"أداما تراوري".. فلويد فرنسا الذي إهتزت باريس بهتافات إعادة حقه

عربي ودولي

بوابة الفجر


لم يكن فلويد هو الأفريقي الوحيد الذي أحيت حادثة وفاته ضمائر العالم والهبت عبارات المتظاهرين في أنحاء العالم، ولكنه نفض الغبار عن ابطال آخرين تسببت وحشية الشرطة في إنهاء وجودهم، ومن هؤلاء تراوري، ذلك الشاب الأفريقي الذي توفي من تعذيب الشرطة الفرنسية له، وأحيا فلويد ذكراه فجعل صورته تتصدر مانشيت الصفحة الاولى للصحف الفرنسية، ولافتات المتظاهرين.

*أصول تراوري
يعتبر "تراوري" أحد الفرنسيون الأفارقة، وهم الفرنسيون ذوي البشرة السوداء والذين ينحدر أصلهم من أفريقيا ومنطقة الكاريبي ويبلغ تعدادهم من 1.5 - 3.0 مليون نسمة وينتشرون بالمدن الكبيرة في فرنسا مثل باريس وليون ومرسيلية ويعتنقون الإسلام والمسيحية ومنهم لا دينيين، وهو أحد المسلمين الفرنسيين، حيث يقدر عدد معتنقي الإسلام فيها بنحو 254 ألف مسلم.

تعود أصول تراوري إلي مدينة تمبكتو في مالي، وهي التي تكني بجوهرة الغرب الأفريقي، وتعتبر اهم المدن الإسلامية في غرب أفريقيا وعاصمة العديد من الدول الإسلامية التي قامت هناك، وهي نفسها المدينة التي عانت ويلات الحرب بين الحكومة في مالي وجبهة تحرير ازاود وبعض الفصائل الارهابية والتي تدخلت فيها فرنسا عسكريا لتزيد من دموية الصراع هناك.

*حياة تراوري
وولد امادا ما في ١٩ يوليو ١٩٩٢، في ضاحية بومونت سور واز في باريس وهي الضاحية التي تعتبر معقل الأفارقة في عاصمة النور، لابوين مهاجرين، وتوفي والده عام ١٩٩٩، وأداما طفلا لم يتجاوز عمره السبع سنوات، استكمل الحياة في كنف أشقائه.

*الساعات الأخيرة
كانت اللحظة الأبرز في حياة تراوري هي الساعات الأخيرة في حياته، عندما قرر تراوري واخوه باغي بالتجول في ضاحية بومونت سور واز في باريس التي نشأ بها، وحينها داهمت الشرطة أخيه لأنه كان مطلوبا في قضية اختلاس اموال، وحينما رأي رجال الدرك فر هاربا لعدم وجود بطاقة هوية معه، فلاحقه الجنود ثم نقلوه إلي ثكنة تابعة للشرطة في مدينة برسان القريبة، وتوفي بعد نقله لمقر التوقيف بساعتين، وهناك روايات تقول ان الوفاة حدثت نتيجة لإلقاء رجال الشرطة باجسامهم عليه مما أدي لاختناقه.

*التحقيق في وفاته
فتحت عائلة تراوري تحقيق في وفاته، حيث ارجعت وفاته إلي ظروف توقيفه واعتقاله، بينما تنصلت الشرطة من المسؤولية بدعوي أن الشاب كان مريض بالقلب، وناصرها وكيل الجمهورية في مدينة بونت واز الذي دافع عن الشرطة ورأى انها لم ترتكب أخطاء.

تغيرت مجريات التحقيق بعد أن اجري مجموعة من الخبراء تحقيق جديد، اظهر ان جثة تراوري بها أعراض اختناق، مما أدي إلي تغيير المحققين وتكليف قضاة باريسون بالقضية، لينتهي التحقيق بنتجتين الأولي ظهرت في ٣يوليو ٢٠١٦، أثبتت فرضية الموت بالاختناق دون أن تشير إلي مسؤولية الشرطة في ذلك، وفي سبتمبر عام ٢٠١٦ صدر قرار مضاد له ربط موته باصابته بمرض القلب.

تحول التظاهرات المنددة بوفاة فلويد في فرنسا إلى مظاهرات لإسترجاع حق تراوري المسلوب، ورفعت صورته في كبرى ميادين باريس، والتي رفع شعارات مثل "حياة ذوي الأصول الأفريقية لها قيمة" و"بلاك لايفز ماتر"، "آي كانت براث" (لا أستطيع التنفس)، "العدالة لآداما"، والتي حدث بها مواجهات وتراشق بالحجارة مع الشرط.

بينما نظمت مسيرة خاصة إنضم لها الآلاف أمام قصر العدالة في باريس قادتها آسا تراوري، وهى شقيقة آداما والناطقة باسم لجنة "الحقيقة لآداما"، واتهمها بعض الأطراف السياسية والأمنية باستغلال "قضية فلويد" التى تلقت صدى عالميا واسعا لأغراض ذاتية، مما أدى لفتح تحقيق جديد بشأن الشاب المالي أمادا تراوري، ولكن لا تزال أسرته تنتظر ذلك اليوم.