«من فات قديمه تاه».. كحك العيد «مِفَتِّل» من جديد (صور)

أخبار مصر

بوابة الفجر

الساعة الثانية صباحًا، جرس المنبه يرن، استيقظت من نومها كعادتها طوال شهر رمضان، تحسست هاتفها وأغلقت المنبه في هدوء، أعدت السحور لعائلتها وأيقظتهم.. «مدفع الإمساك اضرب»، الجميع يهرول ليحصل على الرشفة الأخيرة من الماء قبل أذان الفجر، بينما هي تقف في المطبخ ترتب أشياءها دون الالتفات لكل هذا. 

«دقيق، لبن، خميرة، سمسم، سمن، عجوة».. رددت «أم محمد» -التي تبلغ من العمر ٥3 عامًا، وتعيش في إحدى قرى محافظة الجيزة- هذه الكلمات أكثر من مرة، وتأكدت أن كل شئ في مكانه.

تجمع الجيران بعد صلاة الفجر، والتف حولهم النساء والأطفال في حالة تأهب يشاهدون.. بدأت «أم محمد» في خلط مكونات الكحك، وضعت الدقيق في إناء ثم أسكبت عليه اللبن والسمن، ثم وضعت الخميرة والسمسم، واستمرت في خلطهم حتى جعلت كل هذه المكونات قطعة واحدة تمهيدًا لرسم لوحتها الفنية.

 

 

«هذا الكحك ليس مشهورًا مثل الذي يعرفه الجميع، معروف فقط في القرى والصعيد، ويوجد أشخاص كثيرين لا يقومون بصنعه الآن، لكننا اعتدنا عليه، ونقوم بصنعه كل عام في رمضان، وقبل عيد الأضحى،  وهذه العادة توارثناها عن أمهاتنا، ونقوم بتعليمها لبناتنا وأحفادنا»، رددت هذه الكلمات ثم استكملت عملها. 

 

 

«أم محمد»، أخذت قطعة عجين صغيرة وشكلتها بين يديها، وضعت بداخلها قليل من العجوة، وبدأت تضغط على جوانبها حتى اختفت العجوة داخل قطعة العجين في مشهد كلاسيكي عظيم.

 

 

 

بعد ذلك وضعت قطعة العجين على «الطبلية» التي أمامها، وبخفة يد وحركات مدروسة، وكأنها تعزف على بيانو، صممتها على شكل دائرة مجوفة.

 

 

أخذت قطعة عجين أخرى، لكن هذه المرة كانت أكبر، وضعتها أمامها ثم بدأت في الضغط عليها بيديها إلى أن أصبحت مفرودة بشكل طولي.

 

أحضرت سكينًا وقطعتها فأصبحت تشبه الشكل الهندسي «المُعين» وهذا النوع يسمى «مِنيِن»، ونوعت بين الأشكال، السادة منه والمحشو بالعجوة، وكررت هذه الحركات هي وجيرانها دون ملل.

 

«نقوم بعمل حوالي 200 كحكة، وله أسماء عديدة، فهو ليس من النوع المشهور، ولكنه قديم جدًا.. حيث يسميه البعض "كحك أفراح"، أو "مِفَتِّل"، وآخرين يطلقون عليه "كحك عَجل".. وقديمًا كنا نتجمع ونعمل كميات كبيرة منه للعرائس، لتوزيعه على الأهل والجيران في الصباحية (اليوم التالي للعٌرس)».

انتهين من صنع الكحك وتركنه فترة من الوقت "ليختمر"، ومن ثم وضعنه على الصواني تمهيدًا لإدخاله الفرن.

 

 

وتابعت «أم محمد»: «في العشر الأواخر من شهر رمضان، نتجمع يوميًا عند إحدى الجَارَات؛ لعمل الكحك لأهل بيتها، حيث نقوم بالاتفاق قبلها ونجهز كل ما يلزم ونتوجه إلى منازلهن بعد صلاة الفجر، وتساعد كل منا الأخرى حتى ننتهي جميعًا من صنع الكحك.. وهناك عادة لطيفة توارثنها أيضًا من أمهاتنا، وهي أن ترسل كل واحدة منا لجارتها طبق من الكحك لتتذوقه وأخذ رأيها فيه، رغم أننا نحن من قمنا بصنعه».

وأضافت: «نقوم أيضًا بعمل الكحك الذي يعرفه الجميع المحشو بالملبن والسادة، والبسكويت والبيتي فور والغُريبة، فهذه الأصناف يحبها أطفالنا ونحن أيضًا نحبها، ولكن الأساس لدينا هو الكحك المِفَتِّل، حيث يعتبر هو الوجبة الأساسية على الفطار -بعد انتهاء الشهر الكريم- مع اللبن والشاي».