د. بهاء حلمى يكتب: السلوك المهنى الأخلاقى للموظف الحكومى

مقالات الرأي

بوابة الفجر



هناك صورة ذهنية لدى المواطن فى مصر عن التعامل مع المؤسسات والهيئات الحكومية وخاصة الخدمية منها.

فعلى الرغم من صدور قانون جديد للخدمة المدنية متضمنا التزام الموظف بالسلوك وأخلاقيات الخدمة المدنية، إضافة إلى الجهود المبذولة من الدولة لتطوير الجهاز الإدارى والتحول الرقمى، ومتابعة مجلس الوزراء لشكاوى المواطنين على البوابة الالكترونية الحكومية.

ورغما عن إعداد المعهد القومى للحوكمة والتنمية المستدامة لمدونة السلوك الوظيفى بغرض رفع كفاءة الاداء وجودة الخدمات وحسن معاملة الجمهور، ومراعاة ذوى الاحتياجات الخاصة وكبار السن والمرضى والنساء الحوامل عند تقديم الخدمة لهم، وحث الموظفين على إنجاز مصالح المواطنين فى الوقت المناسب بكل امانة وشفافية وعدالة وسرعة ولباقة بهدف كسب رضاهم عن مستوى الخدمات المقدمة لهم.

أضف إلى ذلك التوجيهات المستمرة من القيادة السياسية للوزراء والمحافظين بضرورة الارتقاء بالخدمات الجماهيرية المقدمة للمواطنين سواء الصحة أو التعليم أو المرور..الخ.

إلا أن الواقع يشير إلى وجود نماذج من بعض الموظفين فى الجهات الحكومية والخدمية يتميزون بنهج وسلوك يتسم بالقسوة والشدة والتعنت والاحجام عن مساعدة المواطنين طالبى الخدمة ومستحقيها.

ويصل الأمر فى بعض الاحيان إلى حد الإساءة وتعطيل المصالح عمدا، والاستناد لاقوال نمطية مفادها حجج اللوائح والقرارات وتفسيرات ابن جهبذ العالم بفنون البيروقراطية وأساليب ممارستها دون معرفة حقيقية أو علم، وسواء كان بغرض خبيث أو لإرضاء الذات تبعا للحالة النفسية والعصبية للموظف المتعنت ودرجة ثقافته وفهمه لواجبات ومسئوليات وظيفته.

وبما أن الواجب يقضى بأن نُعلى ونشجع الايجابيات بنفس القدر الذى نتعرض فيه للمشكلات والسلبيات مع طرح تصور للحلول لتحويلها إلى ايجابيات.

لذلك من المهم بمكان القاء الضوء على كيفية إدراك الموظفين لمسئولياتهم وفقا لمدونة قواعد السلوك الوظيفى التى تتمثل فى: احترام القانون، الحيادية فى تقديم الخدمات للمواطنين، النزاهة، الاجتهاد فى اداء الواجب، الكفاءة والفاعلية، والتى تحث على الالتزام بمبادئ الاخلاق وتعزيز جسور الثقة المتبادلة، وتعريف المواطنين بحقوقهم، والاحترام المتبادل بين جمهور المواطنين والموظفين العاملين بالجهاز الإدارى.

وحسن استقبال المواطنين والتعامل معهم بطرق حسنة وبأسلوب لائق وآدمى مع انجاز المعاملات بالدقة المطلوبة، والتحلى بالصبر والحكمة عند الاستماع إلى طلباتهم وشكواهم، والتعامل بروح القانون عند طلب المستندات والاوراق المطلوبة لتقديم الخدمة.

ويثار التساؤل عن كيفية تحقيق هذه الامال المنشودة لتحقيق جودة الاداء الوظيفى؟ وكيفية تأهيل وتدريب كل موظفى الجهاز الادارى وتقييم مدى الالتزام بالسلوك المهنى الاخلاقى القانونى فى ادائهم لوظائفهم؟

نجد ان هناك جهودا وبرامج حكومية لتدريب الموظف ليعلم دوره ورسالته، وترى انها ليست كافية لرفع قدرة الموظفين وتغيير سلوكهم على نحو يحقق إرضاء المواطن وتقديم الخدمات له بشكل آدمى وبطريقة سهلة دون أن يشعر بأى معاناة.

علينا ان نعترف بأن تركة الجهاز الادارى فى مصر ثقيلة ومحملة بغبار فكرى ممزوج بطعم الفساد على مدار عقود سابقة، لذلك فإن التزام الموظف بالسلوك المهنى الاخلاقى للوظيفة وحسن معاملة الجمهور لن تتحقق بسهولة.

ولابد من الاعتراف بحق الموظف والمواطن على حد سواء فى بيئة مناسبة ومكان لائق لاستقباله بالمؤسسات والجهات الخدمية وتزويدها بدورات مياه نظيفة وتهوية جيدة، وعدم الاكتفاء بتطوير الشكل فقط.

من المناسب إعادة تقييم وتسكين الموظفين وفق تخصصهم وقدراتهم فى المواقع المناسبة، مع اجراء كشف طبى على جميع الموظفين قبل التحاقهم بالعمل أو ترقيتهم بما فى ذلك الكشف النفسى، ولا مفر من الإسراع فى التحول الرقمى بكافة المؤسسات والجهات الخدمية فى مصر، مع تزويد كافة المواقع بكاميرات المراقبة مهما بلغت تكلفتها باعتبارها احدى الوسائل الفعالة فى مواجهة الفساد وتطوير الاداء الوظيفى فى الدولة اضافة إلى انها وسيلة للاثبات والتأمين.

وتأتى الرقابة والمتابعة الميدانية والتقييم كعناصر للنجاح فى سرعة التحول والارتقاء باداء الجهاز الادارى بالدولة، مع اهمية مراجعة أساليب ووسائل الحفظ ومراجعة مخازن الكهنة والخردة المكدسة بدواوين الحكومة والتى تقدر بملايين الجنيهات المهدرة، ومراجعة قواعد الامن والسلامة المعمول بها، والتأكد من عدم الاحتفاظ بأى ادوات كهربائية أو مأكولات مع منع التدخين بالمكاتب، وإمكانية دراسة تخصيص وقت للراحة للموظفين والمواطنين لتجديد النشاط يكون معلوما للجميع دون استقطاعه من وقت العمل المقرر.

www.bahaahelmy.com