تعرف على دور كنيسة الروم الأرثوذكس في مواجهة كورونا

أقباط وكنائس

بوابة الفجر


وجه المطران عطا الله حنا رئيس أساقفة سبسطية للروم الأرثوذكس، رسالة لدور الكنيسة في مواجهة وباء الكورونا.

وقال حنا: "أبارك لكم بفترة الصوم المبارك، وقد منحنا إياه كتابنا العزيز كعطيّة مباركة، لنتخلّي عن كلّ استكبار مقيت فينا، ولنتّجه نحو تواضع العشّار وتوبة الابن الشاطر، ولا نطلب في هذا الزمن سوى الرحمة رحمة الله وبركاته، والرحمة صفة طيبة من صفات الله الحسنى والعظيمة والمنسكبة فينا وعلينا".

وأضاف: "أن يكون الله رحيمًا فهذا يعني أنّه المحبّة، وقد قال لنا يوحنّا الرسول بأن الله محبّة، فلا رحمة من دون محبّة، ولا حنان من دون محبّة، لعلّ أجمل ما نكتشفه معًا في بهاء الصيام، وفي ذروة الظرف الحالك والرّهيب الذي نمرّ به، لطف الله وطراوته بتلك المحبّة الفيّاضة والجيّاشة المتدفّقة كالمياه العذبة من لدنه الأكرم". 

وقال: "لا يدرك الرب يا أحبّتي فقط طقوسيًّا، مع التأكيد على غنى الكنيسة الأرثوذكسيّة بها، فهي بإنسيابها العذب فائقة الجمال، تعيننا على فهم إيماننا، وعلى تذوّقه بهذا الجمال عينًا، تمامًا حين ينظم شاعر كبير قصيدة رائعة مغناة، فتتلوّن وتتغلّف أبياتها بألحان جميلة تساعدنا على فهمها مغناة بصوت جميل تتلذّذ بسماعه آذاننا ويحفر عميقًا في نفوسنا".

وتابع: "مع اقتحام فيروس كورونا حياتنا وعالمنا، لا بدّ حتمًا من احترام الإرشادات الطبيّة الحامية لنا منه ومن تداعياته علينا، والتي تستند إليها الحكومات في العالم حتّى تحدّ من أضراره.، علينا أن نفهم وندرك في هذا المقام، أن مواجهته عبر تلك الإجراءات، تسقط أمام حالات الهلع والخوف المتراكمة في أحيائنا وبين بعضنا وفي قرانا ومدننا، مقاومة المرض، أيّ مرض كان، سواء كان تلقائيًّا أو نتيجة فيروس مصنّع، أو نتيجة تسمّم، يواجه بالتصميم الفكريّ والبشريّ وليس بالتلاشي والتزعزع، كما يواجه بالإيمان واليقين بأننا محضونون بالنعمة الإلهيّة بدءًا ومنتهى". 

وأوضح: "ترى في زمن الكورونا البغيض والكريه، هل سنفهم بأنّ يسوع المسيح يحثّنا لكي ننهض من هذا التخلّع الذي أصبنا به ليس نتيجة الفيروس المستجدّ بل نتيجة الخوف؟، الكنيسة يا إخوة هي المستشفى الروحيّ الكبير الموازي للمستشفى الجسديّ والطبيّ، جزء كبيرا من المعافاة يتمّ روحيًّا، وهناك أمثلة كثيرة في التاريخ المعاصر، والحديث عن مرضى تغلّبوا على أمراضهم بواسطة الإيمان والإصرار على كسرها، الخوف والهلع يجعلاننا أسرى الأسرّة والحجور التي يضعون مرضى الكورونا في داخلها".

وأكد: قبل حلول فيروس كورونا علينا ضيفًا ثقيلًا ومتوحّشًا للغاية، لاحظنا بأنّ العلاقات في مشرقنا بصورة عامّة، آيلة إلى التمزّق والتحلّل بالعمق القيميّ والروحيّ والوجدانيّ، ومنحصرة ومتحرّكة في الشقّ الماليّ والمصلحيّ، ولاحظنا تمزّقًا خطيرًا وبنيويًّا على مستوى الأسر في علاقة الأزواج ببعضهم والأبناء بالآباء والعكس أيضًا، لقد بدأنا نخلو من التلاقي الوجدانيّ داخل الأسرة الواحدة، وكان لصديقي العظيم المطران جورج خضر قول رائع، بأنّ المسيح يخاطب نفسه بين الرجل والمرأة وبين الأهل والأبناء، وفي مكان آخر قال سيادته أننا بتنا مسيحيين بلا مسيح، لكون التمزّق يجعلنا مسيحيين بلا مسيح، هذا التلاقي الطيّب بدوره نراه متلاشيًا في العالم وما بين الناس، والتلاقي يعبّر عن التعاطف والتعاضد والتآزر".

وتابع: صحيح يا إخوة أننا مدعوون لأخذ الحيطة والحذر والتطهّر بالتعقيم والنظافة، هذا دومًا ما ندعو إليه في الأيام العاديّة، فكيف ونحن في هذا الظرف الدقيق؟، الله بمحبته يدعونا دومًا إلى العافية والسلامة الشخصيتين، وهذا كما قلت يستدعي منّا أن نلازم بيوتنا مع استفقادنا لبعضنا، لا تقطعوا علاقاتكم ببعضكم، بل احفظوا بعضكم بعضًا برباط المحبّة والسلام، إحملوا أثقال بعضكم البعض كما قال بولس الرسول، فمن ينقص ولا أنقص أنا، ذلك لأنّ الخطّة المبيّتة بجزء منها هادفة لضرب وحدتنا في العالم لا سيّما في هذا المشرق.

واختتم: أوصيكم بالانتباه إلى صحتكم وعافيتكم لا تزدروا بها أمام فيروس الكورونا الخطير، في مقابل ذلك أيضًا لا تزدروا بإيمانكم وشهادتكم بالمسيح هنا في فلسطين وطنه وفي المشرق جسده، وازنوا بين العافية التي يأمرنا بها الرب، والشهادة التي هي خصوصيّة مقدّسة تعنينا بالقوة والفعل، إياكم أن تخافوا لأنّ الخوف يعميكم ويقتلكم معنويًّا وروحيًّا، فأجسادنا دائمًا معطوبة بالأمراض، المهم مكافحتها بالعزم والإرادة والانتباه، لا تجعلوا من هذا المرض مادة خوف من الآخر، فيصير لكم جحيمًا".