"ماكرون" فى وادى الموت

العدد الأسبوعي

ماكرون
ماكرون


الرئيس الفرنسى يفكر فى الترشح لولاية ثانية واحتراف الكتابة بعد ذلك

ماكرون بعد عامين من الرئاسة: الديمقراطية فى أزمة والفرنسيون يحبون اغتيال قادتهم

التقت مجلة التايم الأمريكية الشهيرة، الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون، 3 مرات خلال عامين الأول كان عام 2015، وقتئذ كان ماكرون وزير اقتصاد شاب، 37 عاماً، ولديه خطط كبيرة لتشكيل سياسة جديدة، والثانى كان بعد عامين عندما أصبح رئيساً لفرنسا وأصبح لديه إمكانيات لتحويل خططه الحالمة لعمل فى الواقع، أما اللقاء الثالث فمنذ أيام فكانت عن الاستجابة الكارثية والعنيفة من جانب الفرنسيين لسياسته وقراراته.

بعد عام من الاضطرابات والمظاهرات التى نظمتها حركة السترات الصفراء جاء اللقاء الأخير بين «التايم» وماكرون الذى لا يبدو عليه أنه يعانى من مشكلات داخلية، ولكن بدا كرجل استعاد دور فرنسا الرائد كأحد اللاعبين الرئيسيين فى المشهد الدولى.

على مدار أكثر من ساعة جلس ماكرون مع المجلة لمناقشة إصراره على تغيير فرنسا، و كيف تخلى الغرب عن الطبقة المتوسطة، وكيف يقضى وقته.

بدأ الحوار ساخناً بالحديث عن «السترات الصفراء»، التى مثلت أسخن نقطة فى مشواره الرئاسى الذى انتصف، ماكرون قال إنه شعر بصدمة كبيرة لأنه شعر أن الدول الديمقراطية تسير فى طريق مسدود، كما فشل الاقتصاد العالمى فى تحسين أوضاع الطبقة الوسطى، وأصبحت الرأسمالية تعانى من أزمة فى الرأسمالية، كما أنه من الصحيح أن التقدم يخلق كثيراً من الفرص ولكنه يفجر أيضاً مشاعر، وأحقاداً، واضطراباً، يقتل وظائف ويخلق حالة من القلق لدى الكثيرين.

كان ماكرون معروفاً بـ«رئيس الأغنياء» المتعجرف، وهو ما رد عليه بأن هذا الأمر جزء من النظام الفرنسي،: «نحن فى دولة نحب القيادة ونريد أن نقتل القادة»، لكنه أكد أنه غير مهتم بهذه الأقاويل: « تم انتخابى، أنا أتولى المسئولية، أنا القائد، وبالتالى سأقود.. ولكن لدينا وادى الموت.. أنا فى وادى الموت. عندما تتخلص من النظام السابق تبدأ فى السير بطريق جديد.. ونهاية وادى الموت ستكون مع اليوم الذى نحصل فيه على نتائج».

يرى ماكرون، لم يشعر مواطنوه بالرضا عن النظام السابق، ولكنهم اعتادوا العيش معه، وهم لا يعرفون ماذا يريدون لأن نتائج ما تقوم به الحكومة لا يشعرون به، ولكن التحدى الذى يراه مهماً هو رغبته فى الاستماع إلى الفرنسيين بشكل أفضل من بدايته وللعثور على طريقة ليس فقط للنهوض بالدولة ولكن للنهوض معها.

ماكرون يفكر فى الترشح لولاية ثانية لأنه «لن أتوقف أبداً عن القتال لإقناع الفرنسيين بأهمية ما أقوم به»، يعى ماكرون أن الديمقراطيات تواجه أزمات متصاعدة منها انتشار خطاب الكراهية من الأطياف السياسية إلى وسائل التواصل الاجتماعى، والأخبار الكاذبة والشكوك المتزايدة فى المجتمع.

ماكرون تحدث أيضاً فى الحوار عن صداقته القوية بالرئيس الأمريكى دونالد ترامب الذى زار قصر الإليزيه 4 مرات، وجمعتهما محادثات هاتفية دورية، حيث لا يخفى ماكرون إعجابه بنظيره الأمريكى « عندما يلتزم ترامب بأمور معينة أمام ناخبيه، يقوم بها.. هذا الأمر أحترمه.. هذه هى الديمقراطية الجيدة.. إذا أردت من رئيسك أن يلتزم باتفاقية باريس المناخية، أو يقوم بإدارة الأمور بشكل مختلف، عليك إذا انتخاب من يقوم بمثل هذا السلوك.. وعندما يحدثنى البعض عن عدم قدرتى على تغيير طريقة تفكير ترامب. أقول لهم: فعلت أفضل ما لدى.. ولكن فشلت دائماً خاصة عندما يتعلق الأمر بالتزام تقدم به أمام ناخبيه».

يرى ماكرون أن ترامب يسعى دائماً لعقد صفقة، ولا يرغب فى شن حرب عندما يتعلق الأمر بالتعامل مع الأزمات الدولية، ولذا يؤمن الرئيس الفرنسى أن نظيره الأمريكى لا يريد حرباً مع إيران ولم يستجب للضغوط التى مارسها بعض الشخصيات الصارمة فى إدارته لتصعيد المواجهة مع طهران.

كان من الطبيعى الحديث عن علاقة ماكرون بزوجته بريجيت، مدرسته السابقة والتى تكبره بما يقرب من 25 عاماً واختارت «التايم» الحديث فى البداية عن الخلاف بين ماكرون ونظيره البرازيلى الذى تطرق لأمور شخصية وتورطت زوجته فى وسط هذا النزاع بعد سخرية الرئيس البرازيلى منها، وفى هذا الصدد قال ماكرون: «عندما يهين شخص ما زوجتك، فإن هذا الأمر غير مقبول.. لقد شعرت بألم عميق ليس فقط لغياب الرقى ولكن لغياب اللياقة.. عندما تكون قائداً، لا يمكن أن تصدر مثل تلك التصريحات».

تحدث الرئيس الفرنسى عن حياته الشخصية: «أخصص وقتاً لعائلتى، وقتاً لأفكر فى الأمور، التمشية، وممارسة الرياضة بشكل دورى مرتين أو ثلاثة فى الأسبوع، الملاكمة، كرة القدم، والجرى وساعة أو اثنتين للقراءة، وهو أمر لم أتوقف عنه على الإطلاق».

آخر رواية قرأها الرئيس الفرنسى هى «إغراء» للكاتب لوك لانج، كما قراءة سلسلة للكاتب دانييل روندو بعنوان «أسباب القلب» وتتحدث عن تطور أوروبا. وهذا الصيف، قرأ ماكرون كثيراً من كتابات ألبير كاموـ كما اعترف ماكرون أنه لايزال يمارس هوايته المفضلة وهى غناء «كايروكى»، ويفضل أغانى تشارلز أزنافور وجونى هوليداى.

وتلعب سيدة فرنسا الأولى بريجيت دور المنظم الرئيسى لحياته الخاصة، وحسب ماكرون: « فى بعض الأحيان، بالطبع لا تستطيع حضور بعض المناسبات المهمة فى العائلة.. ولكن زوجتى تنظم حياتنا بهدف رؤية الأبناء والأحفاد بشكل منتظم من أجل أعياد الميلاد والأجازات.. وهناك لحظات خاصة تجمعنا فى كل عيد ميلاد.. فى نهاية هذا الأسبوع، قضيت يوم السبت معهم، هذا أمر مهم».

تطرق الحوار مع مجلة التايم لكثير من القضايا و الملفات، حيث قال ماكرون إنه يفكر جدياً فى الترشح لولاية ثانية، كما تحدث عن حبه للكتابة والرواية التى بدأ فى تأليفها منذ عدة سنوات، لكنه لن ينشرها إلا عندما يشعر باكتمالها، كما لمح بإمكانية احترافه الكتابة بعد مغادرة المشهد السياسى.