توابع «شارلى إبدو» هجوم إرهابى جديد و14متهمًا و150 شاهدًا وخبيرًا فى المحكمة

العدد الأسبوعي

بوابة الفجر



مجددًا، تعود هجمات «شارلى إبدو» الإرهابية إلى الواجهة وتتصدر المشهدين، الفرنسى والعالمى.

وذلك بالتوازى مع محاكمة بدأت مطلع سبتمبر الماضى، لمتهمين بالتورط فى الهجمات، تزامن معها هجوم إرهابى جديد استهدف المقر السابق للصحيفة الفرنسية، وأعقبته تصريحات مثيرة للجدل من قبل الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون، زادت من حالة الحساسية والاحتقان الدينى، ولحقتها تنديدات رسمية من الأزهر الشريف ومؤسسات دينية عربية وإسلامية رأت فى تصريحات ماكرون إساءة للإسلام وحضًا على الكراهية.

قبل خمس سنوات ونصف، وفى تمام الساعة الـ11 صباحًا، 7 يناير 2015، اقتحم ملثمان مقر الصحيفة الفرنسية الساخرة شارلى إبدو فى باريس، التى نشرت قبل أيام رسومًا اعتبرتها قطاعات واسعة من المسلمين فى العالم بأنها مسيئة للرسول(صلى الله عليه وسلم).

دخل المسلحون المبنى أثناء اجتماع مجلس التحرير بالمجلة، وبدأوا إطلاق النار من أسلحة كلاشينكوف، وأسفر هذا الهجوم المروع عن مقتل 12 شخصاً بالكامل وإصابة 11 آخرين، تواجدوا فى مقر «شارلى إبدو» فى ذلك التوقيت.

وأعقب الهجوم الإرهابى مطاردة بين الشرطة الفرنسية ومنفذى العملية، الشقيقين، شريف وسعيد كواشى، وهى المطاردة التى انتهت فى الأخير بمصرعهما، بعد محاصرتهما فى مطبعة فى منطقة تبعد بـ 40 كم شمال العاصمة الفرنسية.

وقبل أن يلقى حتفه على يد القوات الأمنية الفرنسية ببضع ساعات، أكد شريف كواشى (32 عاما) المتهم بتنفيذ هجمات «شارلى إبدو» انتماءه إلى جناح تنظيم القاعدة فى اليمن خلال اتصال هاتفى معه انفردت به القناة التليفزيونية الفرنسية «بى أف أم» الخاصة.

وفى المكالمة التى دامت دقيقتين قال كواشى «نريد أن نقول أننا المدافعون عن النبى صلى الله عليه وسلم.. وأنا شريف كواشى قد أرسلت من طرف تنظيم القاعدة فى اليمن، وأنا قد تنقلت إلى هناك والشيخ أنور العولقى هو من مولنى رحمه الله، وكان ذلك منذ فترة طويلة قبل اغتياله»، وهى المعلومات التى تم التأكيد عليها بعد أسبوع واحد من الهجمات من قبل التنظيم نفسه، وفى 14 يناير 2015 ظهر فيديو مصور تبنى فيه تنظيم «القاعدة فى جزيرة العرب» العملية وقال فيه المتحدث باسم التنظيم أن العملية تمت بأمر زعيم التنظيم أيمن الظواهرى.

ومن الثابت أن شريف كواشى الذى بدأ حياته وشقيقه، بسرقات صغيرة وتجارة المخدرات، وكان مولعًا بغناء الراب وعمل مدربًا للياقة البدنية ، وعامل توصيل لمطاعم البيتزا، قد سافر عدة مرات إلى اليمن لتلقى التدريبات والتقى بالعولقى المنظر الاستراتيجى للقاعدة اليمنى الأمريكى الجنسية، قبل مصرعه، وأن كواشى كان عضوا فى خلية «بوت شومون» التى نشطت فى تسفير الشباب للقتال فى صفوف تنظيم القاعدة بالعراق بعد الغزو الأمريكى 2003.

من جانبه نفذ الشريك الثالث فى العملية، أميدى كوليبالى (32 عاما) دوره، بقتل شرطية فى حى مونروج بباريس، وبالهجوم على متجر يهودى بحى فانسان فى الدائرة العشرين الباريسية، وقتل 4 من الرهائن، واحتجز آخرين نظير إطلاق سراح الأخوين كواشى المحاصرين آنذاك من قبل الشرطة، حيث أكد هو الآخر فى اتصال مع القناة الفرنسية، انتماءه لتنظيم «الدولة الإسلامية /داعش» وأعلن أن العملية التى قام بها بالتنسيق مع كواشى لتنفيذ الاعتداء الدموى على صحيفة شارلى إبدو: «نعم لقد قمنا بالتنسيق لأن ننفذ تلك العمليات بالتزامن.. وقد نسقت مع الأخوين كواشى من قبل من أجل الذهاب لتنفيذ الهجوم، بمعنى أنهما بدآ بتنفيذ الهجوم على صحيفة شارلى إبدو، وأنا قمت بالعملية التى استهدفت الشرطة»، وذلك قبل أن يسقط كوليبالى صريعًا هو الآخر فى نهاية الأحداث.

فى تلك الأثناء كانت حياة بومدين زوجة كوليبالى، والتى يجرى محاكمتها غيابيًا الآن، على خلفية التورط فى الهجمات، قد غادرت فرنسا، إلى سوريا عبر تركيا، وانضمت إلى صفوف داعش وظهرت فى فيديوهات التنظيم لاحقًا.

وسبق أن أدين أميدى كوليبالى عام 2001 بتهمة السرقة والسطو المسلح.

وتحول كوليبالى للإسلام فى السجن، وظهر اسمه إلى جانب شريف كواشى أيضًا، 2010 ضمن خطة فرار إسماعيل آيت على بلقاسم المنتمى للجماعة الإسلامية المسلحة بالجزائر.

وخرج من السجن بعد انقضاء عقوبته بالسجن لخمس سنوات مايو 2014.

ومن المنتظر أن تستمر محاكمة «شارلى إبدو» التى تشهدها باريس وبدأت فى 2سبتمبر الماضى لمدة شهرين ونصف حتى العاشر من نوفمبر المقبل، وتجرى خلالها توجيه الاتهامات لـ14 شخصًا بالتورط فى الهجمات «بنسب متفاوتة»، وبتقديم المساعدات اللوجيستية وتوفير الأسلحة والسيارات للإرهابيين الثلاثة.

كما يجرى الاستماع لـ150 آخرين من شهود وخبراء، أمام محكمة الجنايات.

ومع الإعلان عن موعد المحاكمة اتخذت «شارلى إبدو» قرارها بإعادة نشر الصور المسيئة، سبب الأزمة، ماترتب عليه غضب فى عدة أوساط، وتحريض علنى على تنفيذ هجمات ردًا على الإساءة للنبى الكريم.

كما صرح الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون بأن بلاده تتمتع بحرية التعبير النشر وحرية العقيدة المطلقة، ولكنه يتعين على المواطنين الفرنسيين إظهار الكياسة واحترام بعضهم وتجنب الانسياق وراء «حوار الكراهية».

بعد ذلك قام شاب باكستانى 18 عامًا بتنفيذ هجومه الإرهابى على المقر السابق للصحيفة الفرنسية، التى انتقلت إلى مقر جديد سرى، وقام بطعن شخصين أصيبا بجروح بالغة.

وأدلى أرشد محمود والد الإرهابى الشاب بتصريحات إعلامية متطرفة قال فيها إنه «سعيد للغاية» و«فخور للغاية» بتصرفات ابنه الذى «حمى شرف الرسول»، وأضاف: «جاءت القرية بأكملها لتهنئتي»، داعياً باكستان إلى إعادة ابنه إلى البلاد. 

وذلك فى الوقت الذى تسبب فيه الهجوم غضبًا واسعًا فى فرنسا، وعلى إثر ذلك عاد الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون وأطلق تصريحاته بأن فرنسا ستتصدى «للانعزالية الإسلامية» الساعية إلى «إقامة نظام مواز له قيم أخرى».

وأن الدين الإسلامى يمر «بأزمة فى جميع أنحاء العالم ولا نراها فى بلادنا فقط»، مشدداً على كونها «أزمة عميقة مرتبطة بالتوترات بين الأصوليين والمشاريع الدينية السياسية». وهى التصريحات التى أثارت جدلًا واسعًا وهجومًا عليه من مؤسسات إسلامية رسمية فى مصر والعالم العربى.