"وصمة العار".. خطايا الأهالي في التعامل مع المرضى النفسيين

تقارير وحوارات

بوابة الفجر


إكتئاب، إنتحار، قتل، كراهية المجتمع، العبوث، الوسواس القهري، جميعها وجوه لعملة المرض النفسي، التي أصبات أعداد كبيرة من الشباب في الأونة الأخيرة، فكل يوم هناك حالات انتحار متكررة.

 

منذ أيام قليلة، أستيقظت منطقة شبين القناطر، على خبر وفاة "محمد .ن" البالغ من العمرثلاثة وثلاثون عامًا، المقيم في كفر أبو أسد، أسفل عجلات القطار رقم 368، المتجه إلى القاهرة.

 

وعليه توجه  اللواء طارق عجيز مدير أمن القليوبية تلقى إخطارًا من الرائد ايمن سليمان رئيس مباحث مركز شرطة شبين القناطر، يفيد بإنتخار شخص قام بإلقاء نفسه أمام أحد القطارات، مما أودى بحياته بالقرب من محطة سكك حديد شبين القناطر أمام المحكمة دائرة المركز، وهلال معاينه مقر الواقعة تبين أن الفقيد ألقي بنفسه فقب تحرك القطار بحوالي ربعمائة متر، فتوفي أثر إصابته بانفصال الرقبة عن الجسد وتم نقل الجثة لمشرحة مستشفى شبين القناطر، لتخضع لتصرف النيابة العامة.

 

أوضح والد القتيل في المحضر، الذي حمل رقم 10220 إدارى مركز شبين القناطر، أن ابنه المتوفي، مريض نفسي ويعاني من حالة اكتئاب حادة ويخضع للعلاج لدى أحد الأطباء النفسيين ولم يشتبه فى وفاته جنائيًا.

 

صرح الدكتور شوقى علام، مفتى الجمهورية، خلال جلسة طويلة، جمعته مع الدكتور، أحمد عكاشة، أستاذ الطب النفسي، مستشار رئيس الجمهورية للصحة النفسية والتوافق المجتمعي،  أن اللجوء إلى المتخصصين في علاج المرض النفسي، أمر حثت عليه الشريعة الإسلامية ودعت إليه؛ للتأكيد على أهمية العلم ودورة في إصلاح حياة المواطنين.

 

أوضح مفتى الجمهورية، أن دار الإفتاء تتوالي عليعا الكثير من الأسئلة والفتاوى التى تحتاج إلى الاستعانة بأهل التخصص كعلماء الطب، علم الاجتماع، علم النفس، والاقتصاد،  لذلك عادًة يلجأ دار الأفتاء للإستعانة بهم، ليكون الحكم الشرعى صحيحًا ومنضبطًا.

 

أشار شوقي علام، على ضرورة نشر الوعى المجتمعى بقضية المرض النفسى، وإصال معلومة أنه مثله مثل الأمراض العضوية، للمواطنين، معلقًا "المرض النفسى ليس وصمة تسيء إلى المريض ولكنه مرض كغيره يتطلب العلاج".

 

من جانبة قال أحمد عكاشة أن المجتمع المصري لديه العديد من الاعتقادات الخاطئة بشأن المرض النفسي، فمثلًا هناك من يتعامل معه بأنه لا يُشفى، وهذا أعتفاد خاطيء تمامًا، ويبعد المئات من الأميال عن الوقائع العلمية؛ فالمرض النفسى كغيره من الأمراض العضوية له علاج وسبل مختلفة تصل بالمريض إلى الشفاء.

 

أضاف أحمد عكاشة، أنه هناك  حملة وطنية أطلقت لمواجهة ما يعرف "بوصمة المرض النفسى"، مؤكدًا أن الإحصائيات تشير إلى وجود أربعون بالمائة  من المرضى النفسيين، لجئوا إلى تعاطي المخدرات للهروب من أعين المجتمع الذي يهمشم، ينبذهم.

 

دائمًا ما يكون التعامل مع المرض النفسي هو أحد أهم سبل العلاج، فهناك العديد من الأسر المصرية التي تهرب من المرض النفسي، بإنتهاك خصوصية المريض، التعدي عليه لفظًا أو ضربًا، تعميش دوره في الأسرة، التنمر عليه، الزج به في المشكلات  العنيفة والمواجهات الطاحنة، في التقرير التالي تحاور "الفجر" عدد من الأطباء النفسيين الذين يرون طرق تعامل الأسر المصرية مع المرض النفسي .

 

طبيب نفسي: تعامل الأهل أهم عوامل شفاء المريض

 

قال عمر صلاح، طبيب نفسي، بمستشفى العباسية للأمراض النفسية وعلاج الأدمان، لـ "الفجر" إن تعامل الأسرة مع المريض هو أهم طريق للشفاء، فالتعامل المميز ورعاية المريض يجعلاه يشعر بالأمان من جديد والثقة والحب، معلقًا "دائمًا المريض النفسي بحاجة إلى الحنان".

 

 

أضاف عمر، أنه توافد عليه في المستشفى قبل أربعة أشعر، مريض يدع "خالد.ه"، في الثامنة عشر من عمره، كان مريضًا بالوسواس القهري، كان يشك بكل من حوله، يريد قتلهم، أو قتل نفسه، موضحًا أن هذه أحد أبشع صور الوسواس القهري، الذي فيعا يفقد المريض ثقته بمن حوله.

 

تابع الطبيب النفسي، أنه في هذه الأثناء تعامل مع والدته التي كانت تصحبه وأخذ يحدثها عن طريقة التعامل معه، والنحو الذي يسير فيه كل موقف، وكذلك الدواء الذي من المفترض أن يستمر عليه لشعر كامل ثم يأتي إليه ليتابع حالته.

 

"بعد ثلاث شهور خف تمامًا"، أوضح صلاح، أن أسرة المريض أخذت تفيض عليه الحنان، الإهتمام، الرقه في التعامل، الحنو، الرعاية، حتى أنه شوفي من أحد الأمراض النفسية التي يصعب علاجها وقد تستغرق سنوات عدة.

 

أبرز العوامل التي تؤثر سلبيا على حالة المرضى

 

أوضح، كمال محمود، إستشاري طب النفسي، في مستشفى القصر العيني، أن هناك بعض الأسر تتعامل مع المريض النفسي بكونة عار على الأسرة، وأنه يحرجهم إلا هذه المعاملة تزيد من الخالة المرضية، معلقًا "العنف عمره أبدًا ما بيجيب نتيجة لأزم نراعي المريض ونهتم بيه".

 

 

وذكر كمال، لـ"الفجر" أنه وفد إليه في أحد الأيام مريض يدعى "عثمان. ك"، البالغ من العمر أثنان وعشرون عامًا، والذي كان مريضًا بالإكتئاب الشديد، دلف إلى المستشفى برفقة أشقاءه  الذين كانوا يرغبون في حجزه داخل إحدى الغرف إلا أن حالته لم تكن تستدعي هذا الأمر، معلقًا"كان بس مكتئب جدًا يشعر بأن الحياة بلا قيمة".

 

تابع إستشاري الطب النفسي، أنه أخبر أشقاءه أن حالته مستقرة ولا يوجد أي خطورة عليهم، وأنه يجب أن يسعوا جميعًا لتوفير فرصة عمل له، موضحًا أن إكتئابه كان بسبب فقدانه العمل الهاص به وعدم قدرته على تحمل مسئولية نفسه، على أن يراه مرة أخري بعد شهرين.

 

أضاف، محمود، أنه أنتظر مرور الشهرين ليرى المريض، إلا أنه فوجيء به وقد أصابه مرض الصرع، بسبب تكرار ضربة بعنف من قبل أفراد أسرته، حتى أنهم لم يعطوا له الدواء الذي أخبرهم به، وأخذوا يخفون أخاهم المريض عن العيون حتى لا يصفه أحدهم بالمجنون.