كيف أنهى اتفاق السلام الصراع في السودان؟

تقارير وحوارات

اتفاق السلام
اتفاق السلام


وقعت الحكومة الانتقالية لجمهورية السودان، والجبهة الثورية، والحركات المسلحة، السبت، على اتفاق جوبا للسلام، الذي يهدف لحل عقود من الصراعات الإقليمية، السودان، والعمل على إنهائها تماما.

اتفاق جوبا ينهى الصراع في السودان
وينص الاتفاق الذي جرى التوقيع عليه، على أن تسلم الحركات المسلحة أسلحتها إلى رئيس اللجنة العسكرية المشتركة لوقف إطلاق النار، بالإضافة إلى دمج مفاتلي تلك الحركات المسلحة في الجيش السوداني.

وبموجب الاتفاق، من المقرر ضم نحو 6 آلاف مقاتل من الحركات المسلحة إلى قوة مشتركة لحفظ الأمن فى إقليم دارفور.

ويعد الاتفاق خطوة نحو تعزيز الأمن والاستقرار، وتحقيق السلام في السودان، الذي عانى لسنوات من الحروب، أدت إلى وفاة مئات الآلاف، وتشريد الملايين، كما يساهم اتفاق السلام فى بناء الدولة بعد الإطاحة بحكم الرئيس السوداني عمر البشير.

كما يساهم الاتفاق في وقف الحرب، واحترام التعدد الديني والثقافي والتمييز الإيجابي لمناطق الحرب، وهى دارفور، والنيل الأزرق، وجنوب كردفان.

وتمتد فترة تنفيذ الآليات التي تضمن تطبيق الاتفاق إلى 39 شهرًا، بدءًا من تاريخ توقيع الاتفاق، تتم خلالها عملية الدمج والتسريح المتعلقة بمقاتلي الحركات المسلحة، مع تشكيل قوات مشتركة من الجيش السوداني والشرطة والدعم السريع لحفظ الأمن في ولاية دارفور، والمنطقتين، تمثل فيها قوات الحركات المسلحة بنسب تصل إلى 30%.

وتشارك الأطراف الموقعة في السلطة الانتقالية بـ3 مقاعد في مجلس السيادة، ليرتفع عدد أعضاء المجلس إلى 14 عضوا، وسيحصل الموقعون أيضا على 5 مقاعد في مجلس الوزراء، إذ إنه من المتوقع رفع عدد الحقائب الوزارية إلى 25 حقيبة، و75 مقعدا في المجلس التشريعي الذي يتوقع تشكيله من 300 عضوا.

ويأمل خلالها السودانيون بالالتزام بجميع التعهدات الموقَّعة، كما يأملون أن يحقق الاتفاق السلام الشامل واستقرار السودان، الذي يشهد منذ نهاية العقد الخامس من القرن الماضي حروبا أهلية حصدت أرواح نحو 4 ملايين شخص، وأجبرت أكثر من 10 ملايين على النزوح الداخلي هربا من الموت أو اللجوء إلى بلدان أخرى بحثا عن الأمان والاستقرار.

رسائل حمدوك بعد توقيع اتفاق جوبا
وقال الدكتور عبد الله حمدوك، رئيس الوزراء السوداني، في سلسلة منشورات عبر صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك": "إننا لم ننجح منذ الاستقلال في إنجاز صيغة تُوائِم بين قضيتي السلام الشامل والتحول الديموقراطي بما يُمهّد الطريق لتحقيق الاستقرار السياسي والتنمية المتوازنة، وتطوير علاقات خارجيّة أفضل مع الجوار والعالم، بفضل ثورة ديسمبر فقد توفرت إمكانية وفرصة لإنجاز هذا الواجب المؤجل.. التحدي الأكبر القادم هو العمل مع كل الشركاء المحليِّين والدُّوليّين بحرص وجِد للتبشير بالاتفاق وما فيه من مكاسب لشعبنا ورعايته وتنزيله لأرض الواقع بما يُحقّق وعد ديسمبر لمواطنينا بمعسكرات النزوح واللجوء، وكُلّ بلادي".

وأضاف حمدوك: "سودان الثورة والتغيير يظل يعمل بكل همة لأن يصبح السلام شاملا ومستداما، وترفرف راياته فوق أرض الوطن.. أصبح الاتفاق ممكنا الآن أكثر من أي وقت مضى في تاريخ بلادنا بتضافر الجهود والعزيمة والإرادة".

وتابع حمدوك: "هذا سلام سوداني مطبوعة عليه هويتنا بتعددنا وتنوع ثقافتنا واختلاف سحناتنا، صنعناه بأيدينا وبجهدنا في السودان مع تعهّد ورعاية كريمة من أشقائنا في جنوب السودان، لهذا هو مصدر فخر وعزة وثمرة علاقة راسخة وقديمة، علاقة النيل والأرض والدم".

وأكد حمدوك: "إن الثورة التي أنجزها الشعب السوداني بمختلف مكوناته وأطيافه بعد صبر ومثابرة، تذكرنا في كل لحظة التزامنا بالمحافظة على مكتسبات السلام والحرية والعدالة التي مُهرت بتضحيات الملايين".

وقال حمدوك: "إن مثل هذا الحضور الإقليمي والدولي عظيم بعظمة السلام وحب السلام، فهذا الاحتفاء ليس صدفة، وهو نتاج تصميم وإصرار لتأسيس مستقبل الأجيال القادمة بأركان التعاون والتعاضد والتسامح والثقة في أننا يمكن أن ننهض ونمضي لنكون نموذجا يحتذى في صناعة السلام والارتقاء بقيمة الحياة.. حفظ الله بلادنا وكل الشعوب المحبة للسلام".

وأوضح حمدوك: "اتفاقنا اليوم ليس معاهدة لاقتسام السلطة والثروة، بل هو صفحة جديدة في نهضة إنسان السودان، واستبدال فواتير الذخيرة والسلاح بمدخلات الإنتاج والتنمية، لينعم كل سوداني وسودانية بلقمة عيش كريمة وتعليم مجاني متطور ومشفى مريح عند الحاجة، وحتى يشعر كل مواطن أن السلام أعطاه حياة كريمة".

ووجه حمدوك رسالة للحركة الشعبية لتحرير السودان، التي تعثرت المفاوضات معها، والتي تطالب بعلمانية الدولة، إضافة إلى حركة تحرير السودان التي رفضت الانضمام لمنبر جوبا، قال فيها: "أكرر رسالتي لرفاقنا في الحركة الشعبية لتحرير السودان بقيادة القائد عبدالعزيز الحلو، وحركة تحرير السودان بقيادة الأستاذ عبد الواحد نور، ما زلنا في انتظاركم، يجب أن تنضموا لهذا السلام وسنعمل بكل الجد للتوصل لاتفاق وطني شامل يضمن استكمال خطوات السلام والوصول للاستقرار".

وأردف حمدوك: "هذا السلام الذي نضع لبناته الأولى الآن هو سلام الناس، سلام المستقبل، سلام سودان ثورة الحرية والسلام والعدالة، وهو ما سيمهد الطريق لاسترداد ما سُلب من حقوق مستحقة، والسلام والتحية والتجلة أولا وأخيرا للشهداء في كل الحقب".