عودة التنظيم.. داعش يتحالف مع كوفيد19.. ويستدعى "إدارة التوحش".. ويطلق نفير "هجمات كورونا"

العدد الأسبوعي

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية


داعش يتحالف مع كوفيد 19، ويطلق «نفير كورونا».. فالتنظيم تجاوز الآن مرحلة دعاية «الإرشادات الطبية» و«التشفي» فى الخصوم كما فعل مع الصين وإيران فى بداية انتشار الفيروس، لينتقل حاليًا إلى خطة العمل «الحرب الشاملة مستمرة رغم تفشى الوباء». «لا تأخذكم رحمة بالكفار والمرتدين حتى وهم فى أوج محنتهم».. «شدوا الوطأة عليهم ليزدادوا ضعفًا وعجزًا».. أوامر داعشية بتكثيف الهجمات، واستغلال الوضع الهش أمنيًا فى محيط نفوذ التنظيم، ونفوذ فروعه «الأقوى»، استثماراً لانتشار الفيروس، فضلًا عن العمل على تحرير السجناء من مقاتلى الخلافة.

يستدعى داعش دستوره الحركى الأشهر «إدارة التوحش» بإنهاك الدول والحكومات، أثناء الأزمة، ويشدد على التزام عناصره باحتياطات الوقاية، لكنه يقدم أيضًا «الصك الشرعي» لهجمات كوفيد19: «دفع خطر الوباء بفريضة الجهاد».

التنظيم الذى يعيش حاليًا نوعًا من الانتعاشة الإعلامية لم يشهدها منذ سقوط «دولة الخلافة»، وزعيمها السابق أبوبكر البغدادى، فى ظل «الوباء»، يرفع الروح المعنوية لعناصره ومقاتليه، ويعلن كورونا «نقطة انطلاق» جديدة للتنظيم: «الكارثة التى حلت بالغرب وحلفائه ستضعف إلى حد كبير قدرتهم على شن حرب على المجاهدين فى الفترة المقبلة».

فى المقالة الافتتاحية للعدد 226 من صحيفة «النبأ» الأسبوعية والتى جاءت بعنوان «أسوأ كوابيس الصليبيين»، سعى داعش بانتهازية مطلقة إلى تحفيز جنوده مطلقًا إشارة البدء لموسم جديد من الهجمات ضد الغرب، ودول المنطقة، شبيهة بضربات باريس ولندن وبروكسل تحت وطأة كورونا، بما يشكل «ضغطًا على كاهل الحكومات، التى تنوء اليوم تحت ضغط توفير المزيد من احتياجات شعوبها».

ثم طرح التنظيم أيضًا ما يشبه تقدير موقف داعشى، قدم من خلاله استراتيجيته فى التعامل مع كارثة «الوباء» العالمى وما يترتب عليها، وفقًا لتصوره، من صعوبات اقتصادية وارتفاع فى معدل الجريمة وشيوع الفوضى، بحيث يتحول كل هذا إلى «فرصة» سانحة، يجب الاستفادة منها إلى أقصى حد.

«على العالم أن يستعد لهجمات تنظيم الدولة الإسلامية الذى يعتقد أنه قادر على استغلال الاضطراب الذى تسببه العدوي».. هكذا نبه التقرير الأهم الذى أصدرته مجموعة الأزمات الدولية حول تبعات كورونا، محذرًا أيضًا من تراجع الجهود الدولية لمكافحة الإرهاب تأثرًا بانتشار الفيروس، وخطورة ذلك خاصة بالنسبة للدول الضعيفة أمنيًا، التى تكافح أيضًا ضد تفشى الوباء على أراضيها: «أصبح من شبه المؤكد أن كورونا سيعيق جهود الأمن الداخلى والتعاون الدولى لمكافحة التنظيم، مما يسمح له بإعداد هجمات إرهابية ضخمة»، موضحًا أن الفيروس «أعاد ترتيب أولويات مقررى السياسة فى العالم، فتراجعت أهمية صراعات كانت تحتل حتى وقت قريب موقع الصدارة، بما فى ذلك الحرب ضد تنظيم داعش فى سوريا والعراق».

انسحاب «التحالف الدولي» من حدود دولة الخلافة الداعشية، سابقًا، تعاملت معه «الأزمات الدولية» أيضا كخطر قد يترتب عليه منح التنظيم «قبلة الحياة» فى معاقله المركزية، فقد «اعتمد منع ظهور داعش مجددًا فى سوريا والعراق على استمرار التعاون الدولى وتجنب نشوب نزاع جديد مدمر»، وعليه فغياب ذلك «يخفف الضغط عن فلول تنظيم «الدولة الإسلامية».

وأضاف أن «التحالف الدولى كان يوفر الدعم الجوى ومهام الاستخبارات والاستطلاع والمراقبة، وبعد إعلان دول التحالف سحب قواتها من العراق، خوفًا من انتقال عدوى كورونا، بما فى ذلك قوات المملكة المتحدة وفرنسا، وما يتصل بذلك من وقف تدريب القوات العراقية، أصبح على الدولة العراقية التى تصارع هى نفسها تفشى الوباء، أن تتصدى لاحتواء خطر مقاتلى داعش أيضًا بمفردها الآن».

واحتفى داعش بدوره أيضاً، بانسحاب قوات التحالف الدولى من العراق على خلفية انتشار الفيروس مؤكدًا أن «آخر ماتريده هذه الدول هو إرسال المزيد من جنودها إلى مناطق يحتمل انتشار المرض فيها»، كما أعقب توجهاته، تمردً بين سجناء التنظيم فى سجن الحسكة شمال شرقى سوريا، أسفر عن هروب عدد من عناصره.

فيما حذر التقرير الدولى من خطورة تكرار سيناريو الانسحاب فى العراق، أو من أن تتخلى القوى الدولية عن دورها فى مكافحة الإرهاب فى مناطق نفوذ داعشى أخرى، شديدة الخطورة أيضًا، كما فى غرب إفريقيا وحوض بحيرة تشاد ومنطقة الساحل الإفريقى، حيث من المرجح أن تزيد «الجائحة» من خطورة التنظيمات الإرهابية هناك، مؤكدا أن «الثمن سيكون باهظًا فى حال حدوث ذلك».

ونفذ مؤخرًا تنظيم «بوكو حرام» الفرع الأشرس لداعش فى إفريقيا، هجومين انتحاريين فى الكاميرون خلفا سبعة قتلى، وقبلًا، فى 25 مارس الماضى، وبالتوازى مع تفشى الوباء عالميًا، كان قد شن هجومين إرهابيين آخرين على قوات عسكرية فى كلٍ من تشاد ونيجيريا، أسفر الأول عن سقوط 98 جندياً وإصابة قرابة الخمسين، فى أحد أسوأ الهجمات على الإطلاق على الجيش التشادى، كما أسفر الثانى عن سقوط 75 عسكريًا نيجيريًا، جراء استهداف حافلات نقل للجيش شمال شرقى البلاد.

وذلك بالتزامن مع تعديل حجم ونطاق بعض أنشطة قوات «أفريكوم» الأمريكية لضمان وسلامة القوات، وفى ظل الإعلان أيضًا عن 4 إصابات بفيروس كورونا بين القوات الفرنسية فى منطقة الساحل الإفريقى.

وتعانى العديد من دول القارة الإفريقية وضعًا أمنيًا بالغ الضعف، بخلاف النزاعات العرقية، والصراعات القبلية، ووفرة السلاح والتحالف غير المشروع بين التنظيمات الإرهابية، وعصابات التهريب، وكلها عوامل توفر البيئة الخصبة للتنظيم الإرهابى فى القارة ويؤهلها لأن تكون ساحة نفوذ «بديلة» لعملياته وتوسعاته، وأيضًا قاعدة انطلاق متوقعة لعملياته فى الخارج.

وعلى الضفة الأخرى من العالم، شهد 25 مارس الماضى أيضًا، شن تنظيم «ولاية خراسان»، هجومًا انتحاريًا على معبد السيخ والهندوس «جوردوارا»، فى قلب العاصمة الأفغانية كابول، وأسفر عن 25 قتيلاً و8 جرحى، وذلك بعد احتجاز 150 رهينة داخل المعبد، وتبادل لإطلاق النار مع قوات الأمن لما يزيد على 6 ساعات كاملة.

ويأتى الهجوم بعد أقل من شهر من إبرام الاتفاقية التاريخية بين حركة طالبان، وواشنطن، وتنص على انسحاب القوات الأمريكية بعد 18 عامًا كاملة من أفغانستان، الذى أصبح يعانى من وضع سياسى وأمنى على الحافة.