إرهاب تويتر من فلسطين إلى ترامب

العدد الأسبوعي

بوابة الفجر



عندما يتم منع شخص من الكلام، فإن السبب الحقيقى ليس الغضب مما قاله ولكن الخوف مما يمكن أن يقوله فى المستقبل، هذه الحكمة الأمريكية، تنطبق إلى حد كبير على علاقة وسائل التواصل الاجتماعى بالرئيس الأمريكى دونالد ترامب، ففى أعقاب أحداث الكونجرس، حيث هاجم أنصار ترامب مجلس النواب والشيوخ الأمريكى فى محاولة لمنع التصديق على فوز جو بايدن، قررت وسائل التواصل الاجتماعى تعليق حسابات ترامب باعتباره يحرض على الفوضى. 

1الصراع

على مدار سنوات إدارته الأربعة، دخل الرئيس الأمريكى فى حرب واسعة مع وسائل التواصل الاجتماعى متهما إياها بالانحياز ضده، وأخيرا اتخذت مواقع التواصل الاجتماعى، تويتر وفيسبوك وإنستجرام، قرارا بحجب كل حسابات الرئيس الأمريكى، لكن حظرا واحدا يفوق جميع الآخرين فى رمزيته: حسابrealDonaldTrump تم تعليقه من تويتر، المنصة التى حددت هذا الرئيس أكثر من أى منصة أخرى، لقد تحولت صفحة الرئيس الأمريكى إلى مصدر رئيسى ليس فقط لأخبار وآراء الرئيس الأمريكى ولكن أيضا مؤشر واضح لخطوط السياسة الأمريكية. 

حسب مجلة أتلانتيك، يمكن تناول هذه التطور بطريقتين، الأول هو الأسطورة الشكلية التى تريدنا المنصات الاجتماعية أن نصدقها، فى هذا الإطار، لدى المنصات سياسات ومبادئ تقوم بها، وتتسم قراراتها بالحياد القائم على تقييمات مدروسة بعناية للقواعد والحقائق، والثانى هو السياق الواقعى القائم باختصار على حقيقة أن كل مبررات المنصات الاجتماعية ما هى إلا ورقة التوت التى تخفى حقيقة هذه القرارات التعسفية. 

كتبت إيفلين دوك، الباحثة السياسية فى جامعة هارفارد: «كانت محاولات تصوير أفعالهم كجزء من هيكل متماسك ومتعمد لصنع القرار تحاول إخفاء حقيقة غير مريحة حول أهم منتديات التعبير لدينا: يمكن للمنصات أن تفعل وستفعل ما يحلو لها، هذا الأسبوع، تحركت حفنة صغيرة من المديرين التنفيذيين التقنيين الأقوياء للغاية ببطء نحو الحافة، وحفزوا بعضهم البعض للقفز، كان هذا عرضاً لقوة رائعة، تقوم مجموعة صغيرة من الناس فى وادى السيليكون بتعريف الخطاب الحديث، ظاهريا إنشاء منطقة ضبابية حيث القواعد هى شيء ما بين الحكم الديمقراطى والصحافة، لكنهم يفعلون ذلك بسرعة بالطرق التى تناسبهم». 

فى نفس السياق، اعتبر وزير الصحة البريطانى مات هانكوك، أن الحظر الذى فرضته مواقع تويتر وفيسبوك وإنستجرام على حسابات الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، «يثير تساؤلاً كبيراً جدا» حول كيفية تنظيم عمل وسائل التواصل الاجتماعى، وقال هانكوك إن منصات التواصل الاجتماعى تتخذ قرارات تحريرية الآن، «وتختار من يجب ومن لا يجب أن يكون له صوت» وفى خلال أيام، سيكون ترامب خارج السلطة، لكن المنصات لن تكون كذلك.

2من القادم؟ 

لا أحد ينكر أن استخدام دونالد ترامب لوسائل التواصل الاجتماعى قد أثار حالة كبيرة من الجدل، وخلال هذا الأسبوع حاولت وسائل التواصل الاجتماعى التأكيد على أن تحركها ضد الرئيس الأمريكى كان يتسق مع سياساتها القائمة بالفعل، لكن مبررات وسائل التواصل الاجتماعى غير منطقية، ما كتبه الرئيس الأمريكى قبل أحداث الكونجرس ليس أكثر سوءًا مما كتبه فى الماضى. 

أن أنصار ترامب الذين تحركوا فى الكونجرس تابعوا على مدار سنوات كتابات ترامب التى تعزز اليمين المتطرف وتشجع اللجوء للعنف، على سبيل المثال، خلال المظاهرات التى اندلعت عام 2020 ضد التمييز والعنصرية التى يعانى منها أصحاب الأصول الأفريقية فى الولايات المتحدة الأمريكية، كتب ترامب: «عندما يبدأ النهب، يبدأ إطلاق النار»، كما روج فى حسابه لما يعرف باسم كيو أنون، نظرية مؤامرة من ابتداع اليمين الأمريكى المتطرف تتناول بالتفصيل خطة سرية مزعومة لمايسمى «الدولة العميقة فى الولايات المتحدة» التى تعمل ضد الرئيس الأمريكى دونالد ترامب وأنصاره، وهى نظرية مؤامرة وصفها مكتب التحقيقات الفيدرالى بأنها تهديد إرهابى، فى كل هذه الحالات لم تلجأ وسائل التواصل الاجتماعى إلى حجب حسابات الرئيس الأمريكى. 

وفى الوقت نفسه، لايزال المتحدث الرسمى باسم طالبان لديه حساب على تويتر، كذلك عدد آخر من الشخصيات المثيرة للجدل، يقول فيسبوك إنه اتخذ إجراءات ضد قادة العالم الآخرين قبل ترامب، لكنه لم يقدم تفاصيل، حسب مجلة أتلانتيك، على هذه الخلفية، تبدو تفسيرات المنصات واهية وملتوية، إجاباتها غير مرضية على الأسئلة» لماذا هو؟ و«لماذا الآن؟».

3- تاريخ مشين 

هذه الأسئلة التى تحيط بنزاهة مواقع التواصل الاجتماعى وتلقى بظلال من الشك حول دوافعها وقيمها تختلط مع تاريخ مشين. 

أن الدوافع السياسية هى التى تحرك هذه المنصات على النحو الذى يخدم مصالح جهات معينة، وتعد القضية الفلسطينية مثالاً واضحاً وصريحاً على عدم موضوعية هذه المنصات، حسب المركز الفلسطينى للإعلام، أكد مدير منتدى الإعلاميين محمد ياسين أن المنتدى رصد خلال عام 2019 ما يقرب من 174 انتهاكا بحق المحتوى الفلسطينى على مواقع التواصل، تنوعت بين حذف وحظر وتقييد المنشورات والصفحات،اتهم ياسين «فيسبوك» بالانحياز الواضح للاحتلال، موضحا أن المحتوى الفلسطينى يتعرض لاستهداف واضح عبر إغلاق الصفحات وتقييد النشر بسبب تبنى الرواية الفلسطينية التى تكشف زيف الرواية الصهيونية.

نفس هذه المنصات التى حرصت على حجب المحتوى الذى يدافع عن القضية الفلسطينية، تركت صفحاتها للتنظيمات الإرهابية دون قيد أو شرط، حسب جامعة الملك خالد السعودية تشير الدراسات الحديثة إلى أن 80 % من الذين انتسبوا إلى الجماعات الإرهابية تم تجنيدهم عبر وسائل التواصل الاجتماعى حيث أن عدد المواقع المحسوبة لهذه الجماعات يصل بحسب الإحصائيات الحديثة إلى أكثر من 150 ألف موقع حاليا.