طارق الشناوي يكتب: أحبه مهما أشوف منه

الفجر الفني

طارق الشناوي
طارق الشناوي


كثيرا ما ننزعج من حالة الانفلات التى أسفرت عنها (الوسائط الاجتماعية)، وكالعادة يطالب المجتمع، من خلال رسائل متعددة، الدول بالتدخل لإيقاف حالة التسيب التى يرى الكثير من مظاهرها، ورغم ذلك فإن القطاع الأكبر يمنح كل حياته لهذه الوسائط.

(السوشيال ميديا) تملك اليد العليا فى أغلب الأمور، وعلى كل المستويات، ومن يعرف سرها وفك شفرتها، هو من يعتلى القمة، المسلسل الناجح الذى يمتد زمنه إلى نحو 15 ساعة يتم اختصاره فى العالم الافتراضى إلى عدد من المشاهد لا تتجاوز بضع دقائق، هى التى نحكم بها فى نهاية الأمر، بينما البرنامج، أصبح مؤشر نجاحه هو عدد المرات التى تمت فيها إعادة مقطع منه، اللقاءات التليفزيونية تلتقط منها لمحة واحدة هى (التريند)، وأحكام الناس فى نهاية الأمر تتحول هى أيضا إلى صدى لهذا (التريند).

الكثير من القرارات يتم اتخاذها وفقا لقراءة ما يسفر عنه العالم الافتراضى، عدد من الأعمال الفنية تم إيقافها مؤخرا جاء القرار تحسبا لغضب عبرت عنه تلك الوسائط، مسلسلات مثل (الملك) و(خالد بن الوليد) والسيرة الذاتية لـ(أحمد زكى)، وغيرها، بدأ بالفعل تصوير بعضها ولكنها لم تستكمل، بسبب الرسائل الغاضبة من العالم الافتراضى، هذا المؤشر مخادع لأنه يمكن تحريكه من القمة إلى السفح، مثلا عدد الشتائم ولا أقول الانتقادات التى تنال من محمد رمضان تضعه فى المركز الأول بين النجوم المستهدفين، ورغم ذلك عندما يقيم حفلا غنائيا يحقق أعلى (شباك تذاكر)، كيف يمكن تحليل الرقم؟ أين الحقيقة؟ هل هو مكروه إلى هذه الدرجة، أم محبوب لهذه الدرجة؟.

جاء إغلاق عدد من الوسائط على مستوى العالم وهو يضع أكثر من نصف البشر فى حالة من الذهول، صارت تلك المواقع مثل الماء والهواء لا غنى عنها، الحياة الآن واقعيتها فى عمقها الافتراضى.

حتى كتابة هذه السطور لم تتضح بعد الحقيقة، كيف توقف فجأة هذا العالم، الشقيقات الست التى درسناها فى قسم صحافة بكلية الإعلام (من وكيف وماذا ولماذا ومتى وأين)، لم نجب على أغلبها.

هناك اختراق لكل تفاصيل الحياة، وتوجد مجموعة فى يدها المفتاح، من الممكن فى أى لحظة أن تبدأ فى استخدامه لتهديد العالم، حتى الآن ما يتردد يضعنا فى منطقة ضبابية، ولا توجد صدفة ولا عشوائية، كم استمعنا لعدد من كبار الشخصيات العامة المحاطين بسياج من السرية، وقد تم اختراق حسابهم الشخصى، وتم تداول أسرار أرادوا لها الكتمان، وهناك جهات تعبث فى كل ما يبدو ظاهريا عصيا على الاقتحام. هذا الكائن الأسطورى هل له صاحب؟ أمريكا تبدو فى مقدمة المشهد وكأنها (صاحبة الليلة) تجيد استخدامه سياسيا واجتماعيا لصالحها، وتسعى لتوجيهه.

وهو ما دفع دولة مثل الصين لحظر العديد من المواقع وإطلاق مواقع بديلة تحمل توقيعها وتحت رقابتها الصارمة، إنها الحرب القادمة وبقوة فى هذا القرن، هناك من سيتلاعب بين الحين والآخر ليقول لنا (نحن هنا) ويفرض سيطرته على الجميع، اختراق منظم قادم، يستطيع بضربة زر واحدة إيقاف العالم. الكائن الأسطورى سيشهد صراعا حادا، انتهى بعد الحرب العالمية الثانية زمن التهديد بالقنبلة الذرية، الآن صارت (السوشيال ميديا) هى القنبلة المدمرة لكل مظاهر الحياة، كلنا مهددون، وكلنا نردد (أحبه مهما أشوف منه).

[email protected]

المقال: نقلًا عن (المصري اليوم)