"صدفة عمرها 700 عام" وراء ظهور مدفع رمضان

أخبار مصر

بوابة الفجر


"مدفع رمضان اضرب" هذه العبارة التي اعتدنا سماعها عبر أثير الإذاعة ثم يعقبها دوي مدفع هادر ثم ينطلق الآذان معلنًا انتهاء نهار يوم من أيام رمضان مبارك، وانطلاق المدفع لإعلان الإفطار يكاد يكون عادة مصرية خالصة، ولها تاريخ يرجع لـ 700 عام مضت. 

الصدفة 
قال الدكتور عبد الرحيم ريحان، مدير عام البحوث والدراسات الأثرية بجنوب سيناء، إن مدفع رمضان وشهرته في القاهرة له قصة لعبت فيها المصادفة دور البطولة. 

وتابع، أحد سلاطين مصر في العصر المملوكي وكان يقال له:خوشقدم" تلقى مدفعًا هدية من صاحب مصنع ألماني، وتحديدًا في عام 859 هـ 1455م، وأمر بتجربته، وبالفعل تم تجهيز المدفع وأمر الطوبجي بالإطلاق. 

وسمع أهل القاهرة طلقة المدفع المدوية، وكان الإطلاق في مغرب أول أيام شهر رمضان المبارك لهذا العام، وظن أهل المدينة أن ذلك إيذانًا لهم بالإفطار. 

وفي ثاني أيام رمضان توجه مشايخ الحارات والطوائف إلي بيت "خوشقدم" لشكره على هديته، واعجب الوالي بفرحة الناس، إعجاب كبير، وأمر أن يتم إطلاق المدفع عند غروب شمس كل يوم من أيام رمضان المبارك واستمرت العادة إلى يومنا هذا. 

الحاجة فاطمة
ومن ناحيته قال الدكتور على أحمد أستاذ الآثار الإسلامية بجامعة القاهرة، إنه في عام 859 هـ 1455م، أن السب في استمرار إطلاق المدفع بعد تجربته الأولى هو زوجة خوشقدم الحاجة فاطمة ولذلك حكاية أخرى. 

ويكمل أحمد قائلًا "الجنود بعد أن قاموا بتجربة المدفع الجديد وقت غروب الشمس، ظن المصريون أن السلطان استحدث هذا التقليد الجديد لإعلام الناس بدخول وقت الإفطار". 

ولما توقف المدفع عن الإطلاق، ذهب العلماء والأعيان للقاء السلطان وطلبوا أن يستمر الدفع بالعمل، ولم يكن السلطان متواجدًا والتقت بهم زوجته الحاجة فاطمة. 

وأبلغت فاطمة الطلب للسلطان، ووافق عليه، فقام بعض الأهالي بتسمية المدفع على اسم زوجة السلطان "الحاجة فاطمة" ولازال اللقب لصيقًا بالمدفع، حيث يطلق فريق المدفع المسؤولون عن تجهيزه حاليًا نفس الاسم". 

مدفع محمد علي باشا 
اشترى محمد علي باشا مدافع حديثة، وفي أحد أيام رمضان توافق إطلاق أحد المدافع للتجربة مع غروب الشمس وآذان المغرب، واعتقد الصائمون أن هذا تقليدًا جديدًا، وسألوا الحاكم أن يستمر التقليد خلال الشهر الكريم عند الإفطار والسحور فوافق الباشا، ثم صار الإطلاق بالذخيرة الحية مرتين يوميًا. 

المدفع بالذخيرة الحية
واستمر المدفع يعمل بالذخيرة الحية حتى 1859م، ومع امتداد العمران قرب القلعة، بدأ العمل ذخيرة فشنك، ثم تم نقل المدفع إلى نقطة الإطفاء بمنطقة الدرَّاسة ثم نُقل مرة أخرى إلى مدينة البعوث بعد شكوى الأهالي. 

وكان في القاهرة 6 مدافع موزعة بعدة مواقع وكانت تطلق في وقت واحد حتى يسمعها كل سكان المحروسة وكانت هذه المدافع تخرج فى صباح أول يوم من رمضان فى سيارات المطافئ لتوضع بأماكنها المعروفة. 

ولم تكن هذه المدافع تخرج إلا في خمس مناسبات، وهى رمضان، والمولد النبوى وعيد الأضحى، ورأس السنة الهجرية، وعيد الثورة، وكان خروجها يتم فى احتفال كبير حيث تحملها السيارات ذات الخيول. 

وتوقف إطلاق المدفع فى بعض الأعوام بسبب الحروب مما أدى إلى إهمال عملها عام 1983م عندما صدر قرار وزير الداخلية المصرى بإعادة إطلاق المدفع مرة أخرى من فوق قلعة صلاح الدين الأثرية جنوب القاهرة، ولكن استمرار شكوى الأثريين من تدهور حال القلعة وتأثر أحجارها بسبب الصوت أدى لنقله من مكانه. 

ويستقر المدفع حاليًا فوق المقطم ونصبت مدافع أخرى بمحافظات مصر، ويقوم على خدمة المدفع 4 أفراد، ويطلق مرتين يوميًا لحظة الإفطار ولحظة الإمساك.