هل تدخل مصر ليبيا؟.. كبير الأثريين: عقيدة الجيش ثابتة منذ القدم "هاجم لتأمن"

أخبار مصر

جيوش مصر
جيوش مصر


لم يكن الجيش المصري جيش غزاة يومًا، ولكن حين يتحول الأمر لاستباحة حدود الدولة والاعتداء عليها وتهديدها، يلقى المعتدي حتفه في عقر داره، وهذا ما حدث عبر التاريخ، منذ القدم وحتى الآن.

وفي السطور التالية، يروي لنا كبير الأثريين مجدي شاكر، مراحل الجيش المصري منذ القدم. 

أول جيش نظامي في التاريخ 

يقول الخبير الأثري، مجدي شاكر، إن مصر امتلكت أقدم جيش نظامي في التاريخ، أسسه "نعرمر" أو الملك مينا، عام ٣٢٠٠ ق. م، أي منذ ما يقرب منذ 5000 عام مضت، واستمر مدافعًا عن حدود مصر، منذ هذا العصر القديم، فهي أول دولة في العالم، حددت بحدود معروفة ولم تتغير هذه الحدود، ولن تتغير بفضل الله أولًا، وبفضل حكام وجيش كان ولا زال محافظا على ذلك.

المصري أول من استخدم الاستراتيجيات في الدفاع والهجوم

وتابع "شاكر" أنه على أرض مصر، ظهرت ولأول مرة في تاريخ العالم القديم بأسره، فكرة الاستخدام الاستراتيجي للقوات المسلحة، والتي تأسست على قواعد تقسيم الجيش إلى ألوية وأجنحة، لكل منها استقلاليته، ولكنه في النهاية يعمل تحت إمرة قيادة مركزية واحدة، تخضع لأوامر من جهة عليا واحدة، وهذا التطور الحربي الهائل تم على يد ملوك الأسرة الثامنة عشرة.

وأضاف أنه في الدولة الحديثة بدأ المصريون تطبيق الأفكار الحربية والاستراتيجية، حيث لعبت المناورات دورًا حاسمًا في كسب المعارك لصالح الجيش المصري في ميدان الحرب، وكان الملك هو القائد الأعلى للجيش خلال عصر الدولة الحديثة، وكان يقود بنفسه الحملات والمعارك الحربية الكبرى.

وأشار "شاكر" إلى أن الحملات الحربية الصغرى كانت تُسند قيادتها إلى أحد كبار القادة العسكريين، وكان الوزير يشغل منصب وزير الحرب، ويحمل لقب "مساعد الحاكم"، وفي ميادين القتال كان فراعنة مصر المحاربين يستعينون بمجلس الحرب الذي يتكون من كبار القادة العسكريين في الجيش المصري.

تشكيلات الجيش المصري القديم

وأورد "شاكر" أن الوحدة الرئيسية في الجيش المصري تشكلت خلال عصر الدولة الحديثة من السرية، والتي كانت تنقسم إلى فصائل، ثم إلى جماعات، وتتكون الجماعة من عشرة أفراد، وكان قائدها يتلقى أوامره من قائد الفصيلة الذي يُعرف بقائد الخمسين، وكان الجيش خلال المعركة أو خلال الحملات الحربية الكبرى يقسم إلى عدد من الفرق أو الفيالق.

وأرد "شاكر" أن كل فيلق كان بمثابة قوة عسكرية كاملة تتكون من قوات المركبات "العربات الحربية"، وقوات المشاة، ويبلغ قوام الفيلق نحو خمسة آلاف مقاتل، وفي معركة قادش الشهيرة "1274 ق.م" في العام الخامس من حُكم "رمسيس الثاني"، كان قادة هذه الفرق أو الفيالق على الأغلب من الأمراء الملكيين وكبار الفرق أو الفيالق تحمل أسماء المعبودات المصرية الكبرى.

واستكمل أن الجيش المصري، تكون في العصر المصري القديم، في حقبته الحديثة، من قسمين رئيسيين، هما المشاة والمركبات الحربية، وكان سلاح المشاة دعامة الجيش لأن جنوده هم الذين يحتلون الأراضي المفتوحة، ويقيمون في الحصون لحراسة الطرق المؤدية إلى الوطن، والتي تؤدي إلى مواقع القوات، ثانيًا سلاح المركبات، فكما استخدمت مصر الخيول أداة من أدوات الحرب، استخدمت المركبات الحربية التي تجرها الخيول وذلك منذ عهد الملك "كامس"، وعهد الملك "أحمس الأول" محرر مصر من الهكسوس 

عقيدة الجيش المصري تحولت من الدفاع إلى الهجوم بعد الهكسوس

ونوه "شاكر" بأن عقيدة الجيش المصري تحولت إلى الهجوم، بعد أن كانت مقتصرة على الدفاع فقط، وذلك بعد تجربة الغزو الهكسوسي، حيث أدرك القادة أن تأمين الحدود يبدأ من تأمين محيط الدولة، أي أنها تبدأ من خارج الحدود، لذا خاض سقنن رع وكامس حربًا ضد الهكسوس، حتى تمكن أحمس الأول، من طردهم، وظل يلاحقهم حتى حصن شاروهين في فلسطين، وظل كل حكام مصر كذلك، حتى تولى تحتمس الثالث الحكم. 

قصة ملك قادش وغزو مصر 

واستطرد "شاكر" أن ملك قادش لم يكن يعلم أن تحتمس الثالث سياسته مختلفة عن سابقيه ألا وهي "خير وسيله للدفاع هي الهجوم" فهو أول من وضع هذه السياسة وليس نابليون بونابرت، فحين أردنا حماية حدود مصر من التهديد الخارجي أنشأنا للحدود حدودا تتمثل في إمبراطورية تحميها. 

واستكمل أنه ففي الشمال، تم بناء قلاع وحاميات مصرية بامتداد ساحل البحر المتوسط في مناطق فلسطين وسوريا ومناطق المرتفات، وفي الجنوب وسع تحتمس الثالث حدود مصر وسيطرتها حتى نبتا بجانب جبل بركل "على بعد حوالى 400 كم شمال الخرطوم الحالية"، وكانت ولا تزال حدودنا خط أحمر.

واختتم بأن ملوك مصر لم يجلسوا قابعين منتظرين الخطر داخل حدود مصر الداخلية، بل هبوا للدفاع عن محيط الدولة، حينما تهددها خطر عسكري، وهكذا ظل الجيش المصري، طوال عصوره محافظًا على محيط بلاده، مدركا أن حدوده الخارجية هي التي تحافظ على حدوده الداخلية.