محمد عبد الوهاب يكتب: أداء الاقتصاد المصري في 2020 "فاق التوقعات"

مقالات الرأي

محمد عبد الوهاب -
محمد عبد الوهاب - المستشار المالي والمحلل الاقتصادي

 

بعد ستة  أعوام من الاصلاح الاقتصادى الذى اتبعته الدولة المصرية منذ تولى الرئيس عبد الفتاح السيسي المسئولية ما أدى إلى استقرارا في الاقتصاد الكلي صاحبها ارتفاع معدلات النمو بصورة نسبية، وتحسن في حسابات المالية العامة وتحسن ملحوظ فى حجم الإحتياطى الأجنبى .

 

وبنهاية عام جيد الأداء بالنسبة للدولة المصرية وسياستها الاقتصادية  وهو عام 2019 الذى انتهى على معدلات نمو جيدة حيث بلغ معدل النمو5.6% للعام المالى 2018 /2019  وارتفاع كبير فى الاحتياطى الأجنبى للبنك المركزى نتيجة نجاح سياساته النقدية التى اتبعها  منذ قرار تحرير الجنيه وتركها لأليات السوق  حيث بلغ الأحتياطى الأجنبى فى نهاية 2019 نحو 45.42 مليار دولار،  وتفاؤل من جانب المؤسسات الدولية تجاه  الأقتصاد المصرى جاءت جائحة كورونا لتحد من تقدم الاقتصاد  المصرى ليحقق الهدف المنشود  نحو معدلات نمو كانت متوقعة فى حدود 6% فى نهاية العام 2020 ولكن تأتى الرياح بما لاتشتهي السفن،  إلا إن الاقتصاد المصرى أبدى  صلابة بشهادة  مختلف المؤشرات الاقتصادية، وهو ما أرجعته المؤسسات الدولية الى نجاح "خطة الإصلاح الاقتصادي" التي اتبعتها الحكومة، والتي وازنت فيها بين الإجراءات الاقتصادية الصعبة والبرامج الحمائية، وهي الخطة التي انتشلت الاقتصاد المصري من مسارات خانقة ومؤشرات متدنية في وقت سابق، بعد سلسلة التطورات السياسية التي شهدها البلد منذ عام 2011.

 

فبالرغم تداعيات فيروس كورونا على مستوى العالم أجمع، تصدرت مصر دول الأسواق الناشئة في احتواء معدل التضخم خلال العام طبقا للبيانات الصادرة عن مجلس الوزراء المصري ووفق صندوق النقد الدولي، فإن مصر "حققت أكبر تراجع سنوي في معدل التضخم بالأسواق الناشئة في 2020، مقارنة بعام 2019، بتراجع بلغ 8.2 %.

 

ومن بين آثار خطة الإصلاح الاقتصادي، تراجع معدلات التضخم إلى 5.7 % خلال العام الماضي 2019-2020 مقارنة بـ 13.9 بالمئة في عام 2018-2019.

 

كما أظهرت مؤشرات البطالة مدى نجاح ومتانة الاقتصاد المصري على نحو واسع فوفق البيانات الصادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، فإن معدل البطالة تراجع إلى 7.3 %في الربع الثالث من العام الجاري، مقارنة بـ7.8 %  فى 2019 .

 

ونحجت السياسات النقدية في إعادة  الاحتياطي النقدي لمصر إلى 39.22 مليار دولار حتى نهاية أكتوبر الماضي، بحسب بيانات البنك المركز المصري بعد الانخفاض الذى شهده من بداية الجائحه  ورغم توقف السياحه بشكل تام .

 

تلك الصلابة التى  أشادت بها كبرى المؤسسات المالية الدولية، وفي مقدمتها الإعلان الرسمي من خبراء صندوق النقد الدولي، الذي وصف أداء الاقتصاد المصري  بأنه  "فاق التوقعات".

 

وقد نجحت الدولة المصرية فى تخطى الأزمة حيث خصصت الحكومة حزمة استجابة طارئة بقيمة 100 مليار جنيه مايقارب  1.7% من إجمالي الناتج المحلي   لمواجهة الزياده فى الإنفاق الصحي، وزيادة الحماية الاجتماعية، وتقديم المساعدات المالية للأفراد والشركات، وشملت التدابير الرئيسية تقديم منحة نقدية لمرة واحدة للعمال في القطاع غير الرسمي تحت مظلة برامج الحماية الاجتماعية في مصر والتي تشمل برنامج تكافل والكرامة وبرنامج تعويضات نقدية لمرة واحدة للعمالة غير المنتظمة، سجلت زيادة بأكثر من 150 % مقارنة بمستويات ما قبل الجائحة وتوسيع برامج التحويلات النقدية القائمة.

 

كما تم تطبيق تدابير للسماح بتأجيل سداد الديون في شكل تأخير تقديم الإقرارات الضريبية وسداد مدفوعات القروض، بالإضافة إلى منح تسهيلات ائتمانية بأسعار مدعومة لقطاعات مستهدفة،  وخفض البنك المركزي المصري أسعار الفائدة بنحو 350 نقطة أساس تراكمية منذ مارس 2020 لتوفير السيولة.

 

 وشهدت معدلات التضخم تراجعًا منذ نهاية 2019، ولا تزال في حدود الاحتواء إلى حد ما، وقد سجلت في المتوسط 5.7% في السنة المالية 2020 مما يعكس انخفاض الطلب والانخفاض العام في الأسعار .

 

وبشهادة المؤسسات الدولية وعلى رأسها صندوق النقد الذى أشاد بشكل كبير بأداء الاقتصاد المصرى خلال 2020 قائلاً: "إن  الاحتياطيات الكبيرة من النقد الأجنبي، ومرونة سعر الصرف التى أتبعها المركزى المصرى  تعتبر عوامل مساهمة في التخفيف من حدة الأزمة ، بينما ساعدت المكتسبات التي حققها الاقتصاد المصري على مدى السنوات الستة الماضية على الصمود أمام الصدمة والاستجابة بحزم دعم شاملة لاحتوائها".

 

وأظهر تقرير صندوق النقد الدولى توقعاتة بشأن الفائض الأولي كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي، حيث توقع أن تستمر مصر في تحقيق فائض أولي بنسبة 1.4 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي عام 2019/2020، و0.4 في المائة خلال عام 2020/2021، و2.1 في المائة خلال أعوام 2021/2022، و2022/2023، و2023/2024، و2024/2025

 

ووفقاً لصندوق النقد أيضاً، فإنه من المتوقع أن تحافظ مصر على الزيادة المطردة في حجم الناتج المحلي الإجمالي، ليسجل 479.6 مليار دولار خلال عام 2025، مقارنة بـ361.9 مليار دولار في عام 2020، و332.1 مليار دولار عام 2015، و230 مليار دولار عام 2010، و94.1 مليار دولار عام 2005، و104.8 مليار دولار عام 2000، و63.3 مليار دولار عام 1995، و96.1 مليار دولار عام 1990، و48.8 مليار دولار عام 1985، وأخيراً 23.5 مليار دولار عام 1980.

 

وأوضح التقرير، أنه من المتوقع أن يتراجع العجز الكلي كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي في مصر ليصل إلى 5.2 في المائة خلال عام 2021/2022، مقارنة بـ8.1 في المائة خلال عام 2020/2021، و7.5 في المائة خلال عام 2019/2020.

 

وأكد  صندوق النقد الدولي وقت سابق نمو الاقتصاد المصري بواقع 3.5 في المائة في (2020 - 2021)، في إشارة واضحة إلى نجاح إجراءات الإصلاح الهيكلي والاقتصادي ونجاح خطة الحكومة في مواجهة التحديات التي فرضتها جائحة «كوفيد - 19». في حين أكدت وكالة «موديز» نظرتها المستقرة للاقتصاد المصري عند مستوى «بي 2»، موضحة أن ذلك يعكس الاقتصاد الكبير والمتنوع، وقاعدة التمويل المحلية الكبيرة، واحتياطيات النقد الأجنبي التي تكفي لتغطية الالتزامات الخارجية المستحقة على مدى السنوات الثلاث المقبلة.

 

وكانت مؤسسة "ستاندرد أند بورز" العالمية للتصنيف الائتماني، قد ثبتت التصنيف الائتماني لمصر عند مستوى   (BB)  على المديين القصير والطويل الأجل، مع نظرة مستقبلية مستقرة رغم تداعيات تفشي فيروس "كوفيد – 19" عالمياً، مؤكدة قدرة الاقتصاد المصري على امتصاص الصدمات الاقتصادية والخارجية المؤقتة.