"سابقنا الزمن وحققنا المستحيل".. الحوار الكامل مع فريق ترميم قصر الأمير يوسف كمال

أخبار مصر

بوابة الفجر


اليوم الأحد 29 سبتمبر.. شهدت محافظة قنا وتحديدًا مدينة نجع حمادي حدثًا تاريخيًا حيث تم افتتاح قصر الأمير يوسف للزيارة، وذلك بعد أن انتهت وزارة الآثار من ترميمه، وشهد الافتتاح الدكتور مصطفى وزيري الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، والدكتورة هالة السعيد السعيد وزيرة التخطيط، ومحافظ قنا اللواء عبد الحميد الهجان، وأجرت الفجر حوارًا عبر الهاتف مع أبطال العمل وهم المرممين المصريين الذين استطاعوا في مدة قليلة إنجاز هذا العمل.

وبدأنا الحوار مع محمد عبد العزيز المشرف على أعمال ترميم القصر بسؤال حول الصعوبات التي واجهت فريق عمل الترميم؟ .

فأجاب عبدالعزيز، أن الصعوبة الأساسية كانت في ضيق الوقت حيث كان المطلوب إتمام أعمال الترميم الدقيق، في حين كانت ضخامة الأعمال المطلوبة واتقانها تحتاج لوقت أكثر فتم الانتهاء من أعمال الترميم بالسلاملك "مبنى الاستقبال" ولم يتم الانتهاء من كامل أعمال ترميم الحرملك "مبنى الإقامة".

وأحد أكبر الصعوبات في القصر كانت في إزالة كميات كبيره من الرديم بحديقه القصر، وحول المباني والنزول بمنسوب الأرضيات بشكل عام للمستوى الأصلى لما كانت عليه المجموعه من قبل، إزالة التعديات الموجودة على القصر نظرا لاستخدام المباني فى فترات سابقة، النزول بمستوى المنطقة المحيطة بقاعة الطعام والفسقية لما كانت عليه في السابق، إزالة بعض الأشجار والنخيل التي نمت في فتره ما بعد الأمير يوسف كمال والتى سببت عائق لعملية الترميم والتطوير.

ما هي المراحل الأساسية لأعمال الترميم؟.
قال عبدالعزيز، إن عمليات الترميم انقسمت لقسمين الأول ترميم إنشائي وهو العناية بالمباني والأبنية وتقوية الأسقف وغيرها من أعمال إنشائية، والثاني الترميم الدقيق وهو ترميم الزخارف والنقوش وغيرها من العناصر الزخرفية في القصر.

والبداية كانت بعمل دراسة للموقع العام وتحديد ممرات الزيارة وتبليط الأرضيات بالرخام حول مبنى السلاملك، ثم كانت مرحلة ترميم المباني والتي اشتملت على استكمال الشرافات والعرائس "وهي الأشكال فوق الحوائط الخارجية للقصر" المبنية من الآجر "الطوب الأحمر" بالمبانى الأثرية وتم الاستكمال بنفس نوعية الطوب والمونة الأثرية.
 
كما تم معالجة التلف أسفل الجدران في المبانى الأثريه بنفس نوعية الطوب والمونة الأثرية، واشتملت تلك المرحلة على تكسير طبقات الملاط "المحارة" التالفة وطبقات المحارة بالأسمنت والذي تم الترميم به في مراحل سابقة، وإعادة تبيضها بنفس نوعية المونة الأثرية داخل جميع المبانى بالمجموعة.

كما تم إزالة الدهنات التالفة من بعض الحوائط الداخلية أو التي تم عملها بالنخالفة للقواعد الآثرية بمراحل سابقة وتم إعاده تبيضها من جديد طبقا للرؤية الأثرية، كما تم معالجة الأسطح الآثرية، حيث تم تعقيم الأسقف الخشبية وكذلك الكسوة الخشبىة التي تعلوها يعلوها لمقاومة التلف الحشري والنمل الأبيض، عزل جميع أسقف المباني ضد المياه، عزل الحرارى للأسقف باستخدام الفوم، عمل محارة بطبقة رقيقة أعلى طبقات الفوم بمونة الجير، تبليط الأسقف بالحجر المعصرانى أعلى طبقه المحارة الرقيقة.

وحول كيفية إنارة القصر قال محمد عبدالعزيز المشرف العام على أعمال ترميم القصر:-
تم إنشاء شبكة الخطوط الرئيسية التي تغذي المباني الآثرية والمبنى الإداري الحديث وتركيب اللوحات الخاصة بهم، كما تم تركيب الكشافات الخاصة بممرات الحديقة وكشفات النخيل والأسوار وكشفات المبانى من الداخل والخارج، وتم الانتهاء من تركيب اللوحة العمومية وتركيب محول خاص بالمجموعة الآثرية.

حماية القصر كيف ستتم وما هي الاحتياطات الحديثة التي تم استخدامها لحمايته؟
أجاب المشرف العام، أنه تم عمل شبكة إطفاء حديثة بالصناديق الخاصة بها فى الموقع العام وبجوار المناطق الأثرية، وتم عمل خزان أرضى بسعه 60 متر مكعب لتغذية شبكة الإطفاء وتركيب الطلمبات الخاصة بها، والانتهاء من تركيب شبكة الإنذار الآلى من حساسات للدخان وصافرات الإنذار. 

كذلك تم الانتهاء من تركيب الكاميرات على الأسوار من الخارج والداخل، كما تم الانتهاء من تركيب الكاميرات داخل المبانى الداخلية، كما تم عمل منظومة إنذار ضد السرقة داخل المباني الآثرية وربطها باللوحة الرئيسية ثم بلوحه التحكم.

هل هناك مباني حديثة تم إضافتها للقصر؟. 
أجاب أنه تم بناء مبنى خدمة زوار داخل المجموعة مكون من ثلاث غرف وست دورات مياه رجالى وحريمي وبوفيه، كما تم عمل غرفه للأمن والإكس راى للتفتيش، ومنفذ لبيع التذاكر وغرفة متابعة الكاميرات، كما تم استكمال السور الخارجى للقصر من ناحية النيل في منطقة مبنى الإصلاح الزراعي.

حديقة القصر كيف تم التعامل معها؟.
أشار إلى أنه تم الانتهاء من زراعة الورود والأشجار داخل حديقه القصر وحول المباني الآثرية في الأماكن المحددة لها بالمخطط العام، كما تم الانتهاء من زراعة المسطحات الخضراء بجنينة القصروحول المباني الآثرية بالأماكن المخصصة لها بمساحة حوالى 2000م وتم عمل شبكة ري حديثة بالرش.

وعن المرحلة الأهم من الترميمات وهي المرحلة التي تظهر للزائر والتي تجذب نظره، والمعول عليها في عملية الجذب السياحي، وهي عملية الترميم الدقيق، حاورنا فيها علاء خلف أخصائي ترميم بالقصر، وفي البداية سألناه ما معنى كلمة الترميم الدقيق؟. 
إن أعمال الترميم الدقيق هي كل الأعمال التي تهتم بالنقوش والزخارف من تقويتها وتثبيتها وإظهارها مع مراعاة كل الشروط والعوامل الآثرية واشتملت أعمال الترميم على عدة مراحل.

وأكمل خلف، أن أولى مراحل أعمال الدقيق كانت ترميم الواجهات بمباني وأسوار المجموعة، حيث تم تنظيف الواجهات من الأتربة والاتساخات وبقع دم الوطاويط ميكانيكيًا وكيميائيًا، معالجه الطوب الآجروتقويته وعزله، إزاله الطلاء الجيري من أعلى واجهات بيت نعيم والأسوار والمطبخ ومعالجتها وتقويتها وعزلها، إزاله الجرافيتى من واجهات الأسور والمباني ومعالجتها وتقويتها وعزلها.

وعن ثاني مراحل أعمال الترميم الدقيق قال خلف إنها ترميم المنحوتات والأرضيات الرخامية، حيث تم تنظيف المنحوتات والأرضيات الرخامية ميكانيكًا وكيميائيًا ومعالجتها وتقويتها، كم تم تنظيف الأحواض الرخامية والأرضيات ومعالجتها بالحمامات في مبنى السلاملك.

وثالث مراحل أعمال الترميم الدقيق تمثلت في ترميم الشبابيك الجصية "الجبسية والقمريات حيث تم الانتهاء من تنظيفها واستكمال الأجزاء الناقصة منها بنفس الطريقة التى نفذت بها، والانتهاء من عمليات التقوية لها.

رابع مراحل الترميم الدقيق قال عنها خلف إنها كانت أعمال ترميم البلاطات الخزفية، حيث تم الانتهاء من تنظيفها وتقويتها وحقن البلاطات التى بها تطبيل لتثبيتها جيدًا، وتم فك اللوحاتان الخزفيتان الموجودتين بقاعه السلاملك والمثبتين بتثبيت موقت بمسامير عشوائية وتثبيتهم تثبيت دائم لحمايتهم ومن ثم تقويتهم.

المرحلة الخامسة ترميم الأسقف الخشبية الملونة والمحاريب، حيث تم تنظيف الأسقف والزخارف وتقويتها وتثبيت القشور اللونية، وتم استكمال الأسقف بخشب البلسا والميكرو بالون، كما تم استكمال الزخارف التى لها دليل واضح بالأسقف، وتعقيمها ضد التلف الفطرى والحشري، ثم تقويتها بالكامل، كما تم استكمال المحاريب بخشب البلسا وتدهيبها كما كانت من قبل.

وماذا عن النافورة الرخامية بالقصر وهي أحد النوادر الأثرية من عصر أسرة محمد علي؟.
قال خلف إن أعمال ترميم النافورة الرخامية تمت على نحو علمي دقيق حيث تم توثيق النافورة ورفع أبعادها بالطرق العلمية، ثم تم نزعها بالكامل باتباع الطرق الأثرية، ثم تم عمل حامل للنافوره وعزل الأرضيه عزلًا جيدًا، وعمل شبكة المياه والصرف للنافورة، ثم معالجه قطع الرخام الخردة المنزوعة من النافورة من الأملاح والاتساخات وتقويتها وتم استبعاد التالف منها، ثم تم تركيب النافورة على الحامل الجديد كما كانت من قبل، وتم استكمال قطع الرخام الخردة المفقودة منها بنفس نوعية الرخام القديم. 

ثم كان لـ الفجر، لقاء عبر الهاتف مع تامر مرزق أحد المرممين التنفيذيين بالقصر، وكان أول سؤال له ما هي الأدوات المستخدمة في الترميم؟. 
فقال إن التنظيف الميكانيكي، وهو الذي يستخدم فيه أدوات مباشرة مع الأثر دون أي مواد كيميائية استخدمنا فرش الأسنان، وفرش سلك وقطن ومشارط دقيقة، وكذلك مواد كيميائية غير ضارة بالأثر مثل الكحول والأسيتون والتنروداي ميثيل مخففه لإزالة الاتساخات من علي الزخارف بالأسقف الخشبية، ونشارة خشب وغراء وزنق لاستكمال الأجزاء المفقوده في بعض الأسقف الخشبية.

وأضاف أن فريق ترميم القصر ضم عددًا من المرممين المهرة على رأسهم أخصائيين الترميم محمد عبد العزيز، وعلي عطا، ودعاء، وسيد مدير وحدة ترميم نجع حمادي، والدكتور غريب سنبل مدير الإدارة المركزية للترميم بوزارة الآثار، والمهندس وعد أبو العلاء رئيس قطاع المشروعات بوزارة الآثار، وكان هناك متابعة دؤوبة واهتمام عال من وزارة الآثار والمحافظة حرصًا على اتقان وسرعة الانتهاء من المشروع.

ويضم القصر أكثر من 500 قطعة آثرية، قام الأمير بشرائها من لندن وبلجيكا غيرها من البلاد الأوروبية، وكانت وصية الأمير أن يتم عرض مجموعته الآثرية في المتحف الإسلامي، ومنها حجرة نومه وأدوات للمائدة ومجموعة من الأطباق الخزفية والشوك والملاعق والسكاكين وغيرها من التحف.

ويتميز القصر بطرازه الإسلامي المستحدث متخذًا أسلوب بناء الواجهات بالطوب المنجور ذو التبادل اللوني كما في صعيد مصر ومدينة رشيد، وتم إعادة استغلال عناصر معمارية مستجلبة من عمائر سابقة مملوكية وعثمانية من الرخام والقاشاني والخشب ذو الزخارف النباتية والهندسية والكتابية بل منها نصوص تأسيسية وألقاب لأمراء مماليك بتجميع تلك العناصر في تصميم جديد مراعيًا الطراز الفني العام.

ويوسف كمال باشا من المرشحين لتولى السلطنة المصرية بعد السلطان حسين مع الأمراء أحمد فؤاد وكمال الدين حسين وعمر طوسون، وهو رحالة وجغرافى مصري، وكان له دورًا كبيرًا في الحياة الثقافية بمصر، حيث قام بتأسيس مدرسة الفنون الجميلة في العام 1905، وجمعية محبي الفنون الجميلة العام 1924، وشارك في تأسيس الأكاديمية المصرية للفنون بروما، واشتهر الأمير بالرحلات والصيد لذا نجد له بعض المؤلفات في الرحلات وتجميع موسوعة جغرافية عن إفريقيا وكذلك العديد من المحنطات للحيوانات والطيور التي قام باصطيادها.