هل انتشر التحرش قديما؟ مؤرخون: حالات فردية.. والإخصاء والحبس عقوبتها

أخبار مصر

بوابة الفجر


انتشرت ظاهرة التحرش بشكل كبير في مصر، في الأونة الأخيرة، وآخر ذلك، واقعة التحرش الجماعي بفتاة المنصورة، الأمر الذي ينذر بكارثة، في ظل عدم وجود عقوبات رادعة للمتحرشين.


وفي السطور التالية، حاولنا رصد وقائع تحرش في التاريخ المصري القديم، واستعرضنا أراء أساتذة وخبراء الأثار والتاريخ، في ذلك.


بداية يقول الأستاذ الدكتور أحمد بدران، أستاذ الأثار المصرية القديمة بجامعة القاهرة، إن المصري القديم كانت لديه قواعد وقوانين أخلاقية، وأهمها الماعت، وهي الصدق وعدم الكذب، والاحترام واحترام المرأة، واحترام الطفل الصغير، والتودد والتقرب من المعبودات. 

وتابع في تصريحات إلى "الفجر"، أن المصري القديم احترم المرأة، ووضع تماثيلها بالحجم نفسه بجانب الملوك والنساء التي قادت الحروب مثل تتي شير وغيرها، وحصلت المرأة المصرية على أرقى تعليم، وارتدت أرقى الأزياء، وتقلدت أعلى الوظائف في مصر القديمة، حيث تولت الملك، ومحافظ إقليم وكاهنة ومنشدة للمعبود وقائدة، غير أنها الزوجة الإلهية العظمى إيزيس رمز الوفاء، وحتحور رمز الحب والموسيقى، وباستت رمز الفرح والحب.

وأورد أن المرأة في مصر القديمة، هي نبت بر "ست البيت"، وهي عماد المنزل، ولم يفعل كالرومان فعندما كان يخرج للحرب كان يجبر الزوجة على ارتداء "حزام العفة" خوفًا عليها من الاعتداءات، وتعاليم الحكيم بتاح حتب هي أقدم تعاليم في العالم أجمع احترمت المرأة وفي الدولة الحديثة تعاليم إم أوبت، وكيف أن المرأة كان لها فضل عظيم سواء كأم أو زوجة.

ومن ناحيته قال الدكتور حسين عبد البصير، مدير متحف أثار الإسكندرية، إن حوادث التحرش الجماعي غير مثبتة في مصر القديمة، ولم يصلنا شيء سوى ما كان يحدث في التجمعات بين العمال في دير المدينة، في عصر الدولة الحديثة.

وأرد في تصريحات إلى "الفجر"، أنه كان من الممكن أن تقع مثل هذه السلوكيات بين العمال والعاملات الذين يعملون في وادي الملوك، والتي لاقت عقابا فوريا، وهو أمر لم يمثل ظاهرة، حيث حدث مرة أو اثنتين، والتحرش وما شابه هي سلوكيات لم يقبلها أو يبررها المجتمع المصري القديم إطلاقًا، ولم ترد لنا في النصوص.

وفي السياق ذاته، قال شريف فوزي، المنسق العام لشارع المعز لدين الله الفاطمي، إن لفظ تحرش الجنسي لم تعرفه المصادر التاريخية في العصر الإسلامي، فهو مصطلح حديث، ولكن كان اعتداء وزنا، وقد رصدت عدة مصادر تاريخية، مثل هذه الحوادث وعقوباتها التي أقل ما يقال عنها أنها كانت رادعة.

وروى "فوزي" ثلاث حوادث، الأولى والثالثة كانت بعقوبتين، والثانية لم تذكر المصادر التاريخية عقوبتها، ففي أحداث عام 879 هـ 1474 م أمر أحد سلاطين المماليك بإخصاء شخص من الأتراك، لاغتصابه بعض مماليكه صغار السن، الذين كانوا يعملون لديه، كعقاب حاسم ورادع للاعتداء الجنسي. 

وأكمل أنه في العام نفسه، هاجمت طائفة من العربان "البدو"، ضواحي القاهرة واستولوا على ملابس النساء في الشارع، والنقود التي كانت بحوزتهن، وكانوا حوالي 20 رجلًا، يركبون الأحصنة"، ولم تذكر المصادر التاريخية العقوبة. 

واستكمل أنه في عام 822 هـ، هاجم عدد من العبيد، حمام النساء في ميت عقبة، وتم القبض عليهم جميعًا، وهذه تشبه حوادث التحرش الجماعي التي تحدث في بعض الأماكن العامة حاليًا، وقد تم حبس كامل المجموعة حسب ما أفاد المصدر التاريخي.

واختم "فوزي" قائلًا: مما سبق نتبين أن الضرب بقوة على يد المتحرشين، واحترام المرأة وتقديرها، كان سمة العصر، وكذلك عدم وجود عقوبة ثابتة دائما، فكان كل سلطان يبتكر العقاب المناسب حسب الحدث، ولكن لم يمر التحرش أو الاعتداء من دون عقاب رادع، وقد يكون هذا هو السبب في ندرة هذا السلوك.