعروفة بـ «تصوير الفتيات أثناء تبديل ملابسهن بمحل شهير في الهرم»، فقد قالت الفتاة إن عدد من الموجودين طالبوها بالتنازل عن حقها وعدم إبلاغ الشرطة حفاظًا على مستقبل الشاب.

عند تغليظ العقوبة على كل من يتواطأ أو يدافع عن هؤلاء المتهمين، لن يجدوا من يقف في صفهم وسيفكرون ألف مرة قبل ارتكاب أي جريمة.

 

كيف ترى دور السوشيال ميديا في نشر تلك الجرائم؟

الجرائم موجودة منذ قديم الأزل كما قلنا من قبل، ولكن مع وجود السوشيال ميديا والكاميرات أصبحت وسيلة للكشف الجرائم ونشرها، حتى أصبحت دليل لإدانة المتهمين في ارتكابهم لجرائم يعاقب عليها القانون.

السوشيال ميديا والتصوير باستخدام كاميرات الهواتف المحمولة ساهم في كشف ونشر العديد من الجرائم وهذا هو الدور المجتمعي، تسليط الضوء ولفت نظر الحكومة لاتخاذ إجراءاتها في مثل تلك الوقائع.

ونريد أن ننوه ايضًا إلى الخطوة الممتازة للحكومة متمثلة في إلزام أصاب المحلات بتركيب كاميرات المراقبة، فتلك الخطوة ساهمت بشكل كبير في تقليل الجرائم.