"الشيخ حيدر" مكتشف الحشيش يوصي أتباعه بزراعته فوق قبره

أخبار مصر

بوابة الفجر


ذكر المقريزي في كتابه المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار تحت عنوان "حشيشة الفقراء" نقلًا عن كتاب اسمه السوانح الأدبية في مدائح القنبية لمؤلفه الحسن بن محمد، أصل اكتشاف نبات الحشيش وبدء انتشاره بين الناس.

وكشف عن النص أحمد بهجت الباحث التاريخي قائلًا بتتبع القصة فإن نبات الحشيش الذي نعرفه قد يكون هو الذي ذكره المقريزي في كتابه، فالحسن بن محمد" يقول في كتابه "سألت الشيخ جعفر بن محمد الشيرازيّ الحيدريّ ببلدة تستر في عام 658هـ، عن السبب في الوقوف على هذا العقار "الحشيش" ووصوله إلى الفقراء خاصة، وتعدّيه إلى العوام.

"يقول الحسن أن شيخه شيخ الشيوخ حيدرًا رحمه الله، كان كثير الرياضة والمجاهدة قليل الاستعمال للغذاء، قد فاق في الرهادة وبرز في العبادة، وكان مولده بمدينة نشاور من بلاد خراسان، ومقامه بجبل بين نشاور ومارماه وكان قد اتخذ بهذا الجبل زاوية وفي صحبته جماعة من الفقراء والمريدين، وانقطع في موضع منها ومكث بها أكثر من عشر سنين لا يخرج منها أبدًا، ولا يدخل عليه أحد غيري للقيام بخدمته.

ثم أن الشيخ طلع ذات يوم وقد اشتدّ الحرّ وقت القائلة منفردًا بنفسه إلى الصحراء، ثم عاد وقد علا وجهه نشاط وسرور، بخلاف ما كنا نعهده من حاله قبل وأذن لأصحابه في الدخول عليه، وأخذ يحادثهم، فلما رأينا الشيخ على هذه الحالة من المؤانسة بعد إقامته تلك المدّة الطويلة في الخلوة والعزلة، سألناه عن ذلك فقال:

"بينما أنا في خلوتي إذ خطر ببالي الخروج إلى الصحراء منفردًا، فخرجت فوجدت كل شيء من النبات ساكنًا لا يتحرك لعدم الريح وشدّة القيظ.. ومررت بنبات له ورق، فرأيته في تلك الحال يميس بلطف ويتحرّك من غير عنف كالثمل النشوان فجعلت أقطف منه أوراقًا وآكلها، فحدث عندي الارتياح ما شاهدتموه، وقوموا بنا حتى أوقفكم عليه لتعرفوا شكله.

ويتابع بهجت، خرج مريدو الشيخ حيدر معه لموضع النبات حيث أمرهم بالأكل منه فظهرت على وجوههم الفرحة ولما رآهم شيخهم حيدر على هذه الحال، أمرهم بصون النبات وأوصاهم بعد موته بزراعته يزرعوه فوق قبره.

ويقول الشيخ جعفر إن الشيخ حيدر عاش بعدها 10 سنوات لا يمر منهم يومًا إلا ويأكل من هذا النبات وأوصى مريديه أن يكشفوا سر النبات وينشروه بين الناس.

وبالفعل بدأ ينتشر من خراسان للعراق ومصر، ونظم الأديب محمد بن علي بن الأعمى الدمشقي أبيات شعر عن النبات ونسب كشفه للشيخ حيدر فقال:
دَع الخمر واشرب من مُدامة حَيْدَر
مُعَنْبَرَة خضراء مثل الزبرجدِ
يعاطيكها ظبي من التُّرك أغيد
يميس على غصن من الْبَان أمْلَدِ
فتَحْسَبُها في كَفِّه إذ يُدِيرها
كرقم عذارِ فوق خدٍّ موَرَّدِ
يُرَنِّحها أدنى نسيم تنسَمتْ
فتهفو إلى برد النسيم المرددِ
وتشدو على أغصانها الورق في الضحى
فيطربها سجع الحمام المغرِّدِ
وفيها معانٍ ليس في الخمر مِثْلُها فلا تستمع فيها مَقَالَ مُفَنِّدِ
هي البِكر لم تُنكح بماء سحابةٍ
ولا عُصِرَتْ يومًا برجْلٍ ولا يدِ
ولا عَبَثَ القِسيس يومًا بكأسها ولا قَرَّبوا من دَنِّها كُلَّ مَقْعَدِ
ولا نَصَّ في تحريمها عند مالكٍ ولا حَدَّ عند الشافعيِّ وأحمدِ
ولا أَثْبَتَ النعمانُ تنجيسَ عينها فخُذْهَا بحَدِّ المشرفي المهندِ
وكُفَّ أكُفَّ الهمِّ بالكفِّ واسترح ولا تَطَّرِحْ يوم السرور إلى غدِ.