بالتعامل مع مخلفات العزل المنزلي.. "إيمان" فتاة تمنع تفشي كورونا بقريتها بعد إصابة شقيقتها ونجلة عمها

تقارير وحوارات

بوابة الفجر


همَّت إيمان إبراهيم، على رِعاية شقيقتها الصّغرى وابنَة عمها، بعد إصابتهن المؤكدة بفيروس كورونا المستجد "كوفيد-19"، مُتبصرة لتعليمات الطبيب المُعالج، لاسيما الخطوات المُتبعة لحقن الإبر تحت الجلد لإحداهما، لِكونها التجربة الأولى لها، أوْحت نفسها في البداية، ولكنها اِعتادت حتى ذاع صيتها وسط جيرانها، الذين اِستَنجدوا بها لمدة عشرين يومًا "عزلت أهلي عنهم وجيراني ناس بسيطة كنت بخلص في بيتي وأروحلهم أدي لبنتهم العلاج واركب محاليل.. وكمان أجمع كل النفايات وأعقمها كويس وأروح بنفسي أرميها"، لتواجه طالبة الفرقة الثالثة بكلية التربية النوعية، أزمة كيفية التعامل مع المخلفات الطبية بالعزل المنزلي، مُتغلبة عليها بالتعقيم والإرشاد.






تلبّس صاحبة الـ(20 ربيعًا)، الخوف عقب تأكيد أشعة الصدر المقطعية، أن شقيقتها مصابة بفيروس كورونا، لاسيما أن والديها يعانون من بعض الأمراض المزمنة، حِمًيت المكان "بعرف أدي حقن ولذلك كنت مسيطرة في الأول على أختي.. لكن الأزمة كبرت بعد هروب الوريد خلال أخدها للمحاليل واضطريت أروح المستشفى لتورم إيديها وحبس الدوا فيه"، وهنا أيقنت الفتاة صعوبة حجز شقيقتها لعدم توفر مكان بالمستشفى العام الأقرب لمنزلها في إحدى مراكز محافظة الدقهلية، فأسرعت بالتواصل مع الطبيب هاتفيًا وتلقت التعليمات، وعادت مرة أخرى للمنزل ليباغتها إصابة ابنَة عمها، اِعتراها الهمُّ، مُتلعثمة في كلامها بصوت خافت ضعیف متثاقل "يارب عني.. مفيش مكان يتحجزوا فيه ولا حد هيعرف يساعدني".






وبلَغت العلة أوجها، بعد صعوبة تنفس ابنة عمها في الثانية عشر بعد مُنتصف الليل "مكنتش عارفة اعمل ايه اتواصلت مع الدكتور وجايه للبيت وطلب إسطوانات أكسجين ووفرناها"، ولكن لم تنتهي الأزمة التي كانت الأصعب من ضمن تحديات الطالبة بقسم إعداد معلم الحاسب الآلى بكلية التربية النوعية في جامعة المنصورة، لتزامن هذه الليلة مع موعد اختبارها الإلكتروني "كنت ببدل بين الإثنين.. كل واحدة كان ليها عدد محدد من الدقايق وكنت بخاف أغلط وأفضل ماسكة الساعة.. ده غير أن كل شوية كنت بتابع الحرارة ونسبة الأكسجين". ظلت إيمان متوقِّدة الذِّهن، طيلة هذه الفترة، بالإضافة لتعقيمها المنزل بالكامل يوميًا، وتجهيز الطعام لهم بعد طهي والدتها، وتنظيف أدوات الطعام الخاص بهم ووضعها في مكان مخصص بالمطبخ "حاولت أقلل من استخدام الأدوات الورقية والبلاستيك علشان النفايات دي خطر على الناس لو محدش خد باله".




 تكدَّست الهموم، على "إيمان"، بعدما ضاقت الرؤية على المصابتان خلف الجدران، لتحاول الفتاة العشرينية، الترويح عنهن وتخفيف معاناتهن، عن طريق الألعاب الإلكترونية "كنت بسيبهم يدوروا عليه في اللعبة وأنا 

بامتحن ولما اخلص أدخل أكمل معاهم". يعمّ الهدوء المكان لبعض لحظات ويتناسون تعبهن، يتعالى رنين هاتف المنزل "إيمان تعالي إعطي لرهف إبرة وعلقي لها المحلول"، سهَم وجهُها، ولكن هرولت الفتاة الرشوف إلى جاراتها-التي أصيبت نجلتها بفيروس كورونا، ولكنها لم تعترف بذلك- "الدكتور قالنا نزلة برد.. لكن طبعا علاجها نفس علاج إخواتي فقولتلها المهم تاخدوا بالكم وفضلت اعرفهم ازاي يتبعوا الإجراءات الوقائية وأحاول أطمنهم وأخوفهم برضو علشان محدش يتصاب تاني"-  خاصة أنه لا يوجد أماكن في المستشفيات سوى للحالات الخطيرة برغم أن الوضع الوبائي في مصر يشهد انخفاض في أعداد الإصابات بفيروس كورونا باستمرار، وفق ما قال الدكتور محمد عوض تاج الدين، مستشار رئيس الجمهورية لشؤون الصحة والوقاية:"تخطينا ذروة الموجة الثالثة وبدأنا في ضلع الهبوط"-.






صرِير باب غرفة المصاباتان، كان بمثابة منبة لاِستيقاظ ابنة محافظة الدقهلية من نومها طيلة فترة العزل المنزلي "كنت بخاف يحصل حاجة علشان كده فضلت أنام على الكنبة قدامهم"، برغم أن نومها كان ساعات قليلة لا تذكر طيلة اليوم، خوفًا أيضًا من دخول والدتها لهن. فطنت إيمان لما يدور حولها وخطورته، فظلت على تواصل مع الطبيب المعالج وإتباع إرشادات وزارة الصحة والسكان، والحيطة والحذر، لكبح انتشار الفيروس "طول الوقت كنت بتخلص من الكمامات والقفازات بتعقيمهم الأول وأحطهم في أكياس فاتحة علشان يكونوا ظاهرين والناس تعرف انهم بتوع مريض كورونا وكنت بلم الأدوية المنتهية وكل حاجة خاصة بكورونا وأحطهم في كيس أسود كبير وأوضح أن دي نفايات مرضى كورونا ومع ذلك كنت بروح برضو للمكان المخصص لرمي الزبالة وكنت استنى العامل وأقوله علشان ياخد باله". واختلجت على شفتيها ابتسامة باهتة كانت تسترجع فيها قوتها"الحمدلله ربنا شفاهم".