"ماكرون" للبنانيين: أعدكم بأن لا أتخلى عنكم أبداً

عربي ودولي

بوابة الفجر


يخوض الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، رهاناً صعباً في بيروت، الثلاثاء، في إطار مساعيه للضغط على الطبقة السياسية لتشكيل "حكومة بمهمة محددة" سريعاً وإجراء إصلاحات من شأنها أن تهدئ غضب اللبنانيين الذين فاقم انفجار المرفأ المروع نقمتهم على السلطات.

وينطلق ماكرون الذي يزور بيروت للمرة الثانية في أقل من شهر، من أن مساعيه تعد "الفرصة الأخيرة" لإنقاذ النظام السياسي والاقتصادي المتداعي في لبنان الذي استبق وصوله بتكليف مصطفى أديب تشكيل حكومة جديدة.

ويحفل برنامج عمل ماكرون الطويل الثلاثاء بلقاءات سياسية مهمة أبرزها مع رئيس الدولة، وممثلي القوى السياسية الرئيسية، وأخرى ذات طابع رمزي، مع إحياء لبنان المئوية الأولى لتأسيسه، بدأها بغرس شجرة أرز في محمية جاج، شمال بيروت.

واستبق ماكرون نقاشاته مع القادة السياسيين بالقول: "موقفي هو دائماً ذاته، المطالبة دون التدخل"، بعدما كرر دعوة المسؤولين الى تشكيل "حكومة بمهمة محددة في أسرع وقت".

ورداً على سؤال عن تكليف أديب، الأكاديمي والدبلوماسي، قال ماكرون: "ليس لي أن أوافق عليه أو أن أبارك اختياره".

وأديب سفير لبنان في برلين، وهو شخصية غير معروفة من اللبنانيين قبل اختياره بناءً على توافق بين القوى السياسية الكبرى، أبرزها تيار المستقبل بزعامة سعد الحريري، وحزب الله، والرئيس ميشال عون.

ويسعى ماكرون الذي يعلم أن رهانه في لبنان "محفوف بالمخاطر" إلى إنجاز مهمته والحصول على نتائج سريعة للحفاظ على مصداقيته أمام المجتمع الدولي، بإصراره على "إصلاحات أساسية" للحدّ من الفساد المستشري في قطاعات عدة أبرزها الكهرباء، والمرفأ، والحسابات المالية.

ويشترط المجتمع الدولي على لبنان تنفيذ هذه الإصلاحات لتقديم الدعم المالي له.

وفي خطوة ذات توقيت لافت، وقّع وزير المالية في حكومة تصريف الأعمال غازي وزني الثلاثاء مع ثلاث شركات أجنبية، عقوداً لـ"التدقيق الجنائي والمالي" في الحسابات المالية، وهو ما طالب به ماكرون مراراً.

ومن المفترض، حسب مسؤولين لبنانيين، أن ينسحب التدقيق لاحقاً على مؤسسات رسمية أخرى، تنفيذاً لطلب صندوق النقد الدولي.

وجدد ماكرون الإثنين التحذير قائلاً: "إذا لم نفعل ذلك سينهار الاقتصاد اللبناني.. وسيكون الشعب اللبناني الضحية الوحيدة".

ويكتسب لقاء ماكرون مساء الثلاثاء مع ممثلي تسعة قوى سياسية بارزة بينها حزب الله، القوة العسكرية والسياسية الأبرز المدعومة من إيران، أهمية كبرى.

ويدافع ماكرون عن استراتيجيته، برغبته في "التحدّث الى جميع الأطراف"، ومن بينها حزب الله، "القوة السياسية الممثلة في البرلمان"، بموازاة تأكيده أنه "لا يوافق" على جزء من "المشروع" السياسي للحزب الذي تعتبره واشنطن منظمة "إرهابية" وتتهمه بعرقلة الاصلاحات.

وفي تصريحات لموقع "بوليتيكو" الأميركي على الطائرة التي أقلته إلى بيروت، قال ماكرون رداً على مواجهة حزب الله: "لا تطلبوا من فرنسا أن تشن حرباً على قوة سياسية لبنانية"، معتبراً أن ذلك "سيكون عبثياً ومجنوناً".

وعقد ماكرون لقاء مماثلاً مع القوى السياسية في زيارته الأولى لبيروت في 6 أغسطس بعد يومين من انفجار المرفأ، أعقبه بدعوة المسؤولين إلى وضع "ميثاق سياسي جديد" وإلى "تغيير حقيقي".

ويعتبر ماكرون أن مساعيه في لبنان هي "الفرصة الأخيرة لهذا النظام". وقال: "أضع الشيء الوحيد الذي أملكه على الطاولة وهو رأسمالي السياسي"، وفق بوليتيكو.

وجاء التوافق على أديب الإثنين ثمرة اتفاق سياسي استبق وصول ماكرون إلى بيروت.

لكن تكليفه لا يعني أن تشكيل الحكومة سيكون سهلاً، في مهمة غالباً ما تتطلب أسابيع أو حتى أشهر.

ولا يُعلم إذا كان وضع لبنان تحت المجهر الفرنسي وتداعيات الانهيار الاقتصادي المتسارع الذي فاقمه الانفجار، سيسرّع مساعي التأليف.

وبدأ ماكرون نشاطه الثلاثاء من محمية أرز جاج، أين زرع بمناسبة الذكرى المئوية لإعلان دولة لبنان الكبير، شجرة أرز يرافقه 12 تلميذاً من كورال مدرسة الكرمل، تزامناً مع تحليق سرب جوي فرنسي نثر ألوان العلم اللبناني في الأجواء.

وتُعد زيارة ماكرون إلى المحمية، وفق بيان للإليزيه "مؤشر على الثقة في مستقبل لبنان الذي يأمل أن يشهده رئيس الجمهورية".

ومن جاج، انتقل ماكرون على متن مروحية إلى مرفأ بيروت لمعاينة إفراغ أكثر من 2500 طن من المساعدات العاجلة التي أرسلتها بلاده ومنظمات على متن باخرتين.

ويلتقي ماكرون ظهراً نظيره اللبناني على مائدة غداء.

واستهل ماكرون زيارته الإثنين بزيارة الفنانة فيروز، التي تعد رمزاً لوحدة اللبنانيين في منزلها قرب بيروت، حيث كان عشرات اللبنانيين في إنتظاره ورددوا هتافات عدة، رد عليها ماكرون بالقول: "أعدكم بأني لن أتخلى عنكم أبداً".

وأضاف "أتعهّد لكم.. ببذل قصارى جهدي لضمان تنفيذ الإصلاحات، ولتعافي لبنان".