اليوم.. مصر تستقبل وفود سياحية من الفاتيكان لإحياء مسار العائلة المقدسة

أقباط وكنائس

بوابة الفجر


تستقبل مصر اليوم الخميس، وفود سياحية من الفاتيكان، لإحياء مسار العائلة المقدسة، خلال سبتمبر الجاري وأكتوبر المقبل.

وينظم الفاتيكان أول فوج من الحجاج إلى مصر، في الفترة من 5 إلى 13 سبتمبر المقبل، وثاني وفد في الفترة من 3 إلى 11 أكتوبر المقبل، وتستمر لمدة 9 أيام.

ومن المقرر أن يزور الوفد أماكن مسار العائلة المقدسة، منها أديرة وادي النطرون، وكنائس مصر القديمة، وكنيسة السيدة العذراء بالمعادي، والمتحف المصري، بالإضافة إلى زيارة الأماكن الأثرية بالقاهرة وأسوان والأقصر والأهرامات وخان الخليلي، وزيارة وادي الملوك في الأقصر ومقبرة توت عنخ أمون ومنطقة سقارة.

وهى أحد أشهر وأعظم وأقدس رحلة فى التاريخ.. رحلة بأمر الله تعالى، هربت فيها العذراء مريم بوليدها من بطش الإمبراطور هيرودوس إلى مصر حيث الأمن والأمان.. رحلة أنقذت فيها الأم وليدها من بطش ملك جائر، وأنقذت بها الإنسانية من ظلمات الجهل والتدين الأجوف والعنصرية.

وبعد 2000 سنة أحيت مصر هذه الرحلة لتصبح مزارا أثريا وسياحيا من المفترض أن ينعش السياحة الدينية لمصر، ومن هنا بدأت الوزارات المعنية والمحافظات تأهيل 5 مزارات كمرحلة تجريبية من بين 25 مزارا تقع فى مسار رحلة العائلة المقدسة، تمهيدا لإتمام المشروع الذى اعتبرته الفاتيكان أيقونة حج لمسيحيى العالم الذين يقدر عددهم بـ2.3 مليار شخص فى العالم.

إحياء هذه الرحلة المقدسة يعد فاتحة خير للسياحة المصرية، فلو حسن استغلال هذا المسار المقدس لأمكن لمصر تنشيط السياحة الدينية وتشجيع الاستثمار، وجنت من ورائه الخير الكثير.

من رفح سيناء إلى قوصية الصعيد
2000 كيلومتر.. من الأراضى المباركة
جاء فى إنجيل متى أن ملاك الرب ظهر ليوسف النجار فى حلم قائلا: «قم وخذ الصبى وأمه واهرب إلى مصر. وكن هناك حتى أقول لك. فقام وأخذ الصبى وأمه ليلا وانصرف إلى مصر».

وكانت هذه هى بداية أقدس رحلة فى التاريخ، والتى هربت فيها مريم أطهر نساء العالمين بوليدها كلمة الله عيسى عليه السلام إلى مصر الأمن والأمان، ولم يسر الركب المقدس فى الطرق التجارية المعروفة آنذاك، وإنما سلكوا طريقا آخر جابوا فيه مصر طولا وعرضا، حتى لا يتعرف عليهم أحد.

وتؤكد المصادر التاريخية أن رحلة العائلة المقدسة لمصر استمرت لمدة 46 شهرًا، وامتدت لمسافة 2000 كيلومتر، بدأت من رفح بسيناء وانتهت بالقوصية بأسيوط، وقسمها العلماء إلى 3 مراحل:

المرحلة الأولى انتقلت خلالها العائلة المقدسة من العريش، إلى الفرما، وتل بسطة، ومسطرد، وبلبيس، وسمنود، وسخا، ووادى النطرون.

المرحلة الثانية: تنقلت فيها ذات العائلة من المطرية، وبابليون (مصر القديمة)، وميت رهينة، والمعادى.

المرحلة الثالثة فتضم كلا من البهنسا، وجبل الطير، والأشمونين، وفيليس، وقسقام، ومير، وجبل قسقام، وجبل درنكة.

والثابت تاريخيا أن العائلة المقدسة قد قضت فى بعض المدن أسبوعا أو بضعة أيام، وفى مدن أخرى شهرًا أو أكثر، أما أطول مدة فكانت 185 يوما قضتها فى جبل قسقام بالصعيد.

وبشكل أكثر تفصيلا تقول المصادر التاريخية إن العائلة المقدسة دخلت مصر هاربة من اضطهاد الإمبراطور الرومانى هيرودوس، عبر صحراء سيناء حيث مرت برفح ثم العريش، حيث توجهت إلى مدينة الفرما القريبة من بورسعيد التى تعنى باللغة المصرية القديمة «بيت آمون» والتى ما زالت تحمل آثارًا لتلك الرحلة، وأصبحت بعد ذلك مركزا للرهبنة، حيث إنها تعتبر أيضًا المحطة الأخيرة للرحلة المقدسة.

ومن الفرما توجهت العائلة المقدسة إلى منطقة تل بسطا بجوار مدينة الزقازيق، وهى من اشهر المدن المصرية القديمة، وكانت تسمى باستيت أى مدينة الألهة، وتروى المصادر التاريخية والدينية أن سيدنا المسيح طلب أن يشرب فلم يقدم له أحد الماء، فرسم المسيح دائرة بإصبعه على الأرض، فتفجر منها نبع ماء فشرب المسيح وشربت معه العائلة، وتم إنشاء كنيسة فى هذا الموضع.

ثم اتجه الركب المقدس إلى مسطرد حيث تفجر بئر ماء مقدس، وقامت السيدة العذراء باستحمام السيد المسيح لذلك سميت المنطقة بالمحمة، ثم اتجهوا إلى بلبيس بالشرقية حيث استراحوا تحت شجرة جميز ظل الناس يحجون لها حتى عام ١٨٥٠، وزارها نابليون بونابرت إبان الحملة الفرنسية على مصر فى نهاية القرن الثامن عشر.

ثم اتجهت الرحلة بعد ذلك إلى محافظة الغربية وتحديدا إلى مدينة سمنود، حيث استراحوا بها تحت شجرة جميز بنيت مكانها كنيسة للعذراء والشهيد أبانوب فى القرن الرابع الميلادى، وبها بئر ماء بجوارها ماجور من الصخر قيل إن العذراء عجنت فيه الخبز، ثم كنيسة باسم القديس ابانوب البهنسى يحج إليها المسيحيون يوم ٣١ يوليو احتفالا بمولده.

ثم اتجهوا بعد ذلك لقرية سخا، بكفر الشيخ، حيث يوجد حجر رملى طبع عليه قدم السيد المسيح، وتم إنشاء كنيسة بها، يحج لها المسيحيون سنويا يوم ٢٢مايو، ثم اتجهوا غربا وعبروا النيل عند دسوق واتجهوا جنوبا حيث محافظة البحيرة حتى وصلوا طرانة قرب الخطاطبة، ثم وادى النطرون فى منطقة برية، وكان يوجد بها نبع يسمى نبع الحمراء، وبه ماء مالح، إلا أنه نبع فى وسطها نبع ماء عذب ببركة إقامة العائلة، وهذه المنطقة أقيم بها ٥٠٠ دير تبقى منها أربعة هى أديرة أبومقار والأنبا بيشوى والسريان والبراموس.

ثم عبروا النيل جنوبا حتى وصلوا القناطر الخيرية بالقليوبية لتبدأ بعد ذلك المرحلة الثانية من الرحلة، حيث توجهوا إلى منطقة عين شمس والمطرية التى كان يسكنها حوالى 2000 يهودى.

واستراحت العائلة تحت شجرة «جميز»، وهناك حدثت معجزة أخرى حيث أخذ المسيح العصا التى كان يتوكأ عليها «يوسف النجار»، وكسر منها قطعة، وغرسها ووضع يده فى الأرض فنبع الماء وخرج نبات «البيلسان»، الذى يستخرج منه زيت البلسم، وهو نبات ذو رائحة ذكية ومازالت بقايا البئر والشجرة موجودة فى منطقة المسلة بالقاهرة والشجرة معروفة باسم شجرة مريم.

ثم اتجهت العائلة إلى المنطقة التى عرفت بعد ذلك باسم باب زويلة، وأنشئت فيها كنيسة العذراء وبها بئر ماء، ويحتفل المسيحيون فيها يوم 20 يونيو من كل عام، ثم توجهوا بعد ذلك إلى أبواب بابليون (مصر القديمة) حيث كنيسة أبى سرجه الأثرية المعروفة باسم الشهيدين سرجيوس وواخيس.

واختبأت العائلة المقدسة فى مغارة، حيث بنيت هناك كنيسة أسفل كنيسة أبى سرجة، ثم استقلت العائلة مركبا فى النيل للمعادى، واستقرت فى مكان تم إنشاء كنيسة العذراء به، ويوجد بساحتها السلم التى نزلت منه العائلة لتأخذ مركبا شراعيا لتعبر النيل للصعيد.

وهنا تبدأ المرحلة الثالثة من البهنسا حيث جبل الطير الأشمونين وقسقام، وجبل درنكة، وتم تأسيس دير العذراء بجوار جبل الكف وهى كنيسة منحوتة فى الصخر، وهناك حدثت معجزة جديدة حيث منع المسيح صخرة كانت ستسقط من الجبل، حيث مد كفه ليمنعها من السقوط، ولذلك سمى الجبل بجبل الكف كما أن شجرة من أشجار السرو سجدت عند مرور العائلة ومازالت، وتسمى بالشجرة العابدة وأوراقها خضراء مائلة على الأرض.

ثم اتجهت العائلة إلى الأشمونين واتجهوا لديروط بأسيوط، فالقوصية، ثم دير المحرق عند جبل قسقام والذى يعد من أهم محطات العائلة المقدسة، حيث قضوا بها ستة أشهر وعشرة أيام، وأسسوا أول كنيسة فى مصر والعالم بها.

ويوجد بها الآن دير العذراء، وبقايا الكنيسة الأثرية فى المغارة، وبها الهيكل الذى يوجد فى وسط مصر بالضبط، وتعتبر هى أول كنيسة كرسها المسيح بنفسه فى العالم وهى بيت لحم الثانية.

وتنتهى الرحلة فى جبل درنكة حيث أقامت العائلة فى مغارة منحوتة فى الجبل، وهناك ظهر الملاك ليوسف النجار وأمره بالعودة إلى فلسطين واستمرت هذه الرحلة ثلاثة أعوام وعشرة أشهر لتعود العائلة المقدسة بعد ذلك إلى فلسطين، وبدأت رحلة العودة من القوصية إلى المعادى عبر نهر النيل، ثم لحصن بابليون حيث كهف أسفل كنيسة أبوسرجة، ثم شمالا لمسطرد «المحمة»، ثم اتجهوا إلى بلبيس ثم القنطرة ثم فلسطين مرورا بغزة، حتى استقروا فى الناصرة بفلسطين.