"الميزاب".. فكرة مصرية قديمة قلدها العالم عبر العصور (صور)

أخبار مصر

بوابة الفجر


رغم قلة هطول الأمطار في مصر عبر العصور حيث كانت لا تسقط إلا بكميات قليلة في الشمال، ولكن أحيانا كانت تسقط بغزارة، وأحيانا لدرجة السيول، كما فاجأتنا خلال عاصفة أمس الخميس، وعبر التقرير التالي يكشف لنا مجدي شاكر كبير أثريين، كيف واجه المصري القديم الأمطار والسيول بابتكارات انتقلت عبر العالم أجمع. 

حماية المقابر 
قال شاكر في تصريحات إلى "الفجر"، إن المصري القديم كي يحمي مقابرة في البدء جعلها بعيده عن مصادر المياه المحتملة مرافعة عن سطحها بكثير، بالإضافة إلى ذلك صنع العديد من مخرات للسيول لحمايتها، ويظهر ذلك في وادي الملوك حيث صنع هذه المخرات في أعلى الجبال كي يصرف المياه المتراكمة فوق الجبل إلى خارج الوادي، كما صنع بئر في مدخل المقبرة لتخزين المياه إذا تسربت إليها، ولم تضع تلك المياه هدرًا فقد صنع المصري القديم السدود لتخزين مياه الأمطار واستغلالها فيما بعد مثل سد الكفرة في حلوان والتي لا زالت بقاياه موجودة حتى الآن. 

تراكم المياه على أسطح المعابد
وقال شاكر: واجهت المهندسين أثناء تأسيس المعابد المصرية مشكلة وهي تكدس مياه الأمطار على الأسطح مما جعل مهندسوا الدولة الحديثة يفكرون في مخرج لهذه المشكلة فبدأوا في عمل نظام صرف للأسقف، فقاموا بتقـوية الوصلات المتتابعة الموجودة بين ألواح السقف بحيث تمنع تسرب مياه الأمطار والسيول إلى داخل المعبد وعمل أنابيب لتصريف المياه خارج جدران المعبد. 

وتابع: أصبح من المعتاد خلال عصر الدولة الحديثة أن لم يكن قبل ذلك قطع مجرى أو قنـاة مربعة نصفها في أحد الألــواح والنصف الثاني في لوح آخر ثم سد هذه القناة بواسطة سدادة، أو قطعة مستطيلة من الحجر حتى تحول دون تسـرب المياه بين ألواح السطح، بدلًا من وضع الملاط بين الوصلات الرأسية لألواح السطح أو تغطيتها بطبقة سميكة منه، وقد استخدمت هذه التقـنية في كل من معبد الملك سيتي الأول في القرنة ومعبد الرامسـيوم للملك رمسيس الثاني، ومعـبد الملك رمسيس الثالث في الكرنك. 

الميازيب وظيفة وطقس
وأضاف شاكر: أن المصري القديم ابتكر فكرة الميزاب (المزراب) لتصريف المياه من فوق أسطح المعابد، وظهرت تلك التقنية منذ الدولة القديمة في معابد عديدة مثل معابد أبو صير من الأسرة الخامسة واستمرت حتى العصور البطلمية والرومانية فنجدها في معبد حتشبسوت وإدفو ودندرة. 

وأوضح: تنوعت أشكال الميازيب فكان منها على هيئه أسود، والغرض العملي منها تصريف مياه الأمطار والسيول من فوق الأسطح وكذلك تصريف المياة وجميع السوائل الزائده التي كانت تهدر علي سطح المعابد في الطقوس والإحتفالات المختلفة. 

-أما الغرض الديني من الميازيب فهو حماية المعبد من قوى الشر والفوضى والأعداء وظهرت نصوص مصاحبة للميازيب لأول مرة في معبد خونسو بالكرنك ومنها نص يقول كلام يقال بواسطه الأسد (شنع) وشنع تعني الذي يصد أو يدفع، وهو إله من آلهة الحماية، حيث الميزاب على شكل أسد، ويقول النص أنا الذي يصد غضب الأعداء وفي موضع آخر يقول: "أنا الذي يبتلع العاصفة وأقذف بمياه السيول".

فكرة الميزاب انتقلت لبقية العالم 
وأضاف شاكر: يبدو أن فكره الميازيب الأسدية الشكل قد انتقلت إلى العالم كله من مصر القديمة، ففي أوروبا بالقرون الوسطى حيث وجدنا ميازيب القلاع والقصور بل حتى النافورات وصنابير المياه أخذت شكل رأس الأسد المصري الشهير، حتى نافورات العالم الإسلامي كبهو السباع في غرناطة اتبعت التأثيرات المصرية فخرجت مياهها من أفواه الأسود.