من الكونستابل إلى المنسي "كيف وثق الفن بطولات جنود الظل"

الفجر الفني

الكونستابل والمنسي
الكونستابل والمنسي


أعلن المخرج بيتر ميمي عبر صفحته الشخصية بموقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، عزمه المشاركة في الموسم الرمضاني المقبل ٢٠٢٠ م، بمسلسل الاختيار الذي يستعرض سيرة الشهيد أحمد المنسي.


ويجسد شخصية الشهيد المنسي الفنان أمير كرارة في خامس تعاون له مع المخرج بيتر ميمي والثالث مع المؤلف باهر دويدار؛ ويأتي مسلسل الاختيار كأول عمل وطني عن القوات المسلحة في العصر المعاصر دراميًا.

وتميز مسلسل الاختيار من حيث الفكرة باستعراض قصص أبطال الظل، على عكس المتعارف عليه في الأعمال الحربية التي تتناول قصص القادة من ذوي الرتب العالية.

الاختيار .. تشابه أسماء وهذا شكل المضمون

جاء اسم الاختيار من حيث تشابه الأسماء فنيًا، مع فيلم أخرجه يوسف شاهين بنفس الاسم عام 1971 م من تأليف نجيب محفوظ وبطولة عزت العلايلي وسعاد حسني، وجمع فيلم شاهين ومسلسل المنسي مسألة البعد النفسي.

ففيلم يوسف شاهين يتحدث عن انفصام الشخصية بين الشقيقين، لكن المسلسل يناقش الأبعاد النفسي لزميلين في وحدة واحدة وهما الشهيد المنسي والإرهابي هشام عشماوي.

لكن تبقى الميزة الأهم في مسلسل الاختيار أنه دلالة على اتجاه صناع الفن إلى إظهار أعمال فنية توثق حياة أبطال لم تكن رتبهم بالكبيرة، حيث كان التركيز الأكبر دائمًا على توثيق قصص كبار القادة والرتب المتقدمة وأكثرهم شهرة.

وينضم مسلسل الاختيار من حيث مضمونه في استعراض قصص أبطال الظل البطولية إلى قائمة من الأعمال الأخرى التي استندت إلى قصص حقيقية.

‎جريمة في الحي الهادئ وقصة بطل حفظ وجه مصر

أبرز نموذج لأبطال الظل في الفن كان الكونستابل الأمين عبدالله أفندي الذي وصفته الصحف العالمية بالبطل الذي أنقذ سمعة مصر، حيث قام بالقبض على اثنين من منظمة شتيرن الصهيونية واللذين قاما باغتيال اللورد موين «الوزير البريطاني المفوض في مصر» عام 1944 م باعتباره أحد أبرز داعمي القضية الفلسطينية.

كان ‎الغرض من اغتيال اللورد موين هو وضع مصر في موقف محرج أمام سلطة الاحتلال البريطاني، إلا أن البطل الكونستابل الأمين عبدالله لم يترك لهم الفرصة؛ حيث كان متواجدًا بالصدفة في مسرح الجريمة كفرد أمن منتدب بدلاً من أحد زملاؤه، وفجأة سمع دوي رصاص ليجد اللورد موين مسطحًا وسط دمائه فهرع الكونستابل عبدالله وراء الجناة وطاردهم لمدة ٣ ساعات متواصلين وأسقط أحدهما بإصابة وتمكن من القبض عليهما وتسليمهما.
 
 
‎جاء توثيق قصة البطل الكونستابل الأمين عبدالله، من خلال فيلم «جريمة في الحي الهادئ» عام 1967 م، من بطولة  رشدي أباظة ونادية لطفي، وجسد البطل الكونستابل عبدالله شخصيته في الفيلم بنفسه؛ حيث اختاره مخرج العمل حسام الدين مصطفى لتجسيد شخصيته بنفسه وتمثيل الأحداث التي عاشها في الواقع.


‎بورسعيد .. فيلم وثق بسالة شعب وحكاية مورهاوس


جاء فشل العدوان الثلاثي كارثيًا على بريطانيا ومميزًا لأهالي بورسعيد، فبعد تمكن المقاومة الشعبية من دحر بريطانيا جاء فيلم بورسعيد عام ١٩٥٧ بتوصية من الرئيس الراحل جمال عبدالناصر والذي استدعى النجم الراحل فريد شوقي وطلب منه صناعة الفيلم.

رصد الفيلم قصص المقاومة الشعبية في بورسعيد، واستند إلى وقائع حقيقية أبرزها اختطاف رموز المقاومة الشعبية للملازم أنتوني مورهاوس ابن عم ملكة بريطانيا، والذي جسد شخصيته الفنان أحمد مظهر.
‎اشترك في فيلم بورسعيد نخبة كبيرة من نجوم مصر وقتها أبرزهم فريد شوقي وهدى سلطان وشكرى سرحان وتوفيق الدقن وليلى فوزي، ورشدي أباظة، وهو من تأليف وإخراج عز الدين ذو الفقار.


الطريق إلى إيلات .. ملحمة مشهورة لتفاصيل مغمورة

تفاوتت القصة الحقيقية لواقعة تفجير ميناء إيلات والفيلم المشهور «الطريق إلى إيلات»، والذي استلهم من القصة الحقيقية للتعرف على دور القوات البحرية خلال فترة ما بعد النكسة والتي ساهمت بدور فعال في حرب الاستنزاف.
لم يهتم المسلسل بقصص القادة الجدد الذين اختارهم الرئيس جمال عبدالناصر لإعادة بناء القوات المسلحة، وإنما تركز الفيلم على قصص من قامت على أكتافهم عملية البناء، وظل الفيلم محطة بارزة في مسيرة الأعمال الوطنية بالتسعينيات.

فيلم حرب كرموز يستلهم من حكاية مصطفى رفعت


‎شغلت مذبحة الإسماعيلية في 25 يناير 1952 م أذهان صناع الفن في مصر، فالكاتب أسامة أنور عكاشة صاغ حكايتها في رائعته ليالي الحلمية، ومن قبله وعلى نفس الدرب سار الفنان نور الشريف من خلال فيلم شوارع من نار.
وجاء فيلم حرب كرموز الذي تناول مذبحة الشرطة في الإسماعيلية مع تغيير في بعض التفاصيل المتعلقة بالمكان واستلهم من قصة اليوزباشي مصطفى رفعت الذي رفض تسليم موقع للجيش البريطاني قائلاً «لن تتسلمونا إلا جثثًا هامدة».

وادي فيران ينضم للقائمة دراميًا

على صعيد الدراما كان مسلسل وادي فيران عام 1998 م واحد من الأعمال الذي اهتم بالتوثيق لبطولات أهالي سيناء بعد النكسة، وكانت قصة المسلسل مأخوذة عن تفاصيل حقيقية أبرزها تاريخ منظمة سيناء العربية، وهي نفس المنظمة التي تكلم عنها مسلسل كلبش 3 للثلاثي بيتر ميمي وباهر دويدار وأمير كرارة.