1.6مليار جنيه لتطوير «قها وأدفينا» بعد الدمج

العدد الأسبوعي

بوابة الفجر


إغلاق 3 مصانع والاكتفاء بـ4 والقطاع الخاص يتولى التطوير

نشعر جميعا بالحنين للماضى حينما نسمع اسم شركة قها أو أدفينا، فهى ككل شركات القطاع العام التى تشكل جزءا كبيرا من ذكرياتنا خلال المناسبات أو حتى بأيامنا العادية، الفول والعصير والمربى وغيرها من المنتجات التى احتلت بشكل طاغٍ سوق الغذاء بمصر.  

واليوم تدخل هذه الشركات مرحلة جديدة من عمرها، بعد توجه الدولة لإقرار خطة جادة لإصلاحها، متخذة خطوات مختلفة، لكن لا يمكننا الحكم عليها إلا بعد تنفيذها بشكل كامل، فالإعلان عن خطط لتطوير هذه الشركات يمتد لسنوات، وقبل ثورة يناير.  

 ولفهم سبب تعثر الخطط السابقة لتطوير هذه الشركات المهمة، علينا العودة إلى تاريخها، فشركة قها التى أنشأت عام 1940 كشركة خاصة، بدأت بمصنع واحد فى مدينة قها بمحافظة القليوبية باسم المصنع المصرى للأغذية، وفرضت الحراسة عليها عام 1961، وأعيد تأسيسها لتصبح شركة مساهمة مصرية تحت اسم «النصر للأغذية المحفوظة قها» مملوكة للدولة بعد التأميم.  

 كان المصنع هو الأول فى الشرق الأوسط فى صناعة الأغذية المحفوظة بعدد 32 منتجا، وبلغ عدد مصانع الشركة 6 بخطوط إنتاج متكاملة، بالاضافة إلى المصنع الرئيسى، ولعبت الشركة دورا فى الإمداد الغذائى بحرب الاستنزاف وحرب أكتوبر.  

 وساعد النظام الاقتصادى الاشتراكى الذى كانت تتبعه مصر فى عهد الرئيس جمال عبدالناصر، على استحواذ شركتى قها وأدفينا على قطاع الأغذية، حيث كان يمنع دخول شركات القطاع الخاص فى منافسة الشركات الحكومية، خاصة القطاعات الرئيسية كالغزل والحديد والدخان وغيرها.  

 ومع صدور قانون قطاع الأعمال العام 203 لسنة 1991، بدأت رحلة أفول نجم الشركة من خلال برنامج الخصخصة، وفكرة توسيع الملكية مع تغيير النظام الاقتصادى فى السبعينيات للانفتاح فى عهد الرئيس السادات، وبالرغم من أن الشركة كانت تحقق أرباحا، باعت حكومة عاطف عبيد 90% من أسهمها عام 1998، لمستثمر تعثر فى سداد قيمة الصفقة ومستحقات العاملين حتى عام 2002.  

 أدى هذا الفشل فى إدارة الشركة، إلى لجوء الحكومة ممثلة فى الشركة القابضة للصناعات الغذائية لإقامة دعوى لفرض الحراسة القضائية على قها، ليتم تنفيذ الحكم أغسطس 2002، واستمرت الشركة تعمل، حتى تم فسخ العقد مع المستثمر، ونقلت ملكيتها للشركة القابضة بنهاية 2007بعد إجراء تسوية.  

 وفى مايو 2008 تم رفع الحراسة عن الشركة وعادت للدولة مرة أخرى بعد استنزاف لمدة 10 سنوات، تراجع فيها أسهم منتجاتها فى ظل منافسة حامية من القطاع الخاص، بجانب معاناة من خسائر بالملايين وديون، وفقدان للكفاءات البشرية والآلات.  

 وبحلول يونيو الماضى، استعرض الرئيس عبدالفتاح السيسى استراتيجية تطوير شامل لعدد من الشركات التابعة للشركة القابضة للصناعات الغذائية مع رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولى والدكتور على المصيلحى - وزير التموين، خاصة شركتى قها وأدفينا، لاستعادة إنتاجهما لتعزيز قدراتهما وتعظيم فرص التصدير، موجها باختيار مواقع مجمعات ومصانع تتوفر لها سبل النجاح.  

وفى سبتمبر الماضى أجرى الرئيس اجتماعا آخر لمتابعة تنفيذ خطة التطوير، لتصبح هذه المرة الاستراتيجيات التى تعلنها الحكومة لإعادة إحياء هذه الشركات حقيقة وليس كلاما مرسلا، فمنذ أن تسلمت الدولة شركة قها من الحراسة القضائية، عملت بأقل من ربع طاقتها مع تعطل خطوط إنتاج رئيسية، وعدم إجراء خطط حقيقية للتطوير.  

 بدأت هذه الخطط التى لم تنفذ على أرض الواقع، فى عام 2009، حيث تم اعتماد خطة لإعادة هيكلة الشركة مكونة من 3 مراحل، الأولى منها قيمتها 38 مليون جنيه لتأهيل بعض خطوط الإنتاج، وهو ما أدى إلى استمرار خسائر الشركة، وفى يناير 2014، وافقت الجمعية العمومية للشركة على وضع خطة للتطوير للتعامل مع هذه الخسائر.  

 وخلال عام 2015، اعتمدت وزارة التموين والتجارة الداخلية ضخ استثمارات بقيمة 100 مليون جنيه لتحديث الشركة لإعادتها لسابق عهدها، وتوفير 5 خطوط إنتاج جديدة، وتطوير التعبئة والتغليف، لكن هذه الخطة لم تنفذ أيضا، واستمر تعطل خطوط الإنتاج الرئيسية.  

 وفى يونيو 2019، بدأت الخطوات الجدية فى إجراء تحديث حقيقى مع إعلان الشركة القابضة للصناعات الغذائية والتابعة لوزارة التموين، عن أن لديها مخطط استراتيجى لتطوير بعض شركاتها التابعة، على أن تكون البداية بشركتى قها وأدفينا، من خلال تشكيل فريق عمل يشمل وزارة قطاع الأعمال العام، وذلك لإعادة هيكلة ودمج الشركتين.  

 وتعاقدت وزارة التموين فى نوفمبر 2019 مع مكتب استشارى، هو شركة فينكورب للاستشارات المالية، لتطوير ودمج الشركتين اللتين تعملان فى نفس النشاط الرئيسى، حيث تأسست شركة أدفينا فى مايو 1956، لتصنيع المنتجات الزراعية والحيوانية والأغذية المحفوظة، ومع المنافسة عانت هى الأخرى من الخسائر التى أدت لتصفية أحد مصانعها.  

 وحسب اللواء أحمد حسنين - رئيس مجلس إدارة الشركة القابضة للصناعات الغذائية، تقدر حجم الاستثمارات الخاصة بتطوير الشركتين حوالى 1.6 مليار جنيه، وتم تخصيص قطعة أرض بمدينة السادات على مساحة 148 ألف متر، لإقامة مجمع صناعى كبير لمنتجات الشركتين.  

 وتشمل خطة التطوير شرطا بأن تكون نسبة التصدير لا تقل عن 30 إلى 40% من خلال وضع آليات تشجع نفاذ المنتجات، على أن يتم الانتهاء منها خلال 3 سنوات بحلول 2022 المقبل.  

 وبعد الدمج سيصل عدد المصانع إلى 4 بدلا من 7 مع الحفاظ على اسم الشركتين والعلامة التجارية التاريخية، وإجراء تدريب شامل للعمال، وإعادة تأهيل لخط إنتاج الفول المحفوظ، وإعادة تشغيل خط التجميد بمصنع أبو كبير بالشرقية، وخط تصنيع العلب بالإسكندرية.  

ويتبع الشركة القابضة للصناعات الغذائية، مركز تطوير الأغذية بمدينة قها، والذى يقوم بعمل دورات تدريبية متخصصة بطرق التحاليل المختلفة للمياه والأغذية والمواد الخام وفحص العبوات الصفيح والمرنة، ويقدمها لمهندسى شركات القطاع العام والخاص، ويقوم أيضا بتقييم ومراقبة جودة منتجات الشركات التابعة للشركة القابضة طبقا للمواصفات القياسية.  

 وأعلنت الشركة القابضة خلال الأيام القليلة الماضية عن طرح مزايدة عامة لإدارة وتشغيل المركز وتطويره وتحديثه وتوريد أجهزة له من الخارج، بالمشاركة مع القطاع الخاص من كبرى شركات الصناعات الغذائية لمدة 3 سنوات، على أن يتم تقديم العروض الفنية يوم 21 ديسمبر المقبل.  

 الدكتور إبراهيم عشماوى- مساعد أول وزير التموين ورئيس جهاز تنمية التجارة الداخلية قال لـ«الفجر»، إن الدراسة التى قام بها المكتب الاستشارى للشركتين وضعت تصورات حول كيفية التعامل معهما، من حيث تقييم أصولهما والقيمة السوقية والساعات الإنتاجية والعنصر البشرى والتشغيل، لكنها لم تحدد شكلاً معيناً للتعامل.  

 وكشف عشماوى، أنه لم يتم الاستقرار حتى الآن على خطة محددة للتطوير وإنما المعلن هو خطوط عريضة، مشيرا إلى أن الدمج هو أفضل الأطروحات، مع الحاجة إلى شريك من القطاع الخاص سواء فى الإدارة أو التشغيل، واصفا خطوة تقدم شركات لمزايدة مركز الجودة بالتطور الجيد والخطوة العملية فى إطار التحديث.