سياسيون أتراك يكشفون استمرار محاولات أردوغان في تسيس القضاء

السعودية

بوابة الفجر


 

 

 كشف محللون وسياسيون أتراك عن أن الرئيس رجب طيب أردوغان يواصل ممارساته لتسييس القضاء ووضعه تحت وصايته.

 

 

 

وقال الكاتب التركي ذو الفقار توغان، في مقال بموقع "أحوال تركية" المعارض، إن تعيين أردوغان لقاضٍ موالٍ له عضوًا بالمحكمة الدستورية، خطوة أنهت وعود الإصلاح القضائي التي روّج لها نظامه.

 

 

 

 وذكر توغان في مقاله أنه "في الوقت الذي كان ينتظر فيه الجميع إعلان الحزب الحاكم (العدالة والتنمية) حزمة إصلاحات قضائية، كترجمة لتصريحات وزير الخارجية (التركي) مولود جاويش أوغلو في بروكسل، خرج علينا أردوغان بتعيين المدعي العام السابق لمدينة إسطنبول، عرفان فيدان عضوًا بالدستورية".

 

 

 

ولفت إلى أن "قرار التعيين هذا، قضى على أي أمل للإصلاحات والوعود التي أطلقها النظام (التركي) الحاكم، وأكد أنها كانت مجرد مناورات، ولا سيما مع تهاوي شعبيته".

 

 

 

والسبت الماضي، عيّن أردوغان، القاضي عرفان فيدان، المعروف بعلاقاته الوثيقة مع حزب العدالة والتنمية الحاكم، عضوا في المحكمة الدستورية التركية، استمرارا منه لاستغلال القضاء لتحقيق مصالحه الشخصية.

 

 

 

وكان فيدان، الذي شغل سابقًا منصب المدعي العام في إسطنبول، واحدا من 11 قاضيًا ومدعيًا عامًا تم تعيينهم كأعضاء في محكمة الاستئناف العليا التركية في 27 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.

 

 

 

على نفس الشاكلة، انتقد سليمان بلبل، عضو لجنة الدستور والعدالة بالبرلمان التركي، عن حزب الشعب الجمهوري، أكبر أحزاب المعارضة، قرار أردوغان، قائلا: "من تحدثوا (في إشارة للنظام) عن إصلاحات القضاء انقلبوا عليه في وضح النهار".

 

 

 

وأضاف: "تعيين أردوغان لفيدان عضوًا بالدستورية تحدٍ واضح لروح القانون والحيادية والكفاءة"، مشددا على أن هذا القرار "جاء رغم وعود الإصلاح التي تحدث عنها النظام، لكنها كانت وعودًا في الهواء كسابقتها، ولم يتأخروا في إشعارنا بخيبة الأمل هذه المرة أيضًا".

 

 

 

وأوضح أن "الماضي المهني لفيدان كله مثير للجدل، فالدعاوى التي رفعها ومذكرات الادّعاء التي كتبها من قبل، لم تكن لمبررات قانونية وإنما لأغراض سياسية تثبت ولاءه للنظام الحاكم، ومن ثم لم يكن غريبًا بالنسبة لنا أن يقدم القصر على تعيين شخص كهذا في هذا المنصب الحساس".

 

 

 

وأشار كذلك إلى أن فيدان لم يمضِ على تعيينه عضوًا في محكمة الاستئناف العليا التركية، 58 يومًا وأنه لم يوقع أي قرار بعد وهو في ذلك المنصب، مشددًا على أن تعيينه بالدستورية العليا "يعد انتهاكًا لقواعد الأقدمية والكفاءة المهنية للتعيين في الدستورية التي يبلغ عمرها 153 عامًا".

 

 

 

جدير بالذكر أن برهان أوستون، أحد أعضاء المحكمة الدستورية التركية، انتهت مدته القانونية في 10 يناير/كانون الثاني الجاري، والذي تم تعيينه من جانب الرئيس التركي السابق عبد الله جول.

 

 

 

وبموجب قوانين المحكمة الدستورية التركية، كان يتعين أن تجرى انتخابات لاختيار عضو جديد وذلك قبل شهرين من موعد انتهاء المدة القانونية للعضو المنتهية مدته، وذلك بمشاركة كافة أعضاء الجمعية العمومية لمحكمة الاستئناف التي أبلغت كافة الأعضاء في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، أن الانتخابات ستجرى في 2 ديسمبر/كانون الأول الماضي.

 

 

 

وترشح لتلك الانتخابات 8 من أعضاء محكمة الاستئناف بحسب ترتيب الأقدمية؛ ليقوم المجلس الأعلى للقضاة والمدعين العامين في 27 نوفمبر/ تشرين الثاني بتعيين 11 عضوًا جديدًا بمحكمة الاستئناف، من بيهم عرفان فيدان؛ دون توضيح الدائرة التي سيعمل بها بتلك المحكمة.

 

 

 

وعقب التعيينات التي قام بها المجلس الأعلى للقضاة والمدعين العامين، اتخذت محكمة الاستئناف قرارًا بتأجيل انتخابات عضوية المحكمة الدستورية التركية حتى 17 ديسمبر/ كانون الأول  بدلًا من الثاني منه، متذرعة بفيروس كورونا.

 

 

 

وتعليقًا على كل هذه التطورات التي سبقت انتخابات عضوية المحكمة الدستورية، قال جلال جليك، محامي زعيم المعارضة التركية كمال قليجدار أوغلو، إن "كافة هذه التطورات تمت في ضوء تعليمات مباشرة من أردوغان، حتى يتسنى له تعيين عرفان فيدان عضوًا بالمحكمة الدستورية".

 

 

 

وأشار المحامي التركي إلى أنه مورست ضغوط على عدد من مرشحي محكمة الاستئناف من أجل الانسحاب لصالح فيدان، وهذا ما أكدته التطورات اللاحقة، حيث انسحب بالفعل عدد من المرشحين ليدخل فيدان قائمة مكونة من 3 مرشحين، وهي التي تقدم لأردوغان ليختار منها واحدًا فقط، فاختار فيدان في 23 يناير.

 

 

 

وعلى وقع هذا التعيين، سلطت العديد من التقارير الإعلامية الضوء على أهم القرارات المثيرة للجدل التي اتخذها فيدان في مسيرته المهنية، لا سيما حينما كان مدعيًا عامًا لمدينة إسطنبول.

 

 

 

وذكرت التقارير، أن فيدان هو الذي أمر بإغلاق التحقيق في تحقيقات الفساد التي جرت خلال الفترة 17-25 ديسمبر / كانون الأول 2013، وحينها كان أردوغان رئيسًا للوزراء.

 

 

 

وخلال حملة 2013، ضد الفساد والرشوة والاحتيال وغسل الأموال وتهريب الذهب، اعتقلت الشرطة التركية أبناء وزراء وعشرات آخرين بينهم سليمان أصلان مدير بنك "خلق" (المملوك للدولة التركية)، ورجل الأعمال الإيراني رضا ضراب.

 

 

 

وفي أعقاب تلك الاعتقالات، أطاح أردوغان بعدد من المدعين العموم في القضية، فضلا عن قيامه بحركة تنقلات في صفوف ضباط الشرطة التركية، بزعم سعيهم لمساعدة خصومه السياسيين.

 

 

 

وأسفرت إجراءات أردوغان القمعية حينها عن إسقاط التحقيق في القضية وعدم تنفيذ أمر المدعي العام التركي باعتقال نجله بلال.

 

 

 

وكان عرفان فيدان عضو المحكمة الدستورية التركية المعين حديثًا هو بطل هذه القضية، فهو من أمر بإصدار قرار بإغلاقها ووقف تعقب المتهمين.

 

 

 

هذا إلى جانب قضايا أخرى كان لها صدى واسعا داخل الرأي العام التركي، كان لفيدان دور كبير في عرقلة العملية القانونية بها، وذلك مثل أحداث منتزه "جيزي" في 2013.

 

 

 

وكان لفيدان دور في قضية شاحنات المخابرات التركية التي تم الكشف عنها عام 2015، والتي انتهت بالإطاحة بعدد من الضباط الذين ساهموا في الكشف عنها.

 

 

 

وبموجب القانون التركي لا يحق لأي عضو بالمحكمة الدستورية النظر في أية قضية سبق وأن شارك فيها قبل وصوله لمنصبه الجديد حال عرض تلك القضايا على المحكمة.

 

 

 

جدير بالذكر أن الذي يترأس المحكمة الدستورية التركية حاليًا هو زهدي أرسلان، الذي عينه الرئيس السابق عبد الله جول عضوًا بها عام 2012، ومن المنتظر أن تنتهي مدة رئاسته عام 2023، أما مدته القانونية كعضو فستنتهي في 2029.

 

 

 

وذكر محللون أن بقاء أرسلان طيلة هذه الفترة سيؤدي إلى الحفاظ لحد ما على التوازن داخل المحكمة الدستورية التركية، لأنه في حال تساوي أصوات أعضاء المحكمة حيال أي قرار، فإن قراره هو سيكون المرجح للبت في الأمر.

 

 

 

غير أنهم ذكروا أن هناك رغبة تحدو أردوغان لتعيين فيدان رئيسًا للمحكمة الدستورية منتهكًا كافة القوانين المنظمة، وأشاروا إلى أنه لن تكون هناك أية مفاجأة لو أقدم الرئيس التركي على الضغط على رئيس المحكمة لترك منصبه.

 

 

 

وبالنظر إلى الوضع القائم في المحكمة الدستورية، يتضح أن هناك أسماء عينها عبد الله جول ولا زالت موجودة، وهم: الرئيس زهدي أرسلان، ونائب الرئيس حسن تحسين غورجان، والأعضاء: أنغين يلدريم، وحجابي دورسون، ممتاز أقينجي، ومعمر طوبال، ومحمد أمين قوز؛ هذا إلى جانب العضوين آلب أرسلان آلطان، وأردال ترجان، وسبق فصلهما بعد اتهامهما بالانتماء لجماعة فتح الله غولن، بعد مسرحية الانقلاب، وتم اعتقالهما.

 

 

 

وعلى إثر ذلك قام أردوغان بتعيين كل من رجائي أق يل، ويوسف حق يمز، مكان الاثنين الذين تم اعتقالهما.

 

 

 

أما الأسماء الأخرى التي عينها أردوغان منذ العام 2014 وحتى الآن لعضوية المحكمة، فهم: رضوان غولتش، ويلديز سفرين أوغلو، وصلاح الدين منتش، وبصري باغجي، ثم أخيرًا عرفان فيدان.

 

 

 

يذكر أن المعيينين من قبل جول 8 مقابل 7 لأردوغان، لكن ليس من البعيد أن يتغير هذا التوازن بين اللحظة وأخرى لصالح طرف عن الآخر