"الفجر" في منزل الشهيد "ضياء فتحي"..والدته:"عايش في وسطينا ..مزعلتش أما استشهد علشان مصر" (فيديو وصور)

حوادث

بوابة الفجر



"بين الجرح والفرح"..كانت اللحظات التي مرت على قلوب أمهات شهداء الوطن، عند تذكرهن فلذات كبدهن، ولكن كانت اللحظة الأولى حزنها على ابنها بعدما شاهدته أشلاء متناثرة حولها، ولكن كان حزنًا مشبعًا بالاعتزاز بكونه شهيدًا يتسم بالجدعنة والشهامة والتضحية بنفسه لبقاء وطنه، حتى يحتذى به مثالًا لأبناء الوطن.

بالرغم من اليقين الذي ملأ قلب تلك الأم كانت المنزلة العظيمة تنتظر كبدها البطل الذي استشهد أثناء دفاعه عن وطنه، ولكن كان الحنين يتغلب قلبها لتذكرها جوهرتها الغالية التي أخذت معها أيام السعادة والفرح، ولم تبق ذكرى لها تنكأ جراحها كلما مرت بها.

خلال السنوات الماضية، مر المصريين بعمليات غادرة ارتكبها أعضاء تنظيم الجماعة الإرهابية، راح ضحيتها، من أقسموا بالحفاظ على تراب الوطن حتى آخر نفس، فهم خيرهدة ضباط الشرطة المصرية، وبمناسبة اقتراب الذكرى ال٦٩ لعيد الشرطة، فتحيي "بوابة الفجر" ذكرى استشهاد الرائد "ضياء فتحي" الذي استشهد  يوم ٦ يناير لعام ٢٠١٥،على الهواء، كان المشهد القاسي الذي لا ينساه المصريين.

في البداية حديثنا عن نجلك الشهيد ضياء فتحي؟

بعيون منهمره بالبكاء، جلست السيدة "نجاة الجافي" والدة الشهيد الرائد "ضياء فتحي" في وسط البدل التي كان يرتديها أثناء عمله في تميزه في تفكيك القنابل، " ابني استشهد في إحدى العمليات الإرهابية، أثناء تفكيكة قنبلة خبأها الإرهابين بداخل بنزينة بمحيط قسم الطالبية بالهرم، فتحرك مسرعًا لإبطالها وبدلًا من تفكيكها بمدفع المياة،  فضل التضحية بنفسه لكي يفكها بيديه إنقاذًا للمواطنين، ويأخذ الموجه الانفجارية في جسمه منعًا  حدوث كارثة بشرية.

وتابعت، منذ نعومه أظافر نجلي كان مثله الأعلى والده النقيب "فتحي فتوح"، فلذلك كان شغفه الالتحاق بكلية الشرطة، رغم صعوبتها، حيث بعد انتهائه من الثانوية العامة، كان والده يرفض التحاق نجله الوحيد كلية الشرطة، ولكن تمسك برغبته حتى جعلني أضغط على والده لطلب الموافقة، وبالفعل،"كان يوم فرحة لأبني، كان لا يصدق أنه سوف يلتحق بحلم عمره" متابعة، " كان بيقولي بجد ياماما هدخل كلية الشرطة، حبيبي مكنش مصدق".

ماذا عن حياته الأسرية؟ ومالمبادئ التي غرسها في أسرته وطفلته الصغيرة؟

ابني الشهيد "ضياء"، تزوج قبل عام من الواقعة وأنجب طفلة تدعى "سيلين" عمرها 4 أشهر، ومنذ ولادتها كان يحلم أن يربيها ويغرس بها كل المبادئ التي غرسنها به، وأن تكون فتاة ذات شأن عالي: "أخذت روحه الحلوة"، " بشوف ابني في عينيها وكل حركاتها".

واستكملت الأم كلامها، أن حفيدتها "سيلين" تشبهه والدها تمامًا في الملامح والطباع، وعندما تشاهد صورة والدها، تقول: "بابا بطل وهو في السماء"، وتتمنى تلك الطفلة البريئة أن تكون مثل والدها "ضابط".

حديثنا عن حياة الشهيد منذ التحاقه بكلية الشرطة؟

بتنهيدة عميقة..استكملت "نجاة" والدة الشهيد، ابني قبل أن يلتحق بالكلية، بدأ يستعد حيث قام بعمل الرياضة المستمره، لتضبيط وزنه لقبوله بالشرطة، ومن شده شغفه، كان يسابق السيارات من أجل تخفيف وزنه، وبالفعل ألتحق بالكلية وقضى ٤ أعوام، وتخرج في عام ٢٠٠٥، وكانت حفلة التخرج مشهد عظيم ننساه أنا ووالدة، " بشوف فرحة عيني قدامي".

ماهي رحلة الشهيد بعد تخرجه وعمله في تفكيك المفرقعات؟

التحق ابني منذ تخرجه، بمديرية أمن سيناء، حيث قضى حوالي ٥ أعوام بها، ولكن في عام ٢٠٠٨، أثناء ملاحقته لأحد المسجلين خطر، أصيب برصاصة في صدره، وقبل أن يشفى والده عرض عليه أن يترك مجال ملاحقة المجرمين لشده خطورته، وأن يلتحق بمجال الحماية المدنية، وبالفعل لن يتوقف الشاب صاحب القسم والدفاع عن البلد، في مواجهة الخطر، حيث تميز في عمله في تفكيك القنابل، ولكن كان حظ نجلي في تلك الأعوام، ملاحقة الارهابين من أعمالهم الخسة، منها حرق السجون، والقنابل التي تملأ شوارعها، ولكن وقف نجلي وقفة رجل لمواجهة تلك الأخطار الجسيمة التي تلاحق الوطن.

تميز بشاطرته في تفكيك القنابل، وكان قدره ينتظره، عندما جاء له بلاغ بوجود جسم غريب" قنبلة" بداخل بنزينة بمحيط قسم الطالبية، بشارع الهرم، وكان يعلم نجلي أنها سوف تأذي المواطنين لشده خطورتها ووجودها بداخل ذلك المكان، فضحى بحياته، وصمم بدلًا أن يفكها بمدفع المياة، قرر يفكها بيديه إنقاذا لأرواح المواطنين، فأخذ الموجة الانفجارية في جسده.

ماذا عن ليلة استشهاد الرائد ضياء فتحي؟

بقلب يحتسره الحزن، أنه في ليلة الواقعة حلمت بمشهد الاستشهاد، ورأيت منظر القنبلة وهي تنفجر، متابعة، " على الفور استيقظت، وذهبت مسرعة لغرفة نجلي لكى أطمئن عليه، ورأيته هو الذي يأتي ليطمئني عليا ويقول لى "ادعيلي بكرة الصبح عندي شغل وأنا مش مطمئن".

كيف استقبلتي نبأ استشهاد نجلك ؟

شردت السيدة "نجاة" لتنظر لصور نحلها: "كنت أشعر أنه سوف يموت شهيدًا وبطلًا"، وذلك بسبب عمله الصعب في المفرقعات، لأنها حساسة للغاية، لكون تفنن الجماعات الإرهابية في وضع العبوات الناسفة في أماكن لا يعلم بها أحد.

في البداية، نشر خبر استشهاد نجلي  على الهواء، وفي ذلك الوقت، كنت مغلقة التليفزيون، وفي لحظة دق الهاتف، وكان من  نجل أختي وأبلغني أن ضياء أصيب في إحدى العمليات، ووقتها جاوبته سريعا: "ضياء استشهد متصابش وأنت مخبي عليا''، وأسرعت لمكان الواقعة حتى أشاهد نجلى وأشلائه في كل مكان، وقالت بصوت حزين: "لله ما أعطى ولله ما أخذ.. استودعت ضياء ابني عندك يا رب من الشهداء"

ما هي رسالتك لكل إرهابي يحاول تخريب  الوطن وقتل أبناءها؟

"أنتم ليس لكم وجود وسطينا مهما تفعلوا من جرائم"..لأن مصر محمية برب العالمين، وذكرت في القرآن الكريم، ومهما حاولتوا من ارتكاب جرائم إرهابية لن تنالوا شئ، لأن الشعب المصري مر عبر السنوات الماضية بكثير من تلك الحروب، وكان يقف وقفة رجل، مساندين الجيش والشرطة في مواجهتهم.

أنتم قدمتوا لأبنائنا منزله رفيعة عند الله، فاحتسبوا شهداء، أما أنتهم مصيركم معروف.

ماهي الكلمات التي ترثي بها نجلك الشهيد أثناء زيارتك لقبره؟

بعيون حزينة، قالت الأم: "وحشتني يا حبيبي، مين هيكون سندي من بعدك، أنت في منزله رفيعة، وأنا فخوره بيك، أذكرني عند ربك، ودايمًا بستناك في أحلامي".

والتقطت الحديث عن الشهيد "ضياء فتحي" شقيقته السيدة " فاتن فتحي"، لتكشف لنا ذكرياتها معه منذ الطفولة حتى يوم استشهاده

ماهي ذكرياتك مع الشهيد ضياء؟ وماذا تعلمتي منه؟

"ضياء كان لا يوصف بكلمات"..كان الأخ والسند،" ونعمة الأخ"، كان دائمًا معنا في جميع المواقف الصعبة، يقف وقفة راجل بمعنى الكلمة.

وعن ذكراتي مع شقيقي،أنه منذ زواجي كان مفعم بالفرح، لفرحتي، كان يأتي من العمل دائمًا ويسأل عني، ويمازحني بالهزار، وكان يشعرني بأني منزلي كمنزله الثاني.

ماذا عن يوم استشهاد شقيقك؟ وكيف استقبلتي الخبر؟

في الحقيقة، كلنا صدمنا، شعرنا كأننا في حلم، في البداية اعتقدنا مجرد إصابة، مثل إصابته التي وقعت في عام ٢٠٠٨، ولكن كان استشهاده.

قبل يوم الاستشهاد، تحدثت معه، وكان مرهقًا جدًا من شدة العمل، وبسؤالي "ماذا بك ياشقيقي"، ليرد الشهيد،" تعبان شوية ادعيلي عندي شغل مهم بكرة"، وفي صباح اليوم الثاني، جائني مكالمة هاتفية من أحد الأقارب ليسأل عن "ضياء" فأجبت، "ضياء في الشغل لسه مجاش"، ليجاوبني بصوت مرتعش،" افتحي التليفزيون بسرعة"، وفجأة شعرت برجفة في قلبي، وأسرعت للتلفزيون، فشاهدت خبر استشهادة في كل قناة، فكانت صدمة كبيرة.

وعقب الاستشهاد بفترة، بعد انتهاء واجب العزاء، شعرنا "إن أحلى حاجة راحت مننا، وأصبح الشئ الجميل في حياتنا لم يكن موجودًا".

ماهي رسالتك للشهيد بعد مرور ٧ أعوام؟

بعيون تملأها الحزن..قائلة،" وحشتنا ياضياء..وحشنا وجودك معانا، كل وقت يمر وأنت مش موجود بنفتكرك دايما..وحشنا لمتك معانا في الأكل..كل مكان نذهب له بنفتكرك"، ربنا يرحمك، شقيقي أصبح في منزله عظيمة أحسن من الدنيا، ربنا اختاره يكون شهيد، ويكون مثل يحتذى به كل شاب.