"عربة ذهب وحادث قتل".. حكايات بيت الأمة الأقصري "قصر أندراوس باشا"
يقع قصر توفيق باشا أندراوس على ضفاف النيل في مدينة الأقصر العريقة، وفي حرم معبد الأقصر، وتم إنشاؤه في عام 1897م، والمنشئ هو "يسى باشا أندراوس" والد "توفيق باشا" الزعيم الوفدي والشخصية الوطنية المعروفة والمشهود له بالأعمال الوطنية الجريئة.
وقال عماد عثمان كبير أثريين سابق بوزارة السياحة والآثار، إن القصر تمتلكه عائلة أندراوس باشا التي تنتمي إلى مدينة قوص في محافظة قنا وعملوا بالتجارة ثم نزحوا إلى الأقصر وقاموا بالعمل في الأشغال الفندقية وبنوا فندق "سافوي".
وتابع، ظل الجد الأكبر للعائلة "بشاري أندراوس" يعمل بالتجارة وأنجب ولدين هما "توفيق وياسا" والذين سلكا طريق السياسة فقد حصل ياسا باشا علي البكوية ثم الباشوية، في حين حصل توفيق علي الباشوية مباشرة، وعرف "توفيق أندراوس باشا" بسبع الصعيد بعد أن بايع الزعيم سعد زغلول نيابة عن أقباط الصعيد.
وكان توفيق يتولى إعداد مؤتمرات حزب الوفد، الذي حاز علي محبة الصعيد خاصة بعد تحديه للحكومة أثناء زياره سعد باشا زغلول للأقصر، ورفض الحكومة استقبال الباخرة التي حملت زعيم الأمة، فواجه "توفيق" الحكومة ووقفت الباخرة في منطقة قصره، وله عبارته المشهورة "احنا حنرجع سعد بالقوة، وأنا عندي رجالتي" وكان الشقيقان "توفيق وياسا" من هواة جمع الآثار ووهب توفيق أندراوس ما يقرب من 100 فدان لبناء المساجد والكنائس، خصص جزء كبير منها لبناء مسجد سيدي أبو الحجاج بالأقصر.
وقد انتخب توفيق باشا نائبا عن دائرة الأقصر في انتخابات مجلس الأمة وفاز بأغلبية ساحقة، ثم أعيد انتخابه مرات عديدة وفاز بها لمحبة أهل الأقصر له وتقديرهم لشهامته وشجاعته.
وشهد القصر أيضا وفاة توفيق باشا في عام 1935 وكان حينئذ جنديًا مدافعًا عن حقوق مصر وأبناء الأقصر، فبكاه الأقصريون، وفى ذكرى الأربعين حضر الزعيم مصطفى النحاس رئيس الحكومة المصرية آنذاك حفل التأبين بالقصر وألقى خطبة عصماء في تأبينه، ويُحكى أن الإمبراطور الإثيوبي هيلاسلاسي الأول حضر إلى القصر، وطلب مصاهرة العائلة عبر التقدم لخطبة إحدى بنات توفيق باشا لكن تم رفضه منهن جميعا.
وتزوج أندراوس باشا من السيدة "زاهية حبيب" ابنة حبيب باشا شنودة عمدة أسيوط، أنجب منها خمسة أبناء ولد وثلاث بنات على الترتيب التالي "جميل وجميلة وصوفي ولودي"، وتم تأسيس القصر على الطراز الإيطالي، حيث حمل بداخله العديد من الرسومات الإيطالية على الأسقف والحوائط.
عربة مطلية بالذهب
ويتكون القصر من طابقين، وبكل طابق العديد من الغرف المبنية على "الطراز الإيطالي" الفريد، ويحتوي على عدد كبير من الكنوز والقطع الأثرية النادرة، من أهمها سيارة مطلية بالذهب، والتي تعود لـ "جميل بك" ابن توفيق باشا، وحفيد يسي باشا.
جريمة قتل بشعة
وفي العقود الأخيرة نشبت خلافات ونزاعات بين ابنتي توفيق والحكومة من أجل انتزاع القصر وإعادته إليهما، وقد حكمت المحكمة فيما بعد بإعادته إليهما، وفي 7 يناير 2013 استيقظ أهالي الأقصر على أبشع جريمة قتل مرت بها؛ فقد عُثر على جثتي "لودي وصوف" ابنتي توفيق باشا وهما ملقاتان بجوار سلم بالقصر، بعد أن تم قتلهما بآلة حادة على رأسهما، وكانتا حينها في العقد الثامن من عمرهما، ولم تعرف الدوافع والتفاصيل، كما عثر علي مجوهراتهم سليمه والقطع الفنيه موجوده لم تمس.
التنقيب عن الآثار
ومنذ فتره تم القبض على مجموعة من المواطنين بزعم أنهم قاموا بالحفر والتنقيب بحثًا عن آثار داخل القصر وتدهورت حالة المعمارية نتيجه أعمال الحفر، وتُرك القصر مهملًا من الداخل، وتم تشكيل لجان من المحافظة لجرد محتويات القصر وما يحتويه من تحف فنيه.
وصدر بعدها قرار من محافظه الأقصر بهدمه، ورفض أهالي الأقصر القرار وثار غضب عارم بين الأهالي، لأنهم يعتزون ويفتخرون به اعتزازهم بمعابدهم وكنائسهم ومساجدهم، ويتباهون به وأطلقوا عليه (بيت الأمة الأقصري).
أسئلة تحتاج إلى إجابة
وتساءل عماد عثمان كبير اثريين سابق بوزارة الآثار، هل صدر قرار من اللجنه الدائمة للآثار بهدمه بزعم استكمال طريق الكباش، ولم يكن هناك حل آخر، وهل اكتشفوا الآن فقط أنه يحجب معبد الأقصر، رغم أنه يقع في حرمه منذ بنائه، وألم يكن الأجدر والأفضل صيانته وترميمه واستغلاله سياحيًا لموقعه النادر ولأبعاده التاريخية والتراثية، وهل يتم إزالة وهدم معلم أثري وتراثي وتاريخي مر عليه أكثر من مائه وعشرون عامًا لاستكمال أثر آخر؟
