أول جندي رفع العلم المصري على خط بارليف.. من هو البطل محمد العباسي؟

تقارير وحوارات

البطل محمد العباسي
البطل محمد العباسي


لم تكن حرب أكتوبر مجرد معركة وانتهت، لكنها ظلت ذكرى مصرية تدعوا إلى الفخر، وتقف شاهدة على بسالة خير أجناد الأرض، ممن أبوا إلا أن يستردوا كل شبر من أرضهم، وقع فى براثن الاحتلال الإسرائيلى، وأن يلقنوا هؤلاء الصهاينة درسا لن ينسوه أبد الدهر، حتى وإن كلفهم ذلك بذل دمائهم وأرواحهم، فهى رخيصة فى سبيل وطنهم، وفداء لبلدهم.

تلك الحرب التى تشهد بالبطولة للجندى المصرى، تحل ذكراها فى يوم السادس من أكتوبر فى كل عام، لتذكرنا بمشاهد البطولة، والفداء، والشجاعة، والإقدام، التى يتحلى بها الجيش المصرى الذى لا يقهر، وتذكرنا أيضا بهؤلاء الذين تقدموا صفوف القوات المصرية، ضاربين أروع الأمثلة فى البطولة، فاستشهد منهم من استشهد، وجاهد منهم من جاهد حتى أعاد الأرض المحتلة.

ومن بين هؤلاء الأبطال، الذين تقدموا صفوف الجيش المصرى، خلال حرب أكتوبر، الجندى البطل محمد العباسى، أول من رفع العلم المصرى على خط بارليف المنيع، بعد تقدم القوات المصرية، وانتزاع أول قطعة من أراضيها المغتصبة.

من هو محمد العباسي؟

ولد الجندى البطل محمد محمد عبدالسلام العباسى، فى 21 فبراير من عام 1947، فى مدينة القرين، بمحافظة الشرقية، والتحق خلال مراحل تعليمه الأولى بالكُتَّاب، فأتم فيه حفظ القرآن الكريم كاملًا، ثم حصل على الشهادة الابتدائية ثم الشهادة الإعدادية.

عمل البطل محمد العباسى، بالتجارة والزراعة، وقبل إحالته إلى المعاش لبلوغه السن القانونية للتقاعد، كان يعمل كاتبا بالوحدة الصحية فى مدينة القرين، بمحافظة الشرقية.

التحق البطل المصرى محمد العباسى بصفوف الجيش، حين تم تجنيده فى 1 يونيو من عام 1967، أعقب ذلك وقوع نكسة 1967، التى قال عنها إنها نكسة لأن الجندى المصرى لم يلتق مع الجندى الإسرائيلى.

تم تكريمه مرات عدة على جميع المستويات الرسمية والشعبية والمحلية، لدوره العظيم فى حرب أكتوبر، ولشجاعته وبسالته حين رفع العلم المصرى على خط بارليف المنيع، فور عبور المجموعة الأولى من قوات الجيش المصرى، التى كان أحد أفرادها.

عاش البطل محمد العباسى، مع أهله فى مدينة القرين، يحظى بحب الجميع بداية من أهل بيته وأقاربه وجيرانه، وحتى بين أبناء محافظة الشرقية بشكل عام، الذين كانوا يرونه مصدر فخر لهم ببطولته التى ظهر بها فى حرب النصر.

عرف الجندى البطل بين أهل بلدته باسم البطل محمد العباسى، ومحمد أفندى العباسى، وهى الأسماء التى كان يحب أن ينادى هو بها.

وتوفى البطل محمد العباسى يوم 1 يوليو من عام 2019، عن عمر يناهز 73 عاما، وشيع أهالى مدينة القرين جثمانه إلى مقابر أسرته.

بطولات العباسى ورفع العلم

ودائما ما كان يروى العباسى بطولات الجنود المصريين فى حرب أكتوبر المجيدة، فيقول إن الجيش المصرى استرد أرضه المحتلة فى 6 ساعات بفضل الله سبحانه وتعالى، ثم بفضل أسود الجيش المصرى، على اختلاف أسلحتهم، فكل من اشترك بهذه الحرب هو بطل، أعاد الروح إلى مصر.

وأكد العباسى أنهم كانوا ينتظرون يوم العبور لتدمير خط بارليف الذى قالوا عنه إنه لا يقهر، موضحا أنه فى يوم الجمعة، أى قبل المعركة بيوم واحد، جمعهم قائدهم عقب صلاة الجمعة التى القى خطبتها فرد من التوجيه المعنوى، ليقص عليهم كرامات ومنزلة الشهيد، وغزوات الرسول صلى الله عليه وسلم، وأمرهم القائد بالإفطار فى اليوم التالى دون الصيام، لأنهم سيخوضون معركة، لكن عليهم أن يبقوا تلك المعلومات سرا حتى لا تصل إلى العدو.

وأضاف العباسى، أنه تم تكليفهم مجموعاتهم، بحيث تتولى كل مجموعة السيطرة على دشمة من الدشم الحصينة للعدو، البالغ عددها حوالى 33 دشمة ممتدة من السويس إلى بورسعيد، لافتا إلى أن القائد أكد لهم أن توقيت القتال بالنسبة لهم كان الساعة 2 ظهرا، لأنه بعد 5 دقائق ستقوم المدفعية الثقيلة بضرب أهداف العدو، ثم بعد 5 دقائق أخرى سيتولى سلاح الجو العبور، ثم بعد ذلك ستكون هناك ضربة ثانية للمدفعية، وفى هذا التوقيت سيكون المشاة والمهندسين يحملون القوارب لعبور قناة السويس.

وتابع العباسى أن قائدهم قسمهم إلى 3 مجموعات، بحيث تعبر الأولى ثم الثانية، للاشتباك، ولا بد أن تقضى المجموعة الثالثة على العدو، مشيرا إلى أنهم كانوا يحملون أرواحهم على كفوفهم، منتظرين الشهادة، لكن بعد قتال العدو والثأر منهم.

وأشار البطل العباسى إلى أنه كان ضمن أفراد المجموعة الأولى، منوها بأنهم كانوا يتسابقون على حمل العلم، لكن القائد أخبرهم بأنه يجب عليهم العمل أولا ثم يأتى رفع العلم بعد العمل، وبالفعل كتب كل منهم وصيته ووضعها فى طيات ملابسه قبل الحرب، وبعد العبور، تهلل الجنود فرحا بما قدموه، وابتهاجا بسيطرتهم على النقاط الحصينة، فصدر له الأمر من قائده برفع علم مصر.