رانيا المشاط توضح خطوات مصر نحو التحول إلى الاقتصاد الأخضر

الاقتصاد

بوابة الفجر


نشرت منصة FDI Intelligence التابعة للجريدة المالية العالمية Financial Times، مقالا مشتركًا للدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التعاون الدولي، وسيرجيو بيمنتا، نائب رئيس منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا بمؤسسة التمويل الدولية، يلقي الضوء لأول مرة على تفاصيل التعافي الأخضر في مصر، والجهود والسياسات التي تطبقها الحكومة المصرية بالشراكة مع القطاع الخاص للتحول نحو الاقتصاد الأخضر، وذلك في إطار المبدأ الثالث من مبادئ الدبلوماسية الاقتصادية، سرد المشاركات الدولية، والذي تسعى وزارة التعاون الدولي، من خلاله للترويج لقصص مصر التنموية، والشراكات الدولية المنفذة مع شركاء التنمية متعددي الأطراف والثنائيين.
وجاء في المقال.

إن جمهورية مصر العربية أصبحت بفضل السياسات المتخذة في مجال الطاقة المتجددة، دولة رائدة بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، على مستوى سياسات وإجراءات التحول نحو الاقتصاد الأخضر من خلال استراتيجية واضحة لتعزيز استخدام الطاقة المتجددة وتنفيذ المشروعات الصديقة للبيئة، ليصبح النموذج المصري مُلهمًا للدول الناشئة ودول التحول الاقتصادي الراغبة في التحول نحو الاقتصاد الأخضر، وفقًا لما جاء في تقرير توقعات الطاقة الشمسية لعام 2020.
وخلال العام الماضي وافقت الحكومة المصرية على تنفيذ 691 مشروعًا صديقا للبيئة في قطاعات الطاقة الجديدة والمتجددة والمياه والنقل، كما بدأت في إصدار شهادات النجمة الخضراء للفنادق التي تطبق سياسات التوافق مع البيئة، كما نجحت في طرح أول سندات خضراء في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بقيمة 750 مليون دولار، يتم من خلالها تمويل تنفيذ مشروعات صديقة للبيئة.
محطة بنبان أكبر مزرعة طاقة شمسية في العالم
ويعد مشروع محطة بنبان للطاقة الشمسية نموذجًا فريدًا للتعاون بين الأطراف ذات الصلة، "الحكومة والقطاع الخاص ومؤسسات التمويل الدولية"، لتنفيذ أكبر مزرعة للطاقة الشمسية في العالم، تضم 6 ملايين لوحة شمسية، على مساحة 36 كم2، ونفذه أكثر من 40 شركة من 12 دولة مختلفة، لتوليد 1500 ميجاوات من الطاقة، بما يعزز استراتيجية الطاقة المستدامة لجمهورية مصر العربية، ويدعم انتشار الطاقة النظيفة، ويقلل من عوامل تغير المناخ، ويعكس التزام الحكومة القوي بالتحول نحو الاقتصاد الأخضر، بمشاركة كافة الأطراف ذات الصلة.
وتدعم محطة بنبان للطاقة الشمسية تنفيذ الهدف السابع من أهداف التنمية المستدامة: طاقة نظيفة بأسعار معقولة، فضلا عن الهدف الثامن: العمل اللائق ونمو الاقتصاد، والهدف السابع عشر: عقد الشراكات لتحقيق الأهداف، ويعمل المشروع على الحد من انبعاث ملايين الأطنان من الغازات التي تتسبب في الاحتباس الحراري، كما يعمل على خلق الوظائف، ويعزز نمو الاقتصاد المصري.
إن الالتزام بالتحول نحو الاقتصاد الأخضر، لم يعد مجرد أفكار مطروحة لدى الحكومة المصرية، بل أصبح حقيقة من خلال خطط واضحة وسياسات عمل لتعزيز استدامة قطاع الطاقة بما ينعكس على المواطنين، ويلبي الطلب الزائد على الطاقة في ظل الزيادة السكانية، من خلال استراتيجية الطاقة المستدامة 2035، والتي تستهدف من خلالها زيادة نسبة الطاقة المتجددة من إجمالي الطاقة المولدة في البلاد إلى 42%.
منذ صدور قانون الطاقة المتجددة رقم 203 لعام 2014، بدأت الحكومة نشر الحوافز لدخول القطاع الخاص في مجال الطاقة المتجددة ليدعم استراتيجية التحول الأخضر في البلاد، ونتيجة لهذه الجهود ظهرت العديد من المبادرات حيث تم تأسيس شركة كرم سولار، أول شركة قطاع خاص متخصصة في إنتاج الطاقة الشمسية في مصر، تحصل على ترخيص من الجهات المعنية، بما يمكن مصر من تبوء موقعها كواحدة من الدول الرائدة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مجال الطاقة المتجددة.
محطة مياه المحسمة
وفيما يتعلق بالمشروعات في القطاعات الأخرى التي تدعم التعافي الأخضر، فإن محطة المحسمة بمنطقة شبه جزيرة سيناء، تعد أكبر محطة لمعالجة مياه الصرف الزراعي في العالم، بما يمكن الدولة من ري 70 ألف فدان من الأراضي الزراعية من خلال مليون متر مكعب من المياه يوميًا، وتخلق آلاف فرص العمل وتعزز التنمية المجتمعية.
ورغم ما تحقق من إنجازات إلا أن التحول الكامل نحو الاقتصاد الأخضر ليس دائمًا سهلًا بل إن هناك العديد من التحديات، فالأمر يتطلب إطار تنظيمي سليم ومصادر تمويل طويلة الأجل، وشراكات قوية بين الدول ومؤسسات التمويل الدولية، والتزام حكومي واضح بما يتم تنفيذه من إصلاحات.
وزارة التعاون الدولي تعزز الشراكات الدولية مع شركاء التنمية متعددي الأطراف والثنائيين لتنفيذ أهداف التنمية المستدامة
وفي هذا الصدد فإن وزارة التعاون الدولي، تعقد الشراكات القوية مع شركاء التنمية متعددي الأطراف والثنائيين لتعزيز جهود التعافي الأخضر، وتعد الشراكة مع مؤسسة التمويل الدولية نموذجًا فريدًا، حيث تعد إحدى المؤسسات المساهمة في تمويل تنفيذ مشروع محطة بنبان للطاقة الشمسية.
وقامت وزارة التعاون الدولي بإجراء مطابقة للتمويلات التنموية لمؤسسة التمويل الدولية التي وفرتها للقطاع الخاص في مصر مع الأهداف الأممية للتنمية المستدامة لأول مرة على مستوى دول المنطقة، حيث تصل حجم التمويلات التنموية خلال الفترة من 2016-2019 لملياري دولار، 44% منها موجهة للهدف الثامن: العمل اللائق ونمو الاقتصاد، و38% للهدف السابع: طاقة نظيفة بأسعار معقولة.
 

لماذا التحول نحو الاقتصاد الأخضر؟
إن التحول نحو الاقتصاد الأخضر يحقق العديد من الفوائد للبلدان المختلفة، حيث يعد هو السبيل نحو مستقبل أكثر مرونة واستدامة في مصر وكافة دول المنطقة، كما أنه يعيد خلق البيئة لتصبح أكثر استدامة وأقل تلوثًا، ويدفع الاقتصاد نحو المرونة التي تجعله يتحمل الصدمات الخارجية ويتأقلم مع المتغيرات.
وتعد استراتيجية الحكومة للتحول نحو الاقتصاد الأخضر عامل جذب مهم للمستثمرين من القطاعين الحكومي والخاص لخلق فرص العمل والاستغلال الأمثل للموارد، لذلك فإن مصر تسعى لبذل كافة الجهود للإسراع بعملية التحول للاقتصاد الأخضر.
وتقدر مؤسسة التمويل الدولية أن الوفاء بالتعهدات المناخية والتحول للاقتصاد الأخضر في دول مصر والأردن والمغرب يتطلب استثمارات ذكية بقيمة 265 مليار دولار حتى عام 2030، مشيرة إلى أن هناك المزيد من الفرص المتاحة في الدول الثلاث التي يمكن أن تجذب مليارات الدولارات من الاستثمارات في المباني الخضراء والنقل والسيارات الكهربائية والطاقة المتجددة وإعادة تدوير المخلفات.
جدير بالذكر أن وزارة التعاون الدولي أطلقت تقريرها السنوي 2020 تحت عنوان «الشراكات الدولية لتحقيق التنمية المستدامة.. صياغة المستقبل في ظل عالم متغير»، حيث كشف عن إبرام اتفاقيات تمويل تنموي بقيمة 9.8 مليار دولار خلال العام الماضي، بواقع 6.7 مليار دولار لتمويل قطاعات الدولة التنموية، و3.1 مليار دولار لتمويل القطاع الخاص.