البيض رمز الحياة والبصل قاهر الموت.. أسرار شم النسيم عند الفراعنة

أخبار مصر

أرشيفية
أرشيفية


اعتاد المصريون على عدة أكلات في أعياد شم النسيم وقد ورثوها عن أجدادهم قدماء المصريين، حيث أن عيد شم النسيم، هو عيد مصري قديم عمره 4700 عام، ونكشف عن أسرار هذه الأكلات وسبب تعلق المصريين بها عبر التقرير التالي. 

تلوين البيض بديل للكتابة بالهيروغليفية 
قال مجدي شاكر كبير أثريين، إن  تلوين البيض هو تطور عن أو بديل سهل للكتابة بالحروف الهيروغليفية، التي هي صور تجريدية لأدوات وحيوانات وظواهر طبيعية كان المصريون من أتباع المعبود "بتــــــــاح" يتقربون إليه بكتابة صلواتهم وأدعيتهم على البيض يوم بداية الخلق. 

واكتفى الناس بتلوين البيض بدلًا من الكتابة عليه، ثم قلدتهم شعوب الدنيا في ذلك، أما البيض الملون فهو وافد من اليونانيون الذين شكلوا جالية كبيرة أقامت في مصر من عصر الدولة الحديثة حيث اعتادوا في عيد الربيع الخاص بهم ربط شرائط ملونة على البيض. 

شم النسيم وعلاقته بالبصل "قاهر الموت"
وتابع، ظهر البصل ضمن أطعمة العيد التقليدية أيام الأسرة السادسة، وارتبط ظهوره -كما ورد في إحدى برديات أساطير منف القديمة- بأحد ملوك قدماء المصريين الذي كان له طفل وحيد أصيب بمرض غامض أقعده عن الحركة لعدة سنوات وعجز الأطباء والكهنة في معبد منف عن علاجه.

ولجأ الملك إلى الكاهن الأكبر لمعبد "أون" إله الشمس، وفق البردية المصرية القديمة، والذي أرجع سبب مرض الابن إلى سيطرة الأرواح الشريرة عليه وأمر بوضع ثمرة ناضجة من البصل تحت رأس الأمير بعد أن قرأ عليها بعض التعاويذ. 

كما علق على السرير وأبواب الغرف بالقصر، أعواد البصل الأخضر لطرد الارواح الشريرة، وعند شروق الشمس قام بشق ثمرة البصل ووضع عصيرها في أنف الأمير الذي شفي تدريجيا من مرضه. 

ومنذ ذلك الوقت اعتبره الملوك في مصر القديمة من النباتات المقدسة، وقد ارتبط عندهم بإرادة الحياة وقهر الموت والتغلب على المرض، فكانوا يعلقون البصل في المنازل وعلى الشرفات، كما كانوا يعلقونه حول رقابهم، ويضعونه تحت الوسائد، وما زالت تلك العادة منتشرة بين كثير من المصريين حتى اليوم.

الخس والخصوبة
وأشار شاكر إلى أن الخَسُّ كان من النباتات المفضلة في ذلك اليوم عند قدماء المصريين، وقد عُرِف منذ عصر الأسرة الرابعة، وكان يُسَمَّى بالهيروغليفية "عب"، واعتبره المصريون القدماء من النباتات المقدسة، فنقشوا صورته تحت أقدام إله التناسل عندهم آمون مين. 

ولفت ذلك أنظار بعض علماء السويد -في العصر الحديث- فقاموا بإجراء التجارب والدراسات على نبات الخس، وكشفت تلك البحوث والدراسات عن حقيقة عجيبة، فقد ثبت لهم أن ثمة علاقة وثيقة بين الخس والخصوبة، واكتشفوا أن زيت الخس يزيد من القوة الجنسية لاحتوائه على فيتامين هـ بالإضافة إلى بعض هرمونات التناسل.

الملانة عرفها لمصري القديم 
ومن الأطعمة التي حرص قدماء المصريين على تناولها أيضًا في الاحتفال بعيد "شم النسيم" نبات الحمص الأخضر، وهو ما يعرف عند المصريين باسم "الملانة"، وقد جعلوا من نضوج ثمرة الحمص وامتلائها إشارة إلى مقدم الربيع.

عقود الياسمين 
وختم شاكر تصريحاته قائلًا، من بين تقاليد شم النسيم المصرية القديمة التزين بعقود من زهور الياسمين وهو محرف من الاسم المصري القديم "ياسمون" وكانوا يصفون الياسمين بأنه عطر الطبيعة التي تستقبل به الربيع، وكانوا يستخرجون منه في موسم الربيع عطور الزينة وزيت البخور الذي يقدم ضمن قرابين المعابد عند الاحتفال بالعيد. 

الفسيخ وشم النسيم
ومن ناحيتها قالت فاطمة عبد الرسول الباحثة في على الآثار بجامعة القاهرة، إن من مظاهر الاحتفال بعيد شم النسيم عند قدماء المصريين الخروج للحدائق والحقول تعبيرًا عن الابتهاج والسرور وأخذ طعامهم وشرابهم معهم.
ومن أحب الطعام إليهم في هذا اليوم السمك المملح "الفسيخ" المصنوع من سمك البوري، والذي بدأ الاهتمام به مع تقديس النيل وأظهر المصري القديم براعة في حفظ الأسماك وتجفيفها حيث اعتبره رمزًا للخير والرزق وتناوله في تلك المناسبة يعبر عن البهجة.

أما تلوين البيض فهو عادة قديمة حيث كان يزخرفه ببعض نصوص الدعاء باللونيين الأسود والأحمر ليلة العيد حتى يستجيب الإله لدعائهم. 

وأضافت عبد الرسول أن تلوين البيض كان يتم بألوان زاهية وبعناصر من الطبيعة مثل البقدونس والبصل الأخضر والبنجر لتلوينه باللون الأحمر، وكان له رمزية عند المصري القديم حيث اعتقد أن الكون في الأصل بيضة كبيرة الحجم انقسمت جزئيين السماء في نصفها العلوي والأرض في السفلى لذا اعتبروها أصل الحياة ورمز استمراريتها. 

وذلك كما ورد في طقوس معابد "بتاح "، حيث تظهر صورته في قصة الخلق يخرج من بيضة، فكان قدماء المصريين يتقربون إلى ربهم بتقديم البيض المكتوب عليها الأدعـية والصلوات تقدمة للمعبد، مع مرور الوقت وانتهاء زمن الكتابة بالحروف الهيروغليفية.