هدم معابد ومنع شعائر.. فصول حزينة من الإضهاد الديني التركي للأزيديين في عفرين
لم يكن تحويل متحف آيا صوفيا هو أول إعتداء ديني من الأتراك ضد الحرية الدينية لباقي الأقليات غير المسلمة، بل مارس نظام أردوغان إضطهاد ديني منظم ضد الأزيديين في عفرين.
الإضطهاد الديني للأزيديين
وكشف علي عيسو، رئيس منظمة أزيدينيا المعنية بحقوق الأزيديين في سوريا، أن معظم المزارات الدينية الايزيدية تمت إما تدميرها بشكل متعمد من قبل مسلحي الجيش الحر والجيش التركي، أو سرقتها وتخريبها بشكل متعمد، ويتجاوز عدد المزارات الايزيدية في عفرين عن 17 مزار ومرقد ديني.
واكد عيسو لـ"الفجر"، أنه في شهر مارس 2018، ظهر في شريط مصور مجموعة من مسلحي الجيش الحر وهم يحرقون شجرة في قرية كفرجنة تقع أمام مزار ديني مقدس يدعى (مزار هوكر)، وقام المسلحون بالاستهزاء بالشجرة وبالتقاليد الدينية المتبعة تجاه هذا المزار.
وأضاف رئيس منظمة أزيدينيا، أنه في شريط مصور آخر، يظهر فيه مزار شيخ جنيد في قرية فقيرا وهو مدمر من الداخل، حيث قام المتشددون بنبش القبر وسرقته.
خطاب كراهية ضد الايزيديين
يتعمد المحتلون في عفرين إلى إهانة الايزيديين ووصفهم بأبشع الصفات، ففي شريط مصور ظهرت مجموعة عسكرية تتحدث بعد سيطرتها على قرية قسطل جندو الإيزيدية، أنها أمام "المحال التجارية للخنازير"، في إشارة منها إلى المحال التجارية للإيزيديين، حيث يرى هؤلاء المسلحون جميع الايزيديين "كفارًا" وبذلك تشترك هذه الفصائل مع داعش بذات الأيديولوجية التي تكفر الآخرن بحسب عيسو
سقوط عفرين بداية الأزمة
بينما كشف بيير شامو رجل الدين الأزيدي ومعلم الديانة الأزيدية في عفرين، أن معظم المزارات الدينية الايزيدية إما دمرت بشكل متعمد من قبل المسلحين، أو تم سرقتها وتخريبها بعد دخول الجيش التركي للمدينة
واكد شامو لـ"الفجر"، أنه بدأت أزمة الأزيديين منذ عام 2011 مع الازمة السورية وكان للايزيديين نصيبًا أعظم كونهم أقلية دينية مسالمة وغير معترف بها من قبل الاسلاميين، مشيرًا إلى أنه عندما اشتعلت الحرب بحلب وريفها نزح الايزيديون الى عفرين وريفها وتابعوا حياتهم بهدوء وفتحوا مدارسهم الدينية بقراهم وأنشأوا اتحاد الايزيديين لأكثر من اربع سنوات بدون قيود دينية ولا إجتماعية بعد اضطهاد وظلم واقصاء مرير، وذلك حتى دخول الجيش التركي إلى المدينة.
الإتحاد الأزيدي
وأضاف رجل الدين الأزيدي ومعلم الديانة الأزيدية في عفرين، ان أول ضحايا الحرب التركية على عفرين، هو الاتحاد الايزيدي الذي دمرته الطائرات عن طريق القصف، وكان يضم هيكلا لكل من النبي زارادشت ولالش، ومكتبة للارشيف، ومقرا لاتحاد المرأة الايزيدية، ومقرا للإعلام، ولم يبقوا فيه حجر على حجر، بحسب شامو.
وعدد معلم الديانة الأزيدية، عشرات المزارات والاماكن المقدسة التي تعرضت للتدمير ومنهم على سبيل المثال، زيارة بارسة خاتون، زيارة شيخ حميد، زيارة حنان، زيارة شيخ جنيد حفروا قبره، زيارة شيخ كراس.
تل عين دارا وجبل ليلون
وبين شامو، أنه من أهم المزارات التي دمرت هو معبد أو تل عين دارا المعروف عند علماء الاثار بغناه الأثري، والمشرف على نهر عفرين التابع لقرية عندارا، حيث سحقته فصائل الجيش الحر بالقصف وبعدها نهبوا كنوزه واثاره، موضحًا أن تل عندارة فيه معبد شمساني وفيه احجار اثرية ضخمة تعود للعصر الحجري عليها صور ونقوشات ورموز اشارات الى ديانتهم القديمة ويعتبر من ابداعات الأزيديين الهندسية.
واستكمل رجل الدين الأزيدي، أنه يحاذي معبد تل عندارا ( جبل ليلون ) المليئ بالمعابد والاثار التي تعود اغلبها للاف السنين قبل الميلاد، ويضم كهوف قديمة وأماكن عبادة الاباء الاولين واغلبها تعود للازمنة الغابرة وتثبت أقدمية الديانة الأزيدية، ويجاورها عدد كبير من المشاهد الاثرية الدينية على ذلك الجبل والتي تحتوي على الكثير من الرموز الدينية المقدسة مثل الشمس، الحية السوداء، وطير الطاووس.
زيارة جبل شيخ بركات
ويليه في الأهمية ويعتبر أكبر معبد تم تدميره هو موقع زيارة شيخ بركات اعلى قمة في جبل ليلون وكان سابقا بيد النظام السوري واحتلته الكتائب المعارضة للنظام وبعد احتلال عفرين من قبل تركيا والكتائب المسلحة الاسلامية حولوه لنقطة للمراقبة التركية ووسعوها الى ان وضعوا فيها الاياتهم العسكرية الضخمة، مشيرًا إلى أن اهميته الدينية تكمن في كونه قلعة دينية بالاساس وموقع جغرافي هام، كما يضم داخل كهفه قبر الشيخ بركات المسمى بهذا الاسم لقوة كراماته، وهو رجل دين من اسرة الشيخ عدي بن مسافر القطب المؤسس للحركة العدوية الايزيدية، ارسلوه من مركز الأزيدية في لالش الى هذا الجبل لنشر الدعوة العدوية الايزيدية والقرى التي حول هذه الزيارة يعترفون بكرامات هذا الشيخ الجليل، حسبما قال شامو.
قطع الأشجار المقدسة
وأردف شامو، أن المتشددون لم يكتفوا بهدم المعابد والمزارات بل استخفوا بعقائد الأزيديين وقطعوا أشجارهم المقدسة، مثل تلك الشجرة المقدسة الموجودة امام زيارة ( شيخ كراس)، وكان الايزيديون ينظرون اليها نظرة خشوع ويرون فيها روح الشيخ نفسه بسبب اعتقاد تلبس الروح اوتناسخ. الأرواح، وكرر المسلحين الراديكالين المسلمين مثل هذا الإنتهاك عند الشجرة الموجودة أمام زيارة (هوكر) احد ابناء النبي زارادشت، المعروفة تاريخيا في وادي قرة جرنة، وتم حرقها على أنغام الموسيقي والتوزيع. بالاستهتار بالايزيديين وديانتهم.
فرض التقاليد الإسلامية على الأزيديين
"فرضوا علينا الإسلام فرضًا" بتلك الكلمات وصف سليمان جعفر عضو البيت الايزيدي في حلب القمع الديني الذي مارسته تركيا على الأزيديين بعفرين، مبينًا أن اول مافعله التكفيريين بعد تدمير كل المزارات الإيزيدية، وحفرها بحثًا عن المعادن الثمينة او الكتب والتراث المخبأ في ثناياها، أنهم فرضوا على الايزيديين الذين يعيشون في إثنان وعشرون قرية قيودًا يرغم بموجبها الفتيات والنساء الايزيديات من ارتداء لباسهم التقليدي بل فرضوا عليهن ارتداء اللباس الاسود الكامل.
وبين عضو البيت الايزيدي في حلب، أن أبشع القيود هي الإجبار على إعتناق الإسلام افتتحوا في قرية إيزيدية مسجد ومدرسة لتعليم الديانة الاسلامية، وكل من يمتنع عن ارسال ابنائهم الى المدرسة الاسلامية او الامتناع عن الذهاب الى المسجد يتعرض للعقاب، وقامت بتحويل عدة منازل للايزيديين لمساجد إسلامية، وتقوم بالآذان من على هذه المنازل داخل قرى الايزيديين، حيث قرى عديدة كانت خالية من المساجد قبل الاحتلال نظرًا لان سكانها كان من الايزيديين فقط.
أوقف المسلحون الإحتفال بكل المناسبات الدينية، وابرز الاعياد التي كان يحتفل بها في عفرين هو عيد الأربعاء الأحمر( وهو في نفس الوقت عيد رأس السنة الإيزيدية، كان يقام بشكل علني وكبير بجمع معظم القرى الايزيدية ويقام فيه تراتيل الدينية قد انتهى من الوجود، ومنعوا اعطاء الدروس الدينية الايزيدية، حسبما قال جعفر.
وأشار عضو البيت الايزيدي في حلب، أن الإحتلال التركي ألغى كل ما يتعلق بالأزيدية حيث ألغت الديانة الايزيدية وكتبهم التدريسية اختفت مراسيم الطقوس الدينية الايزيدية حتى بشكل سري تاج وحلة
وكشف تقرير لمؤسسة أزيدينيا، عن تحويل منازل للايزيديين لمساجد إسلامية، وتقوم بالآذان من على هذه المنازل داخل قرى الايزيديين، حيث قرى عديدة كانت خالية من المساجد قبل الاحتلال نظرًا لان سكانها كان من الايزيديين فقط.
كما أن المتطرفون يقومون بالاستهزاء من الايزيديين ووصفهم بعبدة الشيطان وعليه يقومون بإجبار أطفال الايزيديين على الصلاة واعتناق الدين الإسلامي.
رد مجالس عفرين
"بينما عقب أراد عثمان عضو المجالس المحلية بعفرين وهي المجالس التي عينتها تركيا بعد دخولها المدينة، ورئيس مكتب رابطة المثقفين الكرد المستقلين بعفرين، [ان الزيديين يمارسون طقوسهم الدينية في منازلهم بحرية"، بتلك الكلمات وصف الأحوال الدينية للأزيديين، مبينًا أنهم والعلويين خرجوا من عفرين مع قوات حماية الشعب الإنفصالية، وما تبقى هي أعداد قليلة.
ونفى عثمان لـ"الفجر"، وجد دور عبادة كبيرة للأزيديين في عفرين منذ عشرات السنوات، مشيرًا إلى أن قوات الجيش الحر كانت حريصة بعدم الإعتداء على أي دور عبادة، ولكنهم لم يجدوا سوى كنيسة لمعتنقي المسيحية حديثًا بعفرين، ولذلك فالأزيديين يمارسون طقوسهم بالمنازل.
