د. بهاء حلمي يكتب: الكورونا تؤسس لنظام عالمى جديد

مقالات الرأي

د. بهاء حلمي
د. بهاء حلمي


كشف فيروس الكورونا مستوى ضعف وتضاؤل الدول العظمى بجيوشها وأسلحتها النووية والروبوتات الحديثة أمامه.

كما أنه كشف عن ضعف المؤسسات المالية والمصرفية كالبنك الدولى، وصندوق النقد الدولى وغيرها فى هذه الأزمة.

إن انهيار أسواق الأسهم الأمريكية والنزول بالفاتورة إلى الصفر، وعجز الحكومات الأمريكية والأوروبية عن تدبير المعدات والتجهيزات الوقائية البسيطة للأفراد، مما يشير إلى أن الدولار لم يعد الملاذ الآمن للتعامل.

لقد أعلن الرئيس الصربى عن خيبة الأمل لعدم وجود تضامن عالمى أو أوروبى بعد رفض تقديم يد العون لبلده وتزويده بمعدات طبية لمواجهة الفيروس، وقال إن بلاده عضوا بالاتحاد الأوروبى، وكانوا يضغطون علينا حتى لا نستورد من الصين، ولم تنقذنا إلا بكين التى بادرت بالدفع بفريق طبى من الخبراء للتعاون فى مكافحة تفشى الوباء، مع الإعلان عن استعداد الصين لتوفير المعدات الطبية اللازمة، فما كان من الرئيس الصربى إلا تقبيل العلم الصينى عند استقباله للفريق الصينى.

لقد فقد النظام العالمى أسس وآليات قيادة العالم، والتعامل مع الأزمات الدولية طبقا لميثاق الأمم المتحدة وأهدافه نتيجة تغيير استراتيجية الولايات المتحدة الأمريكية بعدما قامت بتهميش دور المنظمة الأممية، والتخلى عن الشراكة مع الاتحاد الأوروبى، والانسحاب الفردى من اتفاقيات المناخ والتجارة الحرة، وفرض تعريفة جمركية على بعض المواد، وشن حرب اقتصادية ضد الصين وكثير من دول العالم بغرض تحصيل الأموال لصالح الشركات الأمريكية تحت شعار (أمريكا أولا) هذا الشعار هو إعلان عالمى بتخلى الولايات المتحدة عند دورها من قيادة العالم، واعتماد سياسات جديدة تقوم على استخدام قوتها الاقتصادية والعسكرية فى فرض الأمر الواقع لجنى الأرباح فى ضوء العجز غير المسبوق فى موازنتها على الرغم من امتلاكها لمطابع الدولار الى يتوقع البعض انهياره قريبا.

لقد فشلت دول العالم المتقدمة فى إدارة أزمة كورونا، وتضاربت الآراء والتصريحات مما جع لأوروبا بؤرة تفشى للوباء، وذلك قبل أن يكشر الفيروس عن أنيابه فى الولايات المتحدة الأمريكية، بما زاد من معاناة المواطنين فى الوقت الذى لم ينجح فيه الكونجرس فى الاتفاق على الموازنة الجديدة.

فى الوقت الذى ضربت فيه الصين نموذجا فى العمل والالتزام بالصمت والانضباط، وإدارة الأزمة باعتبارها فرصة أيضا، وتصدرها بتقديم الدعم والمساندة للدول المختلفة لمواجهة أزمة كورونا.

إذا كان الاقتصاد الصينى فى المرتبة الثانية قبل أزمة كورونا، فالواقع يشير إلى أن الصين باتت تشكل قاطرة العالم الاقتصادية بعد هذه الأزمة، كما أنها سوف تساعد دول العالم على بناء نظام عالمى جديد يقوم على التبادل والمنفعة المشتركة، دون التدخل فى شئون الدول، اعتمادا على طريق الجديد، ولا نستبعد أن تكون الكورونا هى العملة الجديدة فى العالم بعد ربطها بالذهب (قاعدة الذهب).

ولكن يثار التساؤل هل سوف تستسلم الولايات المتحدة الأمريكية للواقع الجديد أم ستسعى إلى حرب كبيرة!

www.bahaahelmy.com