رامى المتولى يكتب: جمجوم وبم بم التحرش وقبول الآخر بتوليفة كوميدية

مقالات الرأي



الإضحاك والتسلية + نقد اجتماعى يواكب العصر

هل يمكن القول إنه بشكل غير مباشر دعم فيروس كوفيد 19 المنصات الإلكترونية بسبب إجراءات العزل المنزلى والتباعد الاجتماعى والتى جعلت رصيد أهمية هذه المنصات يزيد عند المشاهد، المؤكد أن الفيروس كان وسيلة جيدة للدعاية والانتشار، لكن من قبله كانت المنصات قد تأسست العلاقة بينها وبين الجمهور وفرضت نفسها كوسيط، ومع المد العالمى فى استخدام هذا الوسيط بدأت منصات عالمية كبرى تتوجه للمنطقة العربية بمكتباتها الضخمة، وبدأ تأسيس منصات جديدة فى المنطقة وأخرى مؤسسة بالفعل تطور من إمكانياتها، ومع نظام العرض الراسخ فى المنطقة المعتمد على ظهور المسلسل مقسم لـ 30 حلقة أيا كانت طبيعته يتنافس أفضلها فى العرض خلال شهر رمضان، وخارج موسم رمضان هناك مسلسلات عدد حلقاتها أطول، وكلاهما يجد طريقه للعرض فى المنصات بعد عرضها على التليفزيون بالشكل المقرر.

لكن الآن الوضع مختلف، وتحولت المنصات فى المنطقة لمواكبة العالم، فلم تعد فقط المكان الذى يهرب إليه المشاهد لتفادى طول المدة الإعلانية، بل تحولت لأن يكون هناك أعمال منتجة لها خصيصًا تجد مساحتها الزمنية المناسبة فى العرض على المنصة قبل أن تنتقل على التليفزيون، أى أن دورة العرض تغير اتجاهها، كما حدث مع مسلسل «مملكة أبليس» الموسم الأول الذى بدأ عرضه تليفزيونيًا منذ أيام قبل أن تُطرح حلقات الموسم كاملة عبر منصة «شاهد»، نفس الشيء مع منصة Watch It التى منحت مشاهديها وسيلة عرض أفضل للمسلسلات فى رمضان بدون إعلانات، وبدأت منذ أيام فى عرض أول مسلسلاتها الأصلية «شديد الخطورة» وهى خطوة مهمة جدًا لصناعة المسلسلات فى مصر، فما بين ما تنتجه الشركة المتحدة المالكة لمنصة Watch It من مسلسلات تناسب العرض التليفزيونى بشكلها المعتاد فتحت لنفسها مجالا موازيا لإنتاج مسلسلات تتناسب مع طبيعة المنصات وجمهورها الذى يتكون معظمه من الشباب سواء فى اختيار نجومها أحمد العوضى وريم مصطفى أو طبيعة ونوع المسلسل هو الحركة عن القرصنة الإلكترونية.

التحول الظاهر فى طبيعة ما تتناوله المنصات هو اتجاه ربما أفضل مثل عرض المسلسلين اللذين كانا من المقرر عرضهما فى موسم رمضان 2020 بواقع 15 حلقة لكل منهما لكن تم التراجع عن القرار رغم جاهزية المسلسلين ليذهبا إلى المنصة الالكترونية التى تعرض حلقاتهما فى إجازات نهاية الأسبوع بواقع 3 حلقات، المسلسلان هما «ليه لأ؟» و«جمجوم وبم بم»، ومع انتهاء عرض الأول وبداية عرض الثانى وضح للجميع عدم ملاءمة المسلسلين للعرض عبر التليفزيون ومناسبتهما أكثر للمنصات.

مسلسل «جمجوم وبم بم» ينتمى لنوعية الكوميديا والظواهر الخارقة ويعتمد على محاكاة أعمال شهيرة أو تفاصيل منها بخلاف السخرية طوال الوقت من عناصر الثقافة الشعبية بشكل يبدو وكأنها كوميديا صارخة تعتمد على الإفيهات المتتالية بغرض الاضحاك، لكن ما يبدو ظاهريًا أنه مستهلك وامتداد لشكل المسلسلات الكوميدية فى الفترة الأخيرة التى تعتمد على وجود بطل أو أكثر مع عدد كبير من ضيوف الشرف وموضوع يتغير كل حلقة أو حلقتين، وهو القالب الذى تم ابتذاله كثيرًا لدرجة أنه اصبح سخيفًا لا يمثل أى نوع من الكوميديا، إلا أن «جمجوم وبم بم» يمكن اعتباره هو النموذج الأفضل حتى الآن فى تطبيقه لهذا القالب.

فالمسلسل لا يكتفى فقط بالتعامل مع الأفكار بشكل كوميدى يهدف الاضحاك والتسلية، بل يتخطى ذلك للنقد الاجتماعى وذلك من خلال طرح القضايا التى يشتبك معها الجميع يوميًا بشكل غير مباشر، وعليه فصناع العمل بداية من المخرج إسلام خيرى ومؤلفه مصطفى صقر ومعه كريم يوسف ومحمد عز الدين وإبراهيم خطاب، ضمنوا قضايا مثل التحرش وقبول الآخر ضمن احداث أول حلقتين من المسلسل، واستغلوا رموزا شهيرة فى الثقافة الشعبية الحديثة والقديمة مثل شخصية إخلاص (ميرنا جميل) التى تتماس بشكل واحد مع سوسن (أثار الحكيم) من فيلم «بطل من ورق» وشخصية جمجوم (محمد عبد الرحمن) الذى تشبه ملابسه ومهنته التحول الذى طرأ على شخصية مستطاع (أحمد زكى) فى فيلم البيضة والحجر.

ضيوف الشرف أيضًا استغلالهم أكثر من جيد فمن ياسر الطوبجى الذى قدم شخصية قرين الشبح الذى يرتدى ملاءة ولم يظهر بوجهه وهو ما حمل ياسر مهمة التعبير بصوته فقط مطالبًا بأداء كوميدى نجح فى تنفيذه أو مؤنس مدرس اللغة العربية الذى قدمه أحمد السعدنى والذى تم تقديمه بصورة مبالغة لمدرس اللغة العربية ونجح هو الآخر فى ذلك فى أداء صعوبته تمثل فى نطقه للغة العربية لتخرج الكوميديا من هذه المنطقة.